TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التوكل على الله تعالى
12/06/2014 - 9:15am

طلبه نيوز
اقسام التوكل: (مجاله ومتعلقاته) (مراتبه):
1- توكل العبد على الله في استقامة نفسه وإصلاحها دون النظر إلى غيره.

2- توكل العبد على الله في استقامة نفسه، وكذلك في إقامة دين الله في الأرض ونصره، وإزالة الضلال عن عبيده،، وهدايتهم والسعي في مصالحهم، ودفْع فساد المفسدين، ورفْعه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

3- توكل على الله في جلْب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية؛ كالرزق والزواج، والذرية والعافية، والانتصار على العدو الظالم، أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية.

وبين القسم الثاني والثالث من الفضل ما لا يُحصيه إلا الله، فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حقَّ توكُّله، كفاه النوع الثالث تمام الكفاية، ومتى توكَّل عليه في النوع الثالث دون الثاني كفاه أيضًا، لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه ويرضاه.

4- توكل على الله في جلْب محرم؛ من إثمٍ أو فاحشةٍ، أو دفع مأمور به.

أهمية التوكل ومنزلته من العقيدة والإيمان والسلوك:
التوكل على الله خلقٌ عظيم من أخلاق الإسلام، وهو من أعلى مقامات اليقين، وأشرف أحوال المقربين، وهو نظام التوحيد وجماع الأمر؛ كما أنه نصف الدين والإنابة، نصفه الثاني، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، وهو مفتاح كل خير؛ لأنه أعلى مقامات التوحيد وعبادة من أفضل العبادات، وهو فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].

فإن تقديم المعمول يفيد الحصر؛ أي: وعلى الله فتوكلوا لا على غيره.

إن التوكل شرط من شروط الإيمان، ولازم من لوازمه ومقتضياته، فكلما قوِي إيمان العبد، كان توكله أكبر، وإذا ضعُف الإيمان ضعُف التوكل؛ قال الله - عز وجل -: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، وفي الآية الأخرى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].

فجعل دليل صحة الإسلام التوكُّل، وهو من أشرف الرُّتب وأعلى المقامات من أعمال القلوب، التي هي أصل الإيمان الذي هو أجلُّ وأعظم ما تُعِبِّد الله تعالى به، والتوكل من أجمع أنواع العبادة وأعظمها؛ لِما ينشأ عنه من الأعمال الصالحة، والتوكل مقترن بمراتب الدين الثلاث: (الإيمان والإسلام والإحسان)، وشعائره العظام، والتوكل مقام جليل القدر، عظيم الأثر، جعله الله سببًا لنيل محبَّته؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

وجمع الله بينه وبين الهداية والحق والدعاء.

التوكل أصل من أصول العبادة التي لا يتم توحيد العبد إلا به، جاء الأمر به في كثير من الآيات؛ مثل قوله تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]، وقوله - عز وجل -: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58].

وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، وفي حديث: ((أربع لا يعطيهنَّ الله إلا مَن أحبَّ: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع والزهد في الدنيا))؛ رواه الطبراني وهو في "اتحاف السادة".

وقال علي: يا أيها الناس، توكلوا على الله، وثِقوا به؛ فإنه يكفي مما سواه.

فائدة:
عندما نتأمل مقالة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - نجد أنه يربط التوكل بالثقة واليقين بالله، وإلاَّ فلا توكُّل ما لم يكن معه اليقين، واليقين هو أن العبد يعمل لله خالصًا، ولا يطلب به عرض الدنيا، ولا رضا المخلوقين، وأن يكون في نفس الوقت آمنًا بوعد الله، وهو الرزق، وقيل لبعض الحكماء: ما الفرق بين اليقين والتوكل؟ قال: أما اليقين، فهو أن تصدق الله بجميع أسباب الآخرة، والتوكل أن تصدق الله بجميع أسباب الدنيا، وقال لقمان لابنه: يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه أناسٌ كثير، فإن استطعت أن تكون سفينتك فيها الإيمان بالله وحَشوها العمل بطاعة الله - عز وجل - وشراعها التوكل على الله، لعلك تبحر، وعن سعيد بن المسيب قال: التَقى عبدالله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن مِت قبلي فالقني، فأخبرني ما لقيت من ربِّك، وإن مت، لقيتك فأخبرتُك، فقال أحدهما للآخر: أوَتلقى الأمواتُ الأحياءَ، قال: نعم، أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت، قال: فمات فلان، فلقِيه في المنام، فقال: توكَّل وأبشِر، فلم أر مثل التوكل قط، وأبشِر فلم أرَ مثل التوكل قط؛ أخرجه ابن منده، وأورده ابن رجب في أهوال القبور، والسيوطي في شرح الصدور.

ومما يدل على أهميته أن الله أمر به نبيه - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء قبله، وجعله شعارًا لعباده المؤمنين والثناء عليهم، ومن فضل التوكل في القرآن أن الله أمر فيه رسوله بالتوكل في تسع آيات، وكذلك أمر المؤمنين عامة بالتوكل، وكذلك التوكل خُلق الرسل جميعًا، وكذلك تبيين القرآن لفضل التوكل، وكذلك ورد فضل التوكل في السنة، فعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصَمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت، والجن والأنس يموتون)؛ رواه البخاري، ومسلم، وأحمد.

وعن الأوزاعي قال: كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك)، قال شعيب الأرناؤوط: ضعيف، أخرجه أبو نُعيم في الحِلية عن الأوزاعي مرسلاً، والحكيم الترمذي عن أبي هريرة، وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: (اللهم اجعلني ممن توكَّل عليك، فكفيتَه، واستهداك فهديتَه، واستغفرك فغفَرتَ له)؛ مروي في كنز العمال ومسانيد الجامع الكبير.

وصفة التوكل من أبرز صفات المؤمنين الجليلة؛ لأن اعتماد القلب على الأسباب الظاهرة واعتقاد أنها هي المؤثرة، يُخل بصحة الإيمان وسلامته، بل هو في حقيقته شرك بالله تعالى، والتوكل على الله تعالى سلوك نفسي وقلبي يقتضيه الإيمان الصحيح الماثل في ساحة التصور الموجه للسلوك، ومما يدل على أهمية التوكل حاجة المسلم إليه حاجة شديدة، وخصوصًا في قضية الرزق، أو كان صاحب دعوة وحامل رسالة، وطالب إصلاح، و مما يدل على أهميته أيضًا ضرورته للعبد وعدم استغنائه عنه طرْفة عينٍ من عدة جهات:
1- من جهة فقر العبد وعدم ملكه شيئًا لنفسه، فضلاً عن غيره من المخلوقين.

2- من جهة كون الأمر كله بيد الله تعالى.

3- من جهة أن تعلق العبد الزائد بما سوى الله مضرة عليه.

4- من جهة أن اعتماد العبد على المخلوق وتوكُّله عليه، يوجب له الضرر من جهته عكس ما أمَّله منه.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)