TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعةُ الأردنيّةُ تنبضُ حيويَّةً وحياةً بعودة طلبَتِها
05/10/2025 - 9:15pm

طلبة نيوز- مع إشراقة صباح اليوم الاحد، تتسلَّل نسَماتُ الخريفِ العليلة، فتغمرُ الحرمَ الجامعيَّ بنَفحاتٍ من الحيَويّة والإشراق، مُعلِنَة بدايةَ فصلٍ دراسيٍّ جديد يفيضُ بالأمل وينشُد التّطلُّعات، عاد طلبةُ الجامعةِ الأردنيّةِ إلى أحضان جامعتهم بعد إِجازة صيفيَّةٍ امتدَّت لأسابيع، حاملين في قلوبهم شغفَ اللِّقاء والحنين إلى القاعات، لتنهضَ الممرَّاتُ والردهات بوقع خطواتهم، وتُبعثُ الحياةُ في كلِّ زاوية بصدى أصواتهم، ولتزدان المقاعدُ بأحلامهم التي لا تعرف للمستحيل طريقًا، ويكتبوا بذلك فصلًا جديدًا في مسيرتهم الأكاديميّة، في رحلة جديدة تُزهر فيها الطّموحات وتترسّخُ فيها الأقدام نحو المستقبل.

عند بوّابات الجامعة المنتشِرة في مختلِف الاتّجاهات، يتدفَّق الطّلبةُ مثلَ أمواج البحر، يعبُرونها بخطًى واثقةٍ مُتيقِّنَةً مِن الدَّرب، وينغمسونَ في مكانٍ احتضنَ أعوامَهم الماضية، وحمل بصماتِهم، وصانَ أسرارَهم.

وما بين وجوهٍ مألوفة وأخرى جديدة، قلوبٌ تخفقُ حنينًا لأيّام مضَتْ، وتوقًا لِما ينتظرهم خلف تلك البوّابات، متسائلين عن المحاضرة التي ستُفتحُ لهم قاعتُها أولًا، وعن أيّ لقاء سعيد ينتظرُهم، وعن دفءِ الرّفقة التي اشتاقوا إليها.

مشاعرُ مختلِفة، تحمل نكهةً خاصّةً، تختلط فيها رائحةُ الكتب بصوت ضحكات الزُّملاء وأحاديثهم المتداخِلة، وفي موازاة ذلك، تجُول الأعيُن ما بين هنا وهناك؛ باحثةً عن الأصدقاء، فتحينَ اللّحظةُ المليئةُ بالسّلام والعناق الحارّ، تُغلِّفها أحاديثُ عابرةٌ عن مغامرات الإجازة، ليُطرحَ السؤالُ: "كيف كانت الإجازة؟ "، ويتكرّر عشرات المرّات في أوّل يومٍ مِن الدّوام، كما لو أنّه بطاقةُ شحن لإعادة الاتّصال بعد انقطاع دامَ طويلًا، فالجميع لديه قصص ليرويَها، ما بين سفر، وأنشطة اجتماعيّة، واستجمام مع العائلة، أو أخذ قسط من الرّاحة الوافِرة التي قد تصل ذروتُها لمواصلة اللّيلِ سهرًا، والنوم حتى ساعات متأخّرة من ظهيرة اليوم التّالي.

تستقبلُهم الباحاتُ التي تتفرّع منها الشّوارع الدّاخليّة، وقد استوقفتهم في صباحات مُمطرة وأخرى مُشمسة، كانت شاهدةً على ضحكاتهم وحواراتهم، تظلِّلهم أغصانُ السّرو وأوراق الأشجار، وترحّب بهم المقاعد الحديديّة والخشبيّة الموزّعة في الأركان، وكأنّها تدعوهم للجلوس عليها من جديد؛ لتستمع حكاياهم، كذلك أكشاك الجامعة التي عبقت برائحة القهوة في أول صباحاتهم، لا تزال على عهدها، تُؤنسُ انتظارَهم إلى حين تجهيز قهوتهم بنقاشات لا تنتهي.

وبين الممرّات وفي المكاتب الإداريّة، يلتقي الطّلبةُ بأعضاء الهيئتيْن التّدريسيّة والإداريّة والعاملين في المكان، الذين يستقبلوهم بترحاب ويغمرونهم حبًّا ومودّةً، وقد باتت ملامحُهم أكثرَ قربًا، وأسماؤُهم أكثرَ رسوخا في الذّاكرة، ليواصلَ أطرافُ الكلامِ مشوارَ رحلة مشترَكة، يسعى كلُّ طرفٍ فيها لتحقيق أهدافه الخاصّة، التي لا تتحققُ إلا بنهل العلم والمعرفة والخبرة العمليّة، يرافقُها العملُ الجادُّ الدّؤوب والحوارُ المتجدِّد، والطّموح نحو آفاقٍ أرحب.

