TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعات والاقتصاد المعرفي وتحديات العولمة
03/01/2016 - 6:15am

طلبة نيوز

د. نضال يونس

الجامعات والاقتصاد المعرفي وتحديات العولمة..

ليس لدى جامعاتنا العقل الديناميكي في استثمار الطاقات البشرية بطرق التنمية المستدامة، فكل المهيمنين على الجامعات و اصحاب القرار فيها ، انحصر نشاطهم لمعالجة الازمات المالية في زيادة ايرادات الجامعة من رسوم الساعات الدراسية من خلال التوسع فى زيادة اعداد الطلبة المقبولين وعلى الاخص فى البرامج الدولية والموازى ، وتقليص الانفاق سواء اكان على صيانة البنية التحتية أم فى دعم برامج التدريب والتأهيل وحضور المؤتمرات الى التوقف عن التعيينات الادارية ، وحتى المشاريع الجديدة والأبنية المستحدثة يتم الصرف عليها من خلال المنح الخارجية.

الدولة من جانبها منحت الاراضى وساهمت فى اقامت البنى الأساسية لمعظم الجامعات الرسمية، وخصصت لها منحا سنوية لمساعدتها فى أدائها لمهمتها، لكننا لا نجد من بين رؤساء تلك الجامعات من يجيل نظره في الأفق ويقرأ المستقبل البعيد في إقامة "ثورة صناعية" كبرى تسهم فيها الجامعات بالتكامل مع القطاعين العام والخاص بشكل مباشر أسوة برؤساء الجامعات العريقة في امريكا وأوروبا التي اهتمت بسياسة الاستثمارات البعيدة المدى، وتحويل أي ابتكار إلى سلعة عالمية..

انظروا كيف أُديرت جامعة ولاية اوهايو وجامعة ستنافورد فى أمريكا وكيف توسعت تلك الجامعات فى دعم البحث العلمي وانشاء الحواضن الصناعية ودعم الشركات المبتدئة "Startups" ،والبحث عن شراكات مع اعضاء هيئات التدريس انفسهم فى اقامة الشركات، ومع كل تلك الخطوت كانت تنظر للعائد البعيد على النمو الاقتصادي وليس الآني، بينما جامعاتنا التي لديها الكثير من الطاقات البشرية المؤهلة للدخول في شراكات صناعية نستطيع بها تحريك الآلة ألاجتماعية والانتقال من الحياة التقليدية إلى المعاصرة تراوح مكانها، والمشكل ليس بالوعي بهذه الحقائق وإنما "بالتردد والخوف"في الإقدام عليها، لأن اليقين معدوم إذ لا تزال عقلية «الشغل على المضمون» هي السائدة، بمعنى أن إحداث تغيير في الأفكار وتبني فلسفة الاقتصاد المعرفي وراس المال المغامر "منعدمه"، إلا عند قلة ممن خرجوا من نطاق التفكير القصير إلى الأبعد بالرؤية، لكن لا تزال المشاريع الصناعية الخلاقة التى تنمو من رحم الجامعات "ميتة".

خذ مثلا الوود جوردن جي Elwood Gordon Gee رئيس جامعة ولاية اوهايو ومؤسس نهضتها الحديثة خلال الازمة الاقتصادية عام 2008 الذى كان له كبير الاثر فى دعم اقتصاد ولاية اوهايو حيث ساعد خلال فترة ترأسه للجامعة فى ايجا فرص عمل لما جامعة لما يزيد عن 40000 شخص، وفى عهده اصبحت جامعة ولاية اوهايو من افضل المراكز البحثية وحاضنة للمشاريع الصغيرة ،ومن اقواله المشهورة "اغلب رؤساء الجامعات يركزون على قضايا الطلاب واعضاء هيئة التدريس وينسون دورهم الكبير فى دفع عجلة الاقتصاد "، وهناك ايضا عميد كلية الهندسة فى جامعة ستانفورد في خمسينيات القرن الماضى تيرمان , Frederick Terman الذى يعتبر الاب الروحي لوادي السليكون فى أمريكا حيث شجع فريدريك اعضاء هيئة التدريس على المضى قدما فى انشاء الشركات كشركة هيويت باكرد المشهورة وقدم لهم كل التسهيلات المالية والقانونية اللازمة حتى غدا الوادى اعرق مكان لصناعات الكمبيوتر والرقائق و شركات الاتصالات الحديثة.
في عالمنا العربي، وفى الاردن على وجه الخصوص لا تزال وسائل تكرير النفط ، ومصانع البوتاس والأسمدة والاسمنت ، ومولدات الكهرباء وسيارات النقل وحتى استثمارات الطاقة البديلة وغيرها ، تستورَد قطعها كاملة، وليس هناك من يفكر بها كاستثمار بعيد المدى، ودعك من مصانع الادوية والمنظفات وأجهزة التكييف وهي ليست معجزة عندما نرى البلدان التى استثمرت في هذه الصناعات انتقلت من الاكتفاء الذاتي، إلى غزو السوق العالمي بأفضل المبتكرات والصناعات ما أجبر رؤوس الاموال ا العالمية على الاستثمار في هذه البلدان ونقل تجربتها والاستفادة من أرباحها.

السائد لدي جامعاتنا «الحذر الشديد » فى أي مغامرة استثماريه وهذا صحيح عندما كانت المخاطر من المغامرة فى الدخول بمشاريع اقتصادية تمثل فرصة لمجموعة من الانتهازيين والمستفيدين خدمة لمصالحهم ألخاصة فيما العصر الراهن يعيش مرحلة وفكر العولمة، وتداول الاستثمارات وعبور الثقافات والمعلومات، والأشد غرابة أن صناديق الاستثمار فى أغب جامعاتنا لم تخرج للاستثمارات بعيدة المدى، بل كررت تجربة الداخل بشراء العقارات والسندات والأسهم ، لكن التراجع الاقتصادي وكذلك الأسهم ، كلفها خسائر فادحة..
لقد أصبح الاقتصاد المعرفي الأداة الأولى للنمو الاقتصادي وهو الذى اعطى امريكا السبق والتفوق و الهيمنة، ودفع بالهند والصين وكوريا الجنوبية للنمو السريع، وهو الحافز الذي دفع أوروبا للتوحد، ولكنْ جامعاتنا ما تزال عاجزة عن المضى قدما فى هذا المجال، لان فاقد الشيء وكذلك المستولى عليه لا يعطيه!
صورة 1

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)