TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الشهادات الصغرى والاعتراف بالتعلم المسبق: نحو تعليم أكثر مرونة ومواءمة مع سوق العمل
07/02/2025 - 11:30am

طلبة نيوز - كتب د. زياد أبو الرُّب - الجامعة الألمانية الأردنية

في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل والتطورات التكنولوجية، أصبح التعلم المستمر وتطوير المهارات من الضرورات الأساسية لتعزيز فرص الأفراد في التوظيف والتقدم المهني. في هذا السياق، برزت الشهادات الصغرى (Micro-Credentials) كأداة تعليمية مرنة تتيح للمتعلمين اكتساب مهارات محددة في مجالات متنوعة دون الحاجة إلى الالتحاق ببرامج دراسية طويلة. تُمنح الشهادات الصغرى عند استكمال وحدات تعليمية قصيرة تركز على مهارات عملية أو تقنية أو أكاديمية، وهي قابلة للتكديس، أي يمكن جمع عدة شهادات منها للوصول إلى مؤهل أكثر شمولًا. تُقدَّم هذه الشهادات من قبل الجامعات ومؤسسات التدريب ومنصات التعليم الإلكتروني، وتوفر للمتعلمين فرصًا لتعزيز مهاراتهم بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل.

في العديد من الدول، يتم العمل على تطوير أطر تنظيمية للاعتراف بالشهادات الصغرى وضمان جودتها. أما في الأردن، فقد بدأت هيئة الاعتماد وضمان الجودة لمؤسسات التعليم العالي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دراسة أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. تتجه الجهود نحو تعزيز أنظمة التعلم المستمر والتعلم القائم على المهارات، مع التركيز على أهمية مواءمة البرامج التعليمية مع متطلبات القطاعات المختلفة. و تقدم العديد من الجامعات الأردنية بالفعل برامج تدريبية قصيرة تساهم في تطوير مهارات الطلاب والخريجين، وهناك اهتمام متزايد بكيفية إدماج الشهادات الصغرى ضمن المسارات الأكاديمية والمهنية.

على المستوى الدولي، تبنت العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية نماذج الشهادات الصغرى لدعم التعلم مدى الحياة. في أوروبا، تعمل المفوضية الأوروبية على تطوير إطار للاعتراف بالشهادات الصغرى لتعزيز المرونة في أنظمة التعليم والتدريب، مما يتيح للمتعلمين فرصة توثيق مهاراتهم وإعادة توجيه مساراتهم المهنية بسهولة. في الولايات المتحدة، توسعت جامعات مرموقة في تقديم برامج شهادات صغرى عبر منصات التعليم الإلكتروني، مما يتيح للأفراد تطوير مهاراتهم وفقًا لاحتياجاتهم الشخصية والمهنية. في المنطقة العربية، هناك اهتمام متزايد بدمج الشهادات الصغرى ضمن أنظمة التعليم، بما يسهم في دعم جاهزية الخريجين لسوق العمل وتعزيز فرص التعلم المستمر.

إلى جانب الشهادات الصغرى، يُعتبر الاعتراف بالتعلم المسبق (Recognition of Prior Learning) أحد العناصر الأساسية لتعزيز فرص الأفراد في توثيق مهاراتهم ومعارفهم المكتسبة من الخبرات العملية أو التعلم الذاتي. ويتيح هذا النظام إمكانية تقييم وتوثيق المعرفة والمهارات التي تم اكتسابها خارج الأطر الأكاديمية التقليدية، مما يسهم في توسيع فرص التعليم والتدريب أمام شريحة واسعة من المتعلمين والمهنيين. ويعد الاعتراف بالتعلم المسبق خطوة مهمة نحو تحقيق تكافؤ الفرص وتمكين الأفراد من الاستفادة من خبراتهم بطريقة رسمية ومعترف بها.

يتطلب تعزيز التعليم المستمر واعتماد نماذج الشهادات الصغرى والتعلم المسبق جهودًا متكاملة من الجامعات والجهات التنظيمية والمؤسسات التعليمية. كما أن تطوير سياسات تدعم هذه النماذج التعليمية يمكن أن يسهم في تحسين جاهزية القوى العاملة لمتطلبات سوق العمل، ويدعم الأفراد في تطوير مساراتهم المهنية بشكل أكثر مرونة وفاعلية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)