طلبة نيوز-

د. مفضي المومني

اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تم تشكيلها مؤخرا والتي باشرت أعمالها وتشكيل لجانها ووضع توصياتها حسب الرؤى الملكية، التي وردت في الكتاب الموجه لرئيس الوزراء لوضع خطة إستراتيجية للسنوات العشر القادمة، يجب أن تنجح وتضعنا على الطريق الصحيح في إصلاح وتنمية قضية الموارد البشرية، من خلال محاور عدة أهمها النظام التعليمي سواء على مستوى التعليم العام أو التعليم العالي كونه المزود الرئيسي للموارد البشرية وهنا ولكي يتحقق الهدف يجب أن يصاحب عمل اللجنة، وان تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور التي أظنها أساسية ومهمة ومنها:
1- يجب أن تأخذ قرارات وتوصيات اللجنة والخطة التي ستضعها، منهجا استراتيجيا للعشر سنوات القادمة، دون التأثر بتغير الحكومات والاجتهادات والآراء الفردية والشخصية، إذ يجب النظر لنتاجات هذه اللجنة نظرة جدية وتنفيذها بكل ما فيها.
2- يجب عدم الاستعجال في الوصول لقرارات ووضع الخطة الإستراتيجية للعشر سنوات القادمة، بل يجب وضع الخطة بشكل محكم وان تأخذ وقتها في التعديل والمراجعة.
3- بعد وضع القرارات من اللجان الفرعية والرئيسية، يجب عرض ما تم التوصل أليه على أصحاب اختصاص محايدين أو الجهات التي ستتأثر بقرارات اللجنة لمزيد من المراجعة والتأكد من أن التوصيات وعناصر الخطة عملية ويمكن تطبيقها، وللتأكد من أبعادها ومشاركة الجهات المتأثرة بوضعها للتقليل من أي ردة فعل أو اعتراضات لاحقة.
4- اللجنة تعمل في مجال التطوير والتعديل والتحديث على أنظمة قائمة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار.
5- أن لا يكون هنالك قرارات وتوصيات ارتجالية تفتقر للموضوعية، وتتجاهل الأوضاع القائمة.
6- يجب أن تتضافر وتتكامل جهود اللجنة مع الجهود المبذولة في وزارة التربية والتعليم التي لديها لجان عدة قائمة تعمل في تطوير مناحي التعليم العام وكما اعلم لا يوجد ربط بينها وبين لجنة تنمية الموارد البشرية مع أن العمل تكاملي بينهما.
7- في مجال التعليم العالي، والذي يواجه تراجع كبير في شتى المناحي، وتغول الكم على النوع، وحالة الفلتان وعدم ربط مخرجاته مع متطلبات سوق العمل، وتدني المستوى بشكل عام، وعدم وجود جهود حقيقية لإصلاح التعليم العالي، حيث يقتصر الأمر على تمنيات وتنظير يعترف يها وزير التعليم العالي نفسه، يجب أن تؤسس اللجنة لإصلاحات على مستوى التعليم العالي، لتعيده إلى مساره الصحيح، وليساهم في تنمية وبناء الطاقات البشرية من منظور عالمي وليس منظور محلي ضيق، فالتنافس لمخرجات نظم التعليم العالي أصبح عالميا وقياس النجاحات يجب أن يأخذ المرجعية العالمية، وليس مرجعية الواجهات الإعلامية وحب الظهور والتغني بأشباه النجاحات، يجب أن نعود للتقييم الواقعي وان ننقد ذاتنا لا بل نجلد ذاتنا، بهدف الإصلاح وغير ذلك سنبقى نراوح مكاننا إلى أن نصل إلى الحضيض ونقطة ألا عودة.
8- هنالك ألآن مناقشة وعرض لقانون الجامعات الرسمية وقانون التعليم العالي، واعتقد انه يجب التأني في تمريرها وإقرارها تشريعيا، كون محور التشريعات والحاكميه للجنة تنمية الموارد البشرية لديها ما تقوله في هذا المجال، ولا أنسى بقية التشريعات التي تحتاج لتطوير في مجال العمل والتعليم وغيره.
9- من خلال اطلاعي على المحاور التي تعمل عليها اللجنة وشموليتها، لكن هنالك جهات أخرى غير وزارة التربية تعمل بمعزل عن عمل اللجنة وهذا مشتت للجهود، لذا يجب صهر كل الجهود ضمن مظلة اللجنة فقط.
10- تنمية الموارد البشرية إذا تم صياغة مفرداتها الإستراتيجية بشكل صحيح، ستحمل معها الإصلاح والتطور لجميع الأنظمة التعليمية ، والتي بدورها ستكون الحامل الرئيس للاقتصاد والمجتمع، فالأساس بناء الإنسان، ولنا في تجربة مؤسس سنغافورة الحديثة لي كوان يو وباني نهضتها والذي سمي (الدكتاتور الرشيد) حين طلب في بداياته وزير التربية وقال له أنا سأصلح لك القوانين والأنظمة وأنت أصلح لي الإنسان والنظام التعليمي وهكذا انتقلت سنغافوره من دولة فقيرة الى دولة متقدمة وباقتصاد حديث في مصاف الكبار، وهكذا تبنى الأوطان.
هنالك أمور كثيرة لا أظنها ستغيب عن ذهن القائمين على اللجنة، لكن ما أوردته هو من باب التذكير، والحرص على أن تترك أعمال اللجنة أثرا، وأساسا يضعنا على الطريق الصحيح، وان تتضافر وتتكامل الجهود وان لا تبقى مشتته، بين لجان لها أول وليس لها آخر، ومؤتمرات تعقد هنا وهناك توصياتها يعلوها الغبار في مؤسساتنا المختلفة، وقرارات فردية ارتجالية أوصلتنا إلى ما نحن فيه، نريد فعلا مؤثرا شاملا، يعمل على إيجاد تقدم حقيقي، في كل مناحي حياتنا. نتمنى ذلك....حمى الله الأردن.