وفي القاعات، إذ تستعيدُ حيويَّتها بحضور الطّلبة فيها، وإذ دفاترُهم البيضاء التي تفتح صفَحاتها لتستقبل فصلًا جديدًا من المعرفة، يتجدّد اللّقاء بأساتذة أجلّاء، منهم من غدَا رفيقَ دربِ المسيرة، يعرِف طلبته ويثق باجتهادهم، فيكونُ لهم كما القنديلُ المضيءُ، لِما تشيّده كلماتُه المحفِّزة من جسورٍ تربط بين المعرفة والغايات، تستعيدُ وهجَها مع بداية كلّ فصل، فتوقظ الهمّة، وتزرعُ العزيمة والإصرار، ومنهم مَن بدَت وجوهُهم مألوفة، وأضحى ما يعرفُه الطّلابُ عنهم من أساليبَ في المعاملة وطرائقَ في التّدريس جزءًا من تمتمات الطّلبة اليوميّة.

وفي قلوب الطّلبة أنفسِهم، تتجدّد الرّغبة في المُضي قدمًا، لمواصلة بناء جسر يربط الماضي بالمستقبل، وإن برزت بعضُ التّحديات في اليوم الأول، كإعادة تنظيم الوقت بعد أسابيع من الحرّية المطلَقة في اختيار مواعيد النّوم والاستيقاظ، والتكيّف مع الجداول الدّراسيّة، والالتزام في مواعيد المحاضرات اليوميّة والمتواصلة التي تتطلّب مجهودًا كبيرًا حتى يصلوا إلى التعوّد على جدول الوقت الجديد.

وما بين مشاعر جيّاشة وابتساماتٍ صادقة، تصدر أصدقُ الكلمات على لسان عدد من الطلبة الذين التحَقوا بجامعتهم مع بدء الفصل الدّراسيّ الجديد، معبّرين عن فرحتهم بالعودة إلى مقاعدهم الجامعيّة ومنجزينَ الوعدَ ببذل الجِدّ والاجتهاد.

قالت "حنين مزهر" الطّالبة في السّنة الثّالثة في كليّة الآداب: "إنّ العودة لأحضان جامعتي ليست مجرد استئناف للدّراسة، بل هي لقاء متجدّد مع الأصدقاء والأساتذة، ومع المكان الذي قضيت فيه أجمل الأوقات، حتى أصبح جزءًا منّي، كما أصبحتُ أنا جزءًا من جسمه الطّلابيّ"، مبدِيةً تخوّفَها من المسؤوليّات التي ستقع على كاهلها من موادّ جديدة وواجبات دراسيّة ومن التعوّد على أطباع مختلِفة للأساتذة.

أمّا "سارة فلاح" الطّالبة في السّنة الأولى في كليّة الملك عبد الله الثّاني لتكنولوجيا المعلومات، فتحدَّثت عن مواصلتها ساعات اللّيل الطّويلة حتى بزوغ فجر اليوم؛ لتتمكّن من الحضور إلى الجامعة والالتزام بمحاضرتها في وقتها المحدَّد، ومع ذلك،، فهي تشعر بحماسٍ لم تشعر به من قَبل، معلّلةً ذلك بشغفها للقدوم، ولقاء الأصدقاء والبدء معهم مرحلة جديدة من مشوار علمهم.

في حين أوضح "معتصم عدلي" الطّالب في السّنة الأخيرة في كليّة العلوم التّربويّة أنّ العودة هذه المرة مختلفة، لِما يشعر به من حزن لقرب موعد تخرّجه، ولِما ينتظره مستقبلًا، معبّرًا عن أمنياته في ترك بصمة في نفسِ كلِّ من عرفه من أساتذة وطلبة في الجامعة قبل أن يغادرَها يوم التخرج.

هكذا كانت عودةُ الطّلبة إلى جامعتهم، كما العصفورُ العائد إلى عشّه، مودِّعين عامًا مضى، ترك أثرًا في نفوسهم، ومنحَهم يقينًا بأنّ رحلتهم الجامعيّة هي من أجمل سنوات العمر، فلا عجب أن يُسابقوا الزّمنَ؛ لِيبدأوا فصلًا جديدًا من قصّة طموح لا تنتهي، عُنوانه: العزيمة والإصرار.

وهكذا ينتهي أوّل يوم دراسيّ بعد إجازة طويلة، مُحَمَّلًا بالذّكريات الجديدة والتطلّعات المستقبليّة، ليكونَ جزءًا مِن مسيرة حياة جامعيّة ثريّة، حيث يتعانقُ الحُلم بالعمل والمثابرة، يقطعُ فيها الطلّابُ خطواتِها في مكان أضحى بيْتًا لأمنياتهم، وفضاءً ينسجون فيه مزيدًا من القصص لتضافَ إلى سجلّ حكاياتهم القديمة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)