TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعات وأسئلة نهاية العام..!
03/08/2014 - 2:45am

طلبة نيوز-د. محمد القضاة

 
 
تمر الجامعات الاردنية في نهاية كل عام امام مرحلة تقييم صعبة، تثور معها الاسئلة المفصلية من داخل الجامعات وخارجها، وما يهمنا في هذا الاطار ماذا حققت الجامعات، أين كانت واين وصلت؟ وما الانجاز العلمي الذي سجلته على المستويين المحلي والاقليمي/ العالمي؟! ثم تعود الاسئلة إلى الوراء للبحث عن اصول المشكلة، وحين تقرأ الواقع الحقيقي للجامعات المالي والإداري والأكاديمي لا تدري من أي أي باب تدخل ومن أي باب تخرج! وهنا تقف الأسئلة حائرة أمام الكم الذي يطرحه الوسط الأكاديمي داخل هذه الجامعات، وأمام كم الخريجين الذين يبحثون عن فرص العمل، وأمام هذا كله جودة التعليم الفعلية!
 أعود إلى عام 2005 حين قررت الحكومة وبصورة مفاجئة تغيير سبعة رؤساء جامعات رسمية بطريقة درامية لم تعهدها الجامعات الرسمية، ومنذ ذلك الوقت والجامعات امام حقل تجارب غريب في اختيار القيادات الاكاديمية؛ وكأن الجامعة اي جامعة يستطيع اي عضو هيئة تدريس ان يقودها ويمضي بها الى حيث يريد، يحصل التغيير وتتبدل الأسماء، ويسقط بالبارشوت والواسطة من يسقط على الجامعات، والنتيجة كوارث لا تعد ولا تحصى، فلا تقدم يذكر، ولا مخرجات تتحسن، ولا احد يشعر انّ الجامعات تنتقل من الأسوأ الى الأحسن؛ وإنما العكس تمضي العجلة في الاتجاه المعاكس، حتى فقدت الجامعات بريقها وبوصلتها، وغدت وكأنها خالية من علمائها ومبدعيها؛ خاصة حين نرى غياب العلماء لصالح المنافقين وأصحاب الأجندة البغيضة، ولم يعد خافيا ذلك التهافت المريب الذي يقارفه بعض الاكاديمين في حق أنفسهم وأكاديميتهم وعلمهم، وهم يبحثون عن وساطة هنا أو هناك، وهي صورة لم نعهدها من قبل في الوسط الاكاديمي؛ إذ اصبحت ظاهرة مستشرية وتزداد يوما بعد أخر؛ وكأن الاكاديمي لا هدف له سوى ذلك الموقع الذي لا يبحث عنه، بل إنه يهمش صورته ويقلل من قدره العلمي والاجتماعي.
 ويعلم الوسط الأكلديمي أنّ الإدارات الجامعية هي المسؤولة عن توازن الجسم الاكاديمي، وحين يتسنم المكان من لا يستحقه تعيش الجامعات اجواء التخبط خاصة حين يتقدم من لا يستحق على حساب من يستحق والمواقع الادراية في جامعاتنا خدمة للعملية الاكاديمية والعلمية وليست ابراجا عاجية تمنح صكوك الغفران لهذا على حساب ذاك، ولا يمكن أن تعيش تلك الإدارات في ابراجها بعيدا عن الجسم الاكاديمي الذي يتندر على غيابها المستمر عن الحوار مع الاكاديمين في كلياتهم وأقسامهم، ويذكر لي كثير من الاكاديمين في عديد من الجامعات انقطاع التواصل بين أطراف المعادلة داخل معظم جامعاتنا الا في مجالس العمداء، وهنا نسمع نقدا قاسيا من بعضهم لهذه المجالس، والمؤسف أن المخرجات التعليمية تتراجع أمام انظار الجميع وكل طرف يرمي قرصه على غيره!
 إن واقع العملية الاكاديمية في بلدنا تفرض على الجميع المشاركة والتعاون والثقة كل من موقعه، وإذا استمرت المسألة على هذا الحال فان الجامعات تحتاج الى عمليات جراحية حقيقية تضع كل شيء في نصابه الصحيح، بعيدا عن لغة المحاصصة والنظرات الضيقة والأفكار المريضة والآراء المتشنجة والبحث عن المغانم الغريبة، أنه واقع يحتاج الى تفعيل أدوات الحوار وتأمين البيئة الاكاديمية المريحة للاكاديمي لكي يبقى في أجوائـــه الاكاديمية والعلميــة، ودور الاداري تسهيل العملية الاكاديمية برمتها، ومؤسف أن يعيش الاكاديمي على الهامش في حين يرى كل شيء حوله يتغير. ان التغيير المنشود هو تغيير في بنية التفكير في كيفية الانتقال من اجواء عدم الثقة الى بناء الثقة، الى الوثوق بالعلماء والاوفياء لرسالة الجامعة، بعيدا عن سياسات الإقصاء والتهميش والجغرافيا الكريهة، الى سياسات واستراتيجيات واقعية تتناسب مع أوضاع الجامعات وظروفها الاكاديمية والمالية.
 مطلوب من صناع القرار عدم الاستمرار في تهميش الجامعات والنظر اليها باستهتار يؤشر على فشل السياسات الاخرى؛ لان الجامعات هي الاولى بالاحترام والتقدير، وهي القادرة على احداث التغيير اذا احسن اختيار إداراتها بشكل علمي سليم، لا نريد ان نقلل من شأن الادارات الحالية فهم كأشخاص يستحقون التقدير؛ ولكن نختلف في كيفية إدارة الجامعات؛ خاصة حين يتحول العمل من رسم السياسات الكبرى والمستقبلية الى إدارة يومية لا تتجاوز ايام الأسبوع، وهو امرٌ يجب ان يسند للإدارات الصغرى؛ اذ لا يعقل ان يقوم الرئيس بكل شيء؛ وكأن الجامعة لا نواب فيها ولا عمداء ولا مدراء، وهذا أفضى الى غياب التخطيط الاستراتيجي الحقيقي لانشغال الادارة الكبرى بالأمر اليومي وطلاّب الحاجات والراغبين بالتوظيف من كل حدب وصوب، اقول: الجامعات تحتاج التغيير، وتحتاج الى تفعيل حضورها وصورها، والى عدم الارتهان للمنافقين وكتّاب الظلام، نعم الجامعات لم تعد قادرة على اداء دورها بسبب غياب الشفافية الحقيقية التي كانت أساس تقدمها، ونحن ندرك تماماً واقع اليوم الذي تعيشه الجامعات وحجم الضغوط اليومية وما يقارفه النواب من صخب ورغبة في تجاوز القوانين والأنظمة، ولكن هذا لا ينبغي ان يحول بوصلة الجامعات عن أهدافها والحق ان الوسط الأكاديمي امام سؤال جوهري ومفصلي، لحساب من تخرب سمعة جامعاتنا!!؟ 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)