طلبة نيوز-

-بسم الله الرحمن الرحيم-

عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا تدعوا على أنفسكم،ولا تدعوا على أولادكم،ولا تدعوا على خدمكُم،ولا تدعوا على أموالكُم،لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم)رواه أبو داود بإسناد صحيح، وصححه الألباني،
لا يجوز الدعاء بالشر والهلاك على النفس والأولاد والأموالِ،
لما فيه من الاعتداء الذي ثبت النهي القرآني عنه في قوله تعالى﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾الأعراف، وإذَا كان الله سبحانه وتعالى،أخبر عن حلمه ولطفه ورحمته بالعباد أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أولادهم بالشر حال غضبهم وضجرهم،لأنه يعلم،سبحانه،أن ما صدر منهم غير مقصود منهم،قال تعَالى﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾يونس،
فهو سبحانه لا يستجيب في الشر،كما يستجيب في الخير لطفاً منه ورحمة،إذ لو استجاب لهم كلما دعوه به لقضي إليهم أجلهم وأهلكهم،
ومع ذلك فإنه ينبغي الحذر من الوقوع في مثل هذا الدعاء بالشر والإثم،خشية موافقة ساعة الاستجابة فيحصل الهلاك غير المرغوب،
ألفّ الناس أنه كلما غضب دعا على أولاده أدعية منوعة، إما بقصف العمر أو بالإفقار،أو بالغضب، هذه عادات سيئة جداً لا تليق بالمؤمن، يقول عليه الصلاة والسلام(الحلم سيد الأخلاق )
ويكاد يكون أكثر مشكلاتنا سوء تصرف، فلما الأب يكون كلامه قاسي جداً، دعاء دائماً على أولاده بالدمار، بالموت، بقصف العمر مثلاً فينشأ توتر،وإذا أصابه مكروه أنت سوف تتحمل نفسياً ومادياً متاعب هذا الشيء،
وأن تكون الساعة ساعة إجابة فيستجيب الله لك،
قال( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط الوجه وحسن الخلق )أخرجه البراز،والطبراني عن أبي هريرة،
فهذه العادة السيئة أنه الدعاء،عندما يسمع الابن هذا الكلام يزداد نفور،
يقول عليه الصلاة والسلام(لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )
ليس في الدنيا أهنأ من سماع دعوات الأم لأولادها،تتبتّل إلى الله ليوفقهم ويكرمهم،فدعوات الأمّ لأولادها سياج متين يحميهم،
وعناية ربّانية ترعاهم،ودرب مستقيم يسيرون عليه،
لكنّ بعض الأمهات،ينسين عاطفتهن وحنانهن الكبير على أولادهنّ فيغضبن لبعض تصرفاتهم،
فإذا بها عالجت خطأه بخطأ أكبر, فتنهال بالدعاء عليه،
وتوبيخه ولعنه،وهي لا تدري أن الذي بين يدها فلذة كبدها, تخاف عليه أن يصيبه مكروه, ولكنّها في لحظة واحدة تنسى كلّ شيء، تنس لياليها التي قضتها بقربه وهو صغير،تنسى حين تغضب لتنفجر بالدعاء, عليه والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول(لا تدعُوا على أَولادكم)
وجاء في تفسير القرطبي رحمه الله،في قوله تعالى(وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً)
دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له، اللَّهُمَّ أهلكه،فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك،
فهل تحبين أن تكوني سبباً في أذيّة ولدك،بدعاء تدعين به عليه في لحظة غضب, لخطأ ارتكبَه أو طيش شاب،
لا أظنَّ أمّاً ترضى بذلك ولو أنها فكرت لحظة واحدة بما تقول لبكت بكاء شديداً, ولجمت لسانها وضبطت عواطفها, ولربّما فعلت بنفسها شيئاً فكيف ترضى أن يُؤذى ولدها وتكون هي السبب،
قد يرتكب بعض الأولاد حماقاتٍ فلا ينتبهون لبرَّ والدتهم,وسماع كلامها, وربما يزعجونها ببعض تصرفاته الصبيانية،
أما الجزء الأوّل، فما ينبغي في مثل هذه الحال أن تستخدم الأم سلاح الدعاء وتصوبه على أولادها, ولكن تستخدم هذا الدعاء لتصوّب عمل أولادها وتبتهل إلى الله بالدعاء بالهدايه لهم،وليس عليهم،
فقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم،يتبسّم تبسّم المغْضَب, كناية عن حبٍّ ولكنْ فيه غضبٌ من بعض الأفعال,
فعن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلّفه عن غزوة تبوك قوله(فلما سلَّمتُ عليه تَبَسَّمَ تبسُّمَ المغضَب)متفق عليه،
وكذلك الأم تستطيع أن تستخدم دعاء المغضب وليس دعاء الغضبان,بأن تقول بنبرة صوتيّة تدل على الاستنكار(الله يهديك)
أما الجزء الثاني ،من الحل هو عدم اليأس من استجابة الدعاء,
فإنّ ذلك ليس مستحيلاً على الله سبحانه وتعالى،
وفي ذلك ورد الحديث الشريف فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال(يُستَجابُ لأحدِكم ما لم يَعْجَل، يقول،دعوتُ فلم يُستجبْ لي) متفق عليه،
والله لا أدري كيف يروق لأم أن تدعو على أولادها،
اللهم ارزقهم الحكمة والرفعة والعلم النافع والعمل الصالح وزين اخلاقهم بالحلم والدين،وثبت قلوبهم على طاعتك وأنر بصائرهم،
اللهم حسن أخلاقهم واملأ قلوبهم نوراً وحكمة،وعلِّق قلوبهم بالمساجد وبطاعتك،وارزقهم الصُحبة الطيبة،واحفظهم بحفظك من أي مكروه وشر وضرر،واحفظهم من الأسقام والأمراض،ومن الشيطان الرجيم،
اللهم عافهم في أبدانهم وأسماعهم وأبصارهم وأنفسهم وجوارحهم
وبارك فيهم ولا تضرهم ووفقهم لطاعتك وارزقني برهم.