TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعة الأردنية ...بعد أنْ هدأت العاصفة أ.د. محمد القضاة
30/03/2016 - 4:15am

طلبة نيوز -

هذه الكتابة من الداخل وليست غزوا من الخارج، تعاين الواقع بعد ان شاهدت مقالات وكتابات وآراء أقل ما يقال فيها أنها لا تصلح للنشر، لتجاوزها الموضوعية والعلمية والصدق وأقول: لقد شغلت الجامعة الاردنية الكُتاب والقُراء على مدار أكثر من شهر، كانت فيها قطب الرحى وصانعة الأخبار، وقد تفرق الجمع بين مؤيد ومعارض، وبين منافق وانتهازي وصياد فرص، ومراقب وغاضب وفرح، الى اخر التوصيفات، وهو امرٌ طبيعي مع اي تغيير في قمة الهرم، وقد آثرت ألا أخوض في الكتابة طيلة الشهر الرمادي الذي اتسم بردات فعل وفعل معاكسة، وأقلام تدافع وأخرى تنتقد، وآراء متباينة، وهذا ايضا متوقع من الرابحين والخاسرين؛ لكن ما يهمنا اين الجامعة الأردنية في كل هذا المشهد؟ اين الأغلبية الصامتة التي آثرت الصمت وأتقنته ببلاغة غريبة؟ لماذا كل هذا الصخب الذي يرتدي نظرية المؤامرة؟ ألم يتم تغيير رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا ورئيس جامعة اليرموك؟ ولم نقرأ مثل هذا الصخب! ومع ذلك عادا بهدوء اعضاء هيئة تدريس كل في جامعته، ولم نقرأ إلا القليل مع ذلك التغيير! أليسوا رؤساء جامعات مهمة؟ ما هذا التضخيم والتباكي والنفاق؟ ولماذا كل هذه الهالة الإعلامية التي تسيء لمنظومة الأعراف الأكاديمية في الجامعة؟

 

رئيس الجامعة الاردنية السابق الدكتور الطروانه له كل الاحترام، وتحدث في أكثر من مناسبة أنه سيبقى مخلصا لهذه الجامعة ويقبل هذا القرار باحترام، وقد عمل مدته كاملة، واليوم يعود لعمله معززا مكرما أستاذا في كليته، وهو امرٌ طبيعي لأي أستاذ ينهي واجبه الاداري، وهنا أقول لكل الاقلام والآراء التي انتقدت قرار التغيير: ألم يعد ناصر الدين الأسد لمكتبه؟ ألم يعد وليد المعاني لمكتبه؟ ألم يعد خالد الكركي لمكتبه؟ الم يعد سلمان البدور لمكتبه؟ وهذا استاذ الأجيال محمد عدنان البخيت يعمل بهمة العلماء في مكتبه وقد تسلم أكثر من جامعة، والقائمة تطول جميع الرؤساء السابقين. أما الانتهازيون عليهم ان يتذكروا أنّ رؤساء حكومات ووزراء ومدراء عامين ورؤساء جامعات كُثر تمت اقالتهم، ولم ينهوا مددهم؟ ولم نشاهد مثل هذا الصخب الاعلامي مع رحيلهم! 

آن للكتابة ان تتسم بالموضوعية، وتترك المسألة لحجمها الطبيعي، المنافقون يجب ان يتورعوا عن الخوض في نظرية المؤامرة ؛ لأنهم لا يحافظون على مواقفهم ، وللحقيقة أُصبتُ بالذهول لحجم الانتهازيين الذين ما إن تم الإعلان عن التغيير في رئاسة الجامعة، حتى خلعوا ثيابهم، ومنهم من تراجع عما كان يكتبه ويضعه من صور في مواقع التواصل الاجتماعي، ولبسوا ثيابا جديدة بانتظار القادم، ومنهم من بدأ ينافق لأسماء مفترضة سواء بالاتصال او التقبيل أو السؤال او زيارات المجاملة.  

المسؤول الأردني السابق لا يحسد على المواقف التي يشاهدها بأم عينه ممن كانوا يتحلّقون حوله، ممن ينافقون وينقلبون ويرقصون للكرسي بغض النظر عمن يجلس عليه! وكل مسؤول سابق يترك كرسيه يرى بأم عينه كيف يتبدل هؤلاء ويتغيرون، وللاسف الانتهازيون والمنافقون لا خُلق لهم ولا دين غير مصالحهم، لا بل ان بعضهم يبدأ حملة معاكسة ضد من احتضنهم وقدمهم على رقاب الاوفياء والمخلصين الحقيقين، ولا انسى وانا واحد ممن تسلم ادارات أكاديمية كيف يحتفون بك وانت في منصبك، وكيف ينفضون من حولك حين تغادر، فلا تعجب يا صديقي اذا ما وجدت هؤلاء قد اصطفوا ضدك؟ 

اعود للجامعة بعد ان هدأت الحروف، وهربت المواقف وتباينت، وكثر الكتاب من خارج الوسط الاكاديمي، وبعد أن فاحت روائح المصالح لكي نقرأ هذه الفترة الرمادية بدروسها وعبرها، ولكي يعود العقل الى توازنه وصوابه، ولكي تعود الروح للجامعة وإلى الحروف والكلمات لاستنطاقها كي يشعر  الاستاذ والموظف أن لوجوده وعمله معنى، ولكلماته قيمة، وهذا لا يتم بمعزل عن لغة الحب والود والاحترام والحقائق والعلم. وعودة الروح يجب أن تدفعنا إلى انطلاقة جديدة تؤمن بالكيفية والنوعية والارتقاء بالعمل والفعل الإنساني من خلال فكر منفتح يؤمن بالانجاز  والابداع ورؤية الآخر وثقافته، ثقافة لا تعرف الانغلاق والخوف، وإبداع حي محترف، وشعور دافق بالحياة والإحساس.

عودة الروح أن تعود الجامعة إلى ذلك الزمن الحبيب الذي يدفع الجميع الى الحركة والإبداع والحوار والسؤال والألق والعذوبة ورصد الوعي والانحياز إلى كل ما هو نبيل، بحيث يعيدون للمكان قيمته وأكاديميته وأعرافه وتقاليده ووجهه وحيويته وحريته، وللاستاذ آفاقه وسماحته وصوفيته وإيمانه المطلق بمبادئه وعقيدته وهيامه بالمعاني السامية التي عرفها عبر  تاريخها الجميل، بعيدا عن خطاب القطيعة والجغرافية والشللية والنرجسيات الضيقة، خطاب اساسه العطاء والانتماء والعلم والمعرفة والجامعة بكل ما تعنيه الأردنية من معاني جميلة.

 عودة الروح تغذية للعقل والفكر وبديل للجشع والتعصب والأنا العليا، ويجب أن يعيشها الجميع أسرة متحابة لبناء سياج أكاديمي يرفض البغضاء والكراهية والغطرسة والظلم، ولنتأمل حالنا حين نعمل بروح الفريق الواحد كيف تبني الانسان والمكان، وكيف تحقق الجامعة إنجازاتها ومكانتها العلمية الرفيعة.

 عودة الروح يجب أن تعيد فينا معاني الوفاء للعلم والمعرفة والتذوق الجمالي الكامل للحياة، التذوق بالإحساس الرهيف، كي نحس في أثناء العمل أننا أمام طاقة عقلية توقد فينا شعلة الفهم في حين تخبو شعلة التذوق.

  ... وبعد علينا أن نعيد الروح إلى جامعتنا ومحاضراتنا وطلابنا وطموحاتنا، علينا أن نرد الاعتبار لمدرجات الجامعة وانشطتها الاكاديمية والثقافية كلٌ من موقعه، علينا أن نستوعب الدروس المحيطة بنا كي لا نعود إلى الوراء؛ إذ يكفي ما آلت إليه جوارحنا وثقتنا ببعضنا بعضا؛ وكأننا في الجاهلية الأولى حين كانت الصورة غائمة ولنتذكر عبيد بن الأبرص ونهتف معه:

      تَذَكرْتُ أهلَ الخيرِ والبَاعِ والنّدى،      وأهْلَ عِتَاقِ الجُرْدِ والبِرِّ والطِّيبِ

فهل نستفز قوى الخير والذاكرة، ونعرف معنى أن تكون أرواحنا عامرة بالحب والحياة، ونلهج مع ابن زيدون:

عاودت ذكرى الهوى من بعد نسيان       واستحدث القلب شوقا بعد سلوان

...علينا أن نعود إلى جامعتنا ومجالسنا وأوراقنا وأعوامنا التي انقضت حتى نعرف أين الزلل والخلل؟ وانه لا حرية مع الجهل، وان الإنسان بلا هدف إنسان بلا حياة، فهل نعي حقيقة عودة الروح كي لا تصدا النفوس وتغوص في الوحل والسكون المطلق. وتحية صادقة لكل مخلص وغيور في الاردنية.

التعليقات

عن الاغلبية الصامته (.) الثلاثاء, 03/29/2016 - 09:59

الاغلبية الصامته سيدي، صامته خوفا من بطش الرئيس و اعوانه الذين ما زالوا على مقاعدهم و الذين ينتظرون ردود الفعل ليقوموا باطاحة من يخالفهم بالرأي، سيتكلم الصامتون بعد تغيير جذري لاعوان الرئيس الحالي

توفيق (.) الثلاثاء, 03/29/2016 - 13:00

أحسنت واصبت دكتور محمد. هو النفاق بعينه آفتنا ومصيبتنا. وكل المصفقين المتباكين الآن لا بد وأن مواقفهم متغيرة بل وأنهم أول الطاعنين المغلوب على أمرهم. هو فن النفاق اذاً.

الليمون (.) الثلاثاء, 03/29/2016 - 13:20

كلامك مردود عليك بالنسبة لوصفك من استنكروا قرار عدم التجديد لعطوفة الدكتور اخليف الطراونة بالإنتهازيين.
أولاً يا سيد وأنت أحد الحاقدين، عطوفة الأستاذ الدكتور اخليف يستحق وبجداره التجديد لإنجازاته الواضحه والملموسه على ارض الواقع، ثانياً نحن لا نأسف على قرار عدم التجديد لأنه هذه مكافئة الحكومه للمخلص والوفي في وطننا الغالي كما ذكر سابقاً عطوفة الدكتور لكنا نأسف كثيراً على الطريقه السخيفه والخبيثه التي رافقت وهيأت قرار عدم التجديد وأنت تعلمها جيداُ.
وأخيراً أريد أن أنوه لحضرتك بأن أبا فيصل يعلوا ويعلوا ويعلوا على كل المناصب بأخلاقه وعلمه ورقيه وإنسانيته.

د. مهند حبطرش (.) الثلاثاء, 03/29/2016 - 17:43

شكرا د. محمد على هذه المقالة العميقة التي كشفت فيها عن كثرة المنافقين والانتهازيي الذي يصفقون للواقف والقادم من المسؤولين وسرعان ما يقلبون ظهر المجن لمن انتهت مدة صلاحيته الادارية . نحن بحاجة لمسؤول لا يقرب الا العاملين الناصحين الذين يعملون للمؤسسة والوطن قبل ان يعملوا لجيوبهم ومصالحم لان هؤلاء هم الذين يدمرون المؤسسات الوطنية بدلا من الارتقاء بها ..

بشير (.) الاربعاء, 03/30/2016 - 08:23

بارك الله فيك يا دكتور. وهدى الله الجميع إلى الطريق السويم. لا يمكن أن تقوم لنا قائمة الا اذا تخلينا عن النفاق الاعمى على الحق والباطل.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)