TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
العلاقات العامة مهنة وعلم وفن للمتخصصين
31/10/2018 - 12:00pm

طلبة نيوز- بقلم: أحمد عتوم
مدير دائرة العلاقات العامة والإعلام/ جامعة إربد الأهلية
كثيراً ما نقرأ إعلان يطلب موظفاً أو موظفة في إدارة العلاقات العامة والإعلام، وعندما نتمعن في الشروط المطلوبة للتوظيف، أو طبيعة عمل المؤسسة المعلنة، فإن كثيراً من تلك الإعلانات ليس لها علاقة أو ارتباط بعمل العلاقات العامة والإعلام الفعلي من قريب أو بعيد، على المستوى الفردي أو على مستوى المؤسسة التي سيعمل بها الفرد، حيث أن عمل العلاقات العامة الرئيس في المؤسسة هو نشاط اتصالي وتواصلي إعلامي أولاً يهدف إلى توثيق الصلة بالمجتمع الداخلي والخارجي للمؤسسة، ومن أجل تحقيق ذلك فإن المؤسسة تعمل على إبراز صورتها المشرقة من خلال إدارة العلاقات العامة والإعلام كمؤسسة تخدم المجتمع وتعمل على صيانة مصالحه، وتعمل المؤسسة كذلك من أجل تعزيز هذه الصورة بإبراز حرصها على الصالح العام، ويختلط على البعض فهم المقصود بالعلاقات العامة، فيعتقدون بأنها مجرد إعداد نشرات وإصدار كتيبات وإلقاء خطب واستعمال كلمات منمقة وعبارات معسولة، والواقع غير ذلك، فهي ليست دعاية أو تزييف، وأن النشر الذي تستعمله العلاقات العامة لا يعدو أن يكون جانباً من جوانبها يعتمد على النقل الصادق والتعبير الدقيق والإبلاغ الأمين، بينما الجانب الآخر من العلاقات العامة يتمثل في دراسة الجماهير والتعرف على آرائها وأفكارها واتجاهاتها نحو المؤسسة، ثم نقل هذه الاتجاهات إلى إدارة المؤسسة حتى تستعين بها في تعديل سياستها وبرامجها بما يتناسب مع اتجاهات هذه الجماهير.
ومن أهم الضغوط التي يتعرض لها القائم بالعلاقات العامة والإعلام للقيام بعمله اليومي والمستقبلي والتخطيط للعمل بمهام العلاقات العامة، هي مشكلة الإعداد العلمي للممارسة المهنية، حيث يعتمد التشخيص الجيد للعلاقات العامة على قدرة العاملين في ممارسة المهن داخل المؤسسة، وعند التعرف على قدرات القائم بالعلاقات العامة المهنية تستطيع المؤسسة أن تعدل من برامجها ويكون لها دور حقيقي في توجيه الرأي العام، هذا ويمكن تطعيم إدارة العلاقات العامة ببعض المتخصصين في مجال عمل المؤسسة من ذوي الميول التي تتفق مع هذا العمل، على أن يحصل هؤلاء المتخصصين على دراسة تكميلية في معاهد العلاقات العامة.
ولتوضيح المقصود بالمفاهيم حول مهنة وعلم وفن العلاقات العامة تحتاج إلى متخصصين، فبنظرة إلى الماضي والحاضر نجد أهمية وجود أشخاص مؤهلين للعمل بأي مؤسسة يهمها سمعتها مع الجمهور الداخلي والخارجي، ولنلقي الضوء على هذا الموضوع بشكل أوضح، فتاريخ هذا العلم وحاضره يثبت هذا، حيث أن نشاط العلاقات العامة نشاط يمارسه الإنسان منذ القدم وفي مختلف العصور كوسيلة لتحقيق التفاهم والتعايش مع من حوله، ولم تهمل الحضارات والإمبراطوريات القديمة نشاط العلاقات العامة، والجديد فقط في الموضوع هو وسائل الاتصال التي يستعملها المشتغلون بالعلاقات العامة في الاتصال بالجمهور ودرجة تخصص كل منهم، والجهود المستمرة التي يبذلها المتخصصون في إنشاء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بين الهيئات التي يمثلونها وبين الجمهور، ويشار إلى أنه عند ظهور مذهب التايلورية Taulorism وهو مذهب "تايلور" زاد موقف الكراهية بين العمال وأصحاب الأعمال اشتعالاً، وتايلور هو الذي عُين مستشاراً لكثير من الشركات، وطالب بزيادة الإنتاج وفق قواعد علمية مع تقدير الأجور على أسس علمية، بالإضافة إلى قيامه بكثير من الأبحاث على الطرق التي تُغري العامل بالإنتاج وتجعله متفانياً في عمله، وبذلك بات الجو مشحوناً بالكراهية والحقد والبغضاء بين العمال وأصحاب الأعمال، ونتيجة لكل هذا استقر الرأي العام يومئذ على أن المؤسسات الرأسمالية هي مؤسسات لقتل العمال في سبيل حياة القائمين عليها.
