TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
العنف الطلابي وليس الجامعي!!
24/04/2016 - 2:30pm

طلبة نيوز-د. مفضي المومني

هذه مقالة كتبتها قبل سنوات وأظنها حاضره ولا باس من التذكير بموضوعها، فالعنف الطلابي في جامعاتنا الأردنية أصبح ظاهرة شئنا أم أبينا تؤرق مضاجع المجتمع والإدارات الجامعية، ويعلم الجميع أن الموضوع اشبع بحثاً ودراسةً، ولا يكاد يمضي أسبوع إلا ونسمع عن مؤتمر هنا أو ورشة عمل هناك تناقش هذا الموضوع وتحلله وتشخص أسبابه ومعالجاته،وفي النهاية كل الأفكار للمعالجة في واد وطلبتنا في واد آخر.
في البداية لي مأخذ على وصف عنف الطلبة بالجامعات بالعنف الجامعي !! فهل سنسمع يوما باعتماده من هيئة اعتماد التعليم العالي؟ وهل العنف الطلابي يستحق درجه جامعية؟ دعونا نسمي الأشياء بمسمياتها وان لا تكرس السنة الباحثين والإدارات الجامعية والمجتمع هذا الوصف الغير حقيقي والذي ينمق العنف ويجعل منه جامعيا....اعرف أن المقصود غير ذلك لكن هو عنف طلابي ومهما استقصينا أسبابه فهو تخلف بامتياز ومن يمارسه من الطلبة لديه تخلف في الفكر وفي السلوك وفي التنشئة لا تتناسب ومرحلته العمرية ولا مع مرحلته الأكاديمية، إذاً لنتفق على التسمية عنف طلابي او عنف الطلبة في الجامعات، اوهو تخلف بامتياز، ليعلم كل من يمارسه انه في اللحظة التي يمارس فيها العنف فهو ينقل نفسه طائعاً وجاهلاً من طالب جامعي إلى شخص متخلف اجتماعياً وسلوكيا وبحاجة إلى علاج، قد يكون علاجا نفسياً أو اجتماعياً، صحيح أن الطلبة الجامعيين ليسوا وحدهم المسئولون عن العنف وان العنف الطلابي في الجامعات هو امتداد لعنف مجتمعي لم نعهده من قبل في مجتمعنا الأردني الطيب، وصحيح ان امتداده وتكوينه فئوي ومناطقي وعشائري في الغالب، وصحيح آن المدرسة لها دور كبير في تهذيب سلوك الطالب لأن مخرجات المرحلة المدرسية هي مدخلات المرحلة الجامعية فليس من المعقول ولا من الممكن في الكثير من الأحيان أن تستطيع الجامعة تغيير سلوك طالب بفترة قصيرة عند دخوله الجامعة اوفي سنه إلى أربع سنوات مع أن ذلك مطلوب ومهمة على الجامعة القيام بها، الطالب الجامعي امتداد وعينة من مجتمعه.
ومن مراجعتي ومطالعتي لمعظم ما تم لحينه من دراسات وأسباب العنف الطلابي في الجامعات ومقترحات معالجته فإن العقوبات التقليدية ( فصل أو إنذار او الضرب بيد من حديد كما يقول بعض المتشدقين من الإدارات الأكاديمية التي لا تعرف معنى التربية)، هي فقط التي تنفذ في الجامعات أي العمل بردة فعل ولا يتم الأخذ او تفعيل المعالجات العلمية الوقائية نتاج أبحاث تمت وشخصت ووضعت التوصيات، وللأسف تنسى الإدارات الجامعية كل ذلك وتذهب إلى العقوبة والعقوبة فقط، على مبدأ (اقلع السن واقلع وجعه) والذي كان الناس يختارونه مكرهين لأنه لم يكن شيء اسمه طب أسنان في حينه، ونحن نعرف ان بلدنا يزخر بالمتخصصين و الاكاديمين في كل المجالات التي نحتاجها، مطلوب ان تضع وزارة التعليم العالي إستراتيجية متكاملة لمعالجة ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات ولا ينفصل ذلك عن إستراتيجية وطنية تقع على عاتق الحكومة لمعالجة ومواجهة العنف المجتمعي ككل والذي أصبح ظاهرة أيضا.
ولنفكر بطرق جديدة للمعالجة تبتعد عن العقوبات التقليدية التي ثبت أنها لا تجدي إلى حد كبير لان الظاهرة موجودة ومتكررة، ماذا لو تم فرض ساعات عمل تطوعي في الجامعة او المجتمع للطