طلبة نيوز-
د. منال غانم

تجتذب دوسيهات المواد الجامعية كثيراً من طلبة الجامعات، ويرون فيها خير معين على تحقيق النجاح في تلك المواد، بل الحصول على علامات عالية في كثير من الأحيان، ويعزف الطلبة عن الاعتماد على الكتب الجامعية الرصينة، والمراجع العلمية المفيدة. وهدف هذه المقالة بيان مدى الفائدة الحقيقية التي يحققها الطلبة من الاعتماد على مثل تلك الدوسيهات، وسيكون النموذج الذي يطرح هنا هو دوسيهات المواد العامة للرياضيات باعتبارها من أكثر الدوسيهات تداولاً بين الطلبة.
وقبل تناول مدى الفائدة التي يحققها الطلبة من تلك الدوسيهات، يبدو من المهم إبراز الأسباب التي تدعو الطلبة للاعتماد عليها، ويمكن أن يكون من أبرز هذه الأسباب ما ياتي:
1- مشكلة اللغة، إذ يعاني كثير من الطلبة من ضعف في اللغة الإنجليزية يجعلهم يجدون صعوبة في التعامل مع المراجع العلمية التي كتب أغلبها بهذه اللغة، ويرون في الدوسيهات التي تستخدم لغة عربية بسيطة حلاً لمشكلتهم مع اللغة.
2- تقدم الدوسيهات المادة العلمية بصورة تركز فيها على الخطوط الرئيسة للموضوع، ولا تدخل في تفاصيله كما تفعل المراجع العلمية، ويجد الطالب أنه بذلك يوفر كثيراً من الوقت.
3- تقدم الدوسيهات طرقاً خاصة لحل المسائل الرياضية، وذلك بالاعتماد على قاعدة تتصل بنوع المسألة يقوم الطالب بحفظها ، ويطبقها على المسائل المشابهة في الامتحان، وبذلك لا يبدو الطالب مضطراً إلى بذل جهد كبير في فهم طرق التفكير العلمية التي تقوده إلى حل المسألة كما هو الحال في المراجع العلمية.

وبالرغم من هذه الفوائد الظاهرة إلا أن نظرة متعمقة قد تجعل المرء يرى في نتائجها ضرراً على الطالب بصورة خاصة، وعلى العملية الأكاديمية بصورة عامة، ويمكن تلخيص هذه السلبيات بما يأتي:
1- يساهم الاعتماد على الدوسيهات إلى تأخر الطالب في التنبه إلى ضرورة البدء بالتعامل مع المراجع العلمية الأصيلة، وهو أمر سيضطر إليه لاحقاً في كثير من المواد في التخصص التي لا يمكن الاعتماد فيها على الدوسيهات، وهناك يجد الطالب نفسه مرهقاً، ولا يستطيع في كثير من الأحيان فهم المادة.
2- يفقد الطالب الذي يسعى فقط إلى فهم الخطوط الرئيسة للموضوع فرصة التعمق في هذا الموضوع، ومعرفة كثير من التفاصيل التي تساعده على الفهم وتوسيع مداركه، ويبقى معتمداً على الحفظ دون الفهم مما يؤثر في بنائه العلمي، ويظهر ذلك واضحاً في تقدمه في التخصص.
3- إن الاعتماد على قواعد معينة لحل الأسئلة المتشابهة لا تنجح في كثير من الأحيان، ولأن الطالب لا يدرك الآلية العقلية التي يتم بها الحل، والتي تشكلت منها القاعدة، يجد صعوبة كبيرة في حل بعض المسائل التي توجد بها بعض الحيل البسيطة، لأن القاعدة التي حفظها لا تعمل مع هذه الأسئلة بصورة تلقائية.
4- يكثر أن نرى اعتراضات الطلبة على تغير نمط الأسئلة التي يلجأ إليها أعضاء هيئة التدريس ، ولو كان الطلبة لا يعتمدون على الحفظ، ويفهمون الأسس العلمية التي تقوم عليها الأسئلة لما ضرهم تغير نمط الأسئلة، ولما تدنت نتائجهم حينها.
5- يفقد الطالب الذي يهمل الرجوع إلى المراجع العلمية الموثوقة فرصة التدرب على التفكير العلمي لحل المشكلات، إذ تمنحه تلك المراجع من خلال احتوائها على عدد كبير من الأسئلة التي تذكر إجابتها في نهاية المرجع فرصة لمراجعة حلّه والتأكد من صحة الطريق الذي سلكه للحل.
6- ومن المضار الواضحة للدوسيهات احتواؤها على عدد كبير من الأخطاء العلمية، فهي لم تخضع لتحكيم علمي رصين.
إن الاعتماد على الدوسيهات بالرغم مما يبدو له من فوائد، إلا أنه في حقيقة الأمر يضر بالبناء الأكاديمي العلمي للطالب، ويؤدي في النهاية إلى تخريج طلبة أقل كفاءة مما يهدف المجتمع، وذلك كلّه لا يساهم في التقدم العلمي والحضاري المنشود.

د. منال غانم
قسم الرياضيات
الجامعة الأردنية
m.ghanem@ju.edu.jo