ولقد تفاعل (أيفي لي) هو الرائد الأول للعلاقات العامة الذي أرسى كثيراً من مبادئها خلال رحلته مع المهنة التي بدأت مع مطلع القرن العشرين حتى وفاته في عام 1934، في أثناء عمله صحفياً مع الأحداث الدامية التي رافقت الصراع العنيف بين المؤسسات الرأسمالية من جهة، وبين الجمهور الأمريكي من جهة أخرى، حيث ساد بين الأمريكيين إحساس عارم بأن المؤسسات الأمريكية تقوم باستغلال موارده واحتكار مستلزماته، وقد أحس هذا الصحفي القدير- نتيجة تفاعله اليومي مع تلك الأحداث- بأهمية استحداث تقنية جديدة تستطيع تقريب وجهات النظر المتعارضة بين هذين الطرفين (المؤسسات والجمهور) وذلك بإعادة جسور الثقة بينها اعتماداً على اعتقاد المؤسسات بأن هدفها خدمة الجمهور وإشباع رغباته وحاجاته، وهكذا تبلورت أفكاره باتجاه تأسيس (الجمعية العالمية للعلاقات العامة) عارضاً خدماته- في إطار هذه الجمعية- على أرباب العمل لتحسين علاقاتهم بالجمهور واستمالة الرأي العام الأمريكي لكسب ثقته، وكان هذا العرض بصيص أمل لأصحاب رؤوس الأموال ولأرباب العمل في وقت اشتدت حاجاتهم إلى من يهديهم إلى مخرج من وضعهم الصعب وينقذهم من الموقف الضاغط الذي يعانون منه، وقد كانت مؤسسة (روكفلر) بداية المتقدمين لطلب خدمات (أيفي لي) ومساعدته، وكان التحدي كبيراً إذ اشتهر (روكفلر) بجشعه وقسوته، وكان متهماً بإطلاق النار على المتظاهرين، وعلى الرغم من ذلك كله فقد استطاع (أيفي لي) أن يرسم صورة جديدة لذلك الرجل المستبد المادي، الى صورة الرجل المحسن إلى البشرية، وبذلك حقق تغييراً في موقف الجمهور يعده بعضهم معجزة العلاقات العامة في أول حملة لها، حيث وضع لروكفلر صوراً جديدة تمثله مليونيراً عجوزاً طيب القلب مفعم بالمشاعر والأحاسيس الطيبة، ينفق أمواله في سبيل الخير والمصلحة العامة، ولقد حقق ذلك عن طريق إعلام صادق وصريح يعتمد على تقديم معلومات كاملة ودقيقة عن المؤسسات وأعمالها وعن خدماتها الإنسانية المقدمة إلى الجمهور وعلى نحو متزايد ومتواصل ومتجدد.
ويعد إدوارد بيرنز (Edward Bernays) من أبرز الشخصيات بعد أيفي لي في دفع العلاقات العامة إلى الأمام، وقد تم تقديم أول منهج للعلاقات العامة بقسم الصحافة بكلية التجارة وقسم المالية والحسابات بجامعة نيويورك، حيث كان يقوم بتدريسها Edward Bernays، وقد أصبح اصطلاح العلاقات العامة شائعاً ومألوفاً في العشرينات عندما ابتدع بيرنز عبارة "مستشار العلاقات العامة" عام 1920م ،رغم ما قوبل به من سخرية على أنه اصطلاح مرادف لعبارة السكرتير الصحفي وإن كان ينطوي على تفخيم سخيف، وقبل الحرب العالمية الثانية أصبح الاصطلاح راسخاً في لغة إدارة الأعمال الأمريكية.
كان "بيرنز" Bernays أول من نادى بضرورة إعداد خبراء العلاقات العامة على مستوى جامعي، وفي عام 1945 تحقق هذا الأمل في الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، وقد كانت جامعة بوسطن في مقدمة الجامعات التي أنشأت معهداً خاصاً لدراسة العلاقات العامة وذلك في سبتمبر سنة 1947، وفي نفس السنة منحت جامعة سيراكيوز الأمريكية أول درجة علمية في العلاقات العامة، ومن الجدير بالذكر أنها كانت درجة الأستاذية أو الماجستير، وهو اعتراف خطير بأهمية هذه الدراسات، وفي سنة 1947 أيضاً منحت جامعة أيوا Iowa درجات علمية شرفية لخبراء العلاقات العامة الذين قاموا بخدمات جليلة لخدمة بلادهم مثل كارل بوير Carl Byoir، وكنجر رينولدز Conger Reynolds.
ويرى بعض الكتاب أنه خير للمؤسسة أن لا تمارس نشاط العلاقات العامة من أن تمارسه بصورة ارتجالية ومن قبل أشخاص غير متخصصين، لأن الإعلام المبني على وجهة نظر شخصية، وعلى الاندفاع والحماس لقضية معينة، كثيراً ما يعود بالضرر الكبير على الجهة القائمة به مولداً آثاراً سيئة غير مقصودة، لذلك فإن من أولى متطلبات ممارسة العمل الإعلامي هو وجود الكادر المتخصص المؤهل علمياً، إضافة إلى الخبرة والمهارات الفنية، فالقسم الأكبر من النشاط الإعلامي اليوم ليس لنقل الأخبار أو الترفيه فقط، بل للإقناع، أي أن له أهدافاً تتصل بالتأثير على تفكير الفرد باتجاه مخطط مقصود من قبل مصدر الإعلام، حيث أصبح الإعلام اليوم علماً له نظرياته ومبادئه وقوانينه وتُمنح فيه أرقى الشهادات، وإن القيام بالنشاط الإعلامي دون اعتماد الأسس العلمية قد يؤدي إلى أخطر النتائج.
إن الحقيقة التي يجب أن تبقى ماثلة للعيان هي أن الاتصال علم حديث لا يتجاوز عمره الحقيقي أكثر من نصف قرن، في حين أن العلوم الأخرى أقدم من ذلك وأعرق، وقد تطور ببطء شديد، وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أن جملة من العوامل التي أبطأت في تقدم الاتصال، عدم وجود علماء وباحثين متفرغين له حتى وقت قريب، والحقيقة أن عدداً من الباحثين الأوائل قد جاءوا من ميادين واختصاصات أخرى، فقدموا أبحاثاً في الاتصال ثم انصرفوا عائدين إلى ميادينهم الأصلية يولونها رعايتهم، وإن ميادين واختصاصات هؤلاء الباحثين قد أفادت علم الاتصال بالشيء الكثير، وصقلته بالمعرفة، وبالمقابل فإن الخوض بعلم الاتصال، وعلم العلاقات العامة، قد كان فيه سابقاً الشيء الكبير من تشتت الباحثين بين اختصاصات الرواد الأوائل، كعلم السياسة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، وحتى الهندسة والفيزياء والذين اقتحموا هذا العلم، ولكن الآن، ولحسن الحظ، فإن استقلالية علم الاتصال، وظهور كليات مختصة فيه قد أتاحت المجال لظهور علماء مختصين تفرغوا له وكرسوا جل وقتهم لأبحاثه ونظرياته، الأمر الذي يوضح تطور هذا العلم وتسارعه في السنوات الأخيرة، وبالتأكيد، فإن انتشار وسائل الاتصال الجماهيرية انتشاراً واسعاً بين الناس في هذا العصر، ثم اعتماد الناس عليها اعتماداً متزايداً، يشكل في حد ذاته دافعاً قوياً لازدياد الاهتمام بدراسة الاتصال، وبدراسة ميادينه، وتحليل ظواهره وآثاره، وتطوير فعالياته وأساليبه، خاصة وأن المعرفة في الاتصال أساسية لميادين عملية مختلفة، سواءً في الإعلام والصحافة، أو الإعلام التنموي، أو العلاقات العامة والإعلان، أو الرأي العام، أو الدعاية الإعلامية، وغير ذلك، وفي العصر الحالي دخلت أحدث التكنولوجيا باب الاتصال من أوسع أبوابه باستعمال الإنترنت والأقمار الصناعية، والمستقبل سيكشف لنا أشياءً جديدة لا نعلم ما تأثيرها.
ولما كان المديرون هم العنصر البشري الممثل للمؤسسة في القاعدة البشرية للعلاقات العامة، وهم عنصر بالغ الأهمية في أية مؤسسة، فهم جزء من شخصية المؤسسة ومؤثر فيها، لهذا فإن التكوين النفسي والاجتماعي لمديري العلاقات العامة، يجب أن يوضع في الاعتبار عند اختيار المديرين– فسلبيات هذا التكوين تترك تأثيرات معوقة لمصالح المؤسسة ولأنشطة العلاقات العامة بها– أما إيجابياته فلها تأثيرات إيجابية لصالح المؤسسة كلها وصالح نجاح نشاط العلاقات العامة بها، وإن مسؤول العلاقات العامة قد يختص أحياناً في ميدان معين، كإعداد النشرات أو التقارير المطبوعة، أو في الوسائل السمعية والبصرية وصنع الأفلام، أو في حقل البنوك أو التعليم أو الزراعة، مما يستدعي تدريباً إضافياً.
أما الصفات الأساسية التي ينبغي توافرها في خبراء العلاقات العامة أياً كان مجال عمل المؤسسة فيمكن أن نلخصها في صفتين أساسيتين، وهاتان الصفتان هما: الشخصية المحبوبة، حيث أن الشخصية المحبوبة الجذابة سوف تفشل تماماً إذا لم تكن تملك القدرة على الاتصال الفعال، والقائم بالاتصال لن يحقق أي تأثير إيجابي مهما علت قدراته الاتصالية، ما لم تكن شخصيته مقبولة مع الجماهير، ولكي تتحقق هذه الصفة لا بد أن تتواجد فيه الخصائص التالية: الجاذبية، والإحساس العام، وحب الاستطلاع، والكياسة، والاتزان، والاهتمام بالآخرين، والموضوعية، والحماس، والاستمالة، والاستقامة، والخيال الخصب، والشجاعة في مواجهة الرئيس بأخطائه، والنشاط.
أما الصفة الثانية فهي القدرة على الاتصال، حيث أن مجالها أكثر تشعباً وخصائصها أكثر تنوعاً، خاصة حينما يكون حجم إدارة العلاقات العامة صغيراً، أو عندما يتولى أمرها فرد واحد، ففي الحالة الأخيرة يلزم هذا الفرد أن تتوافر لديه مهارات الاتصال الصاعد من الجماهير إلى المؤسسة، والاتصال الهابط من المؤسسة إلى الجماهير، بينما تخف هذه الأعباء تدريجياً في حالة الإدارة المتوسطة، ويبلغ التخصص مداه في حالة الإدارة الكبيرة، وهنا يلزم المدير هذه الخصائص مجتمعة لكي يقود العمل في تناسق وتناغم تام، وفيما يلي أهم خصائص القدرة الاتصالية لخبير العلاقات العامة، وهي: القراءة، والاستماع، والكتابة، والتخاطب، والحس الفني، والإلمام بعلوم: الصحافة، وعلم الدلالة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الإنسان (الانثروبولوجي)، والإدارة، والاقتصاد، والسياسة، والتاريخ، ومناهج البحث، والإحصاء.
ولمدير العلاقات العامة بعض من الصفات التكميلية حيث يشترك المدير في ضرورة توافر جميع الشروط السابقة لديه، ولكن لما كان مدير إدارة العلاقات العامة هو الذي يتولى قيادة وتوجيه العاملين في إدارته لتحقيق أهداف تلك الإدارة كان من الضروري أن يتوافر لديه مجموعة من الصفات التكميلية التي ترتبط بالخواص الطبيعية للإداري، وإن من أهم الصفات التكميلية لمسؤولي العلاقات العامة ما يلي: أن يكون قادراً على التعبير عن نفسه بطلاقة متناهية، وأن يحسن الإصغاء والاستماع في الوقت ذاته، وأن يكون سريع الملاحظة سريع التعلم، ويتمتع بذاكرة قوية، وأن يكون قادراً على فهم الآخرين والتفاهم معهم، وأن يكون جريئاً ذا شخصية متكاملة، وأن يكون خلاقاً قادراً على طرح الأفكار المناسبة، وأن يكون منظماً ليستطيع تنفيذ التفاصيل الدقيقة التي يستدعيها عمله، وأن يكون ناضجاً فكرياً وعاطفياً قادراً على إطلاق الأحكام الصحيحة ويتمتع بصفات قيادية، وأن يكون قادراً على توليد الأفكار التي فيها شيء من التجديد، وأن يكون قادراً على التفكير والتصرف بسرعة في الحالات الطارئة وما يستدعيه ذلك من اتخاذ قرارات فورية، وأن يكون قادراً على الكتابة الصحيحة بسرعة وبسلاسة، وأن يكون ماهراً في تحليل المعلومات وتنسيقها وتقديم الأفكار المؤازرة والمؤيدة لمواقفه التي يتبناها، وأن يكون على اطلاع جيد في شؤون الأعمال والإدارة، وأن يكون ملماً إلماماً مناسباً بعلوم النفس والاجتماع والفلسفة والاقتصاد، ومتابعاً للأحداث السياسية، ومطلعاً على القضايا الراهنة، وأن يكون قادراً على تنظيم الآخرين، وأن يكون قادراً على تحديد الأولويات وإعادة ترتيبها حسبما تقتضيه الحاجة، وأن يكون رحب الصدر يتقبل النقد بسهولة، وأن لا يكون مستعداً للموافقة مع المسؤولين بشكل روتيني بل يناقشهم بمنطقية وعقل متفتح شارحاً كافة الاحتمالات والتوقعات، وأن يكون كيساً ودبلوماسياً ومرناً، وعلى مسؤول العلاقات العامة أن يرى في نفسه معلماً يعمل على تقويم الأشياء بأناة وصبر بعيداً عن الغرور والرعونة، وأن يرى في نفسه ممثلاً لقطاع واسع من المجموعات المختلفة يعمل على خدمتها من خلال خدمة أهداف المؤسسة التي ينتمي إليها، وأن يكون قادراً على الخطابة ومواجهة الجمهور.
وإذا كانت العلاقات العامة مسؤولة عن إرضاء الرأي العام ورعاية مصالح الجماهير، فليس معنى ذلك أن نشاط العلاقات العامة سلبي، أو أنه مجرد الجري وراء اتجاهات الرأي العام، فقد ينصح خبراء العلاقات العامة بعدم الانصياع إلى بعض ما يطلبه الرأي العام في بعض الأوقات، فما من شك أن الرأي العام قد يكون غير مطلع أو تعوزه المعلومات الكافية، وبذلك تكون أحكامه قاصرة غير كاملة، وهنا تكون وظيفة العلاقات العامة هي سد هذا النقص ومضاعفة برامج الإعلام ونشر الحقائق، وإلقاء الضوء على الأمور لكي يستنير الرأي العام ويصدر أحكاماً سليمة على ما يتلقاه من معلومات، وينبغي أن لا يفهم من ذلك أن العبء في تحقيق أهداف العلاقات العامة يقع على عاتق المشتغلين بالعلاقات العامة وحدهم في المؤسسة سواء كانوا في المراتب القيادية أو بنفس مستوى إدارة العلاقات العامة، وإنما تمتد هذه المسؤولية إلى أطراف أخرى بالمؤسسة لا يقل دورها عن دور رجال العلاقات العامة أنفسهم.
وأما التحديات الكبيرة التي تعيشها المنظمة في الوقت الحالي وخاصة ما يتعلق بثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال، فإنه من البديهي أن تهتم الإدارة اهتماماً أكبر بالرأي العام، وموظفو العلاقات العامة هم الأكثر تأهيلاً وممارسة لدراسة الرأي العام وفهمه والتعامل معه بطريقة علمية وفعالة، وعلينا أن نعي بأنه لم تعد وظيفة العلاقات العامة حيوية فقط بالنسبة للمنظمات والمؤسسات الداخلية، وإنما تعدّت المجال الاقتصادي "التجاري والصناعي" لتصل إلى المحيط السياسي والدولي، ولتتمكن فيما بعد من الوصول بالبشرية إلى حلمها الأكبر ألا وهو تحقيق العدالة والسلام وعدم استغلال الإنسان للإنسان أو استعمار الشعوب لبعضها، وتحقيق المحبة والتعاون والتآلف بين كافة الشعوب قاطبة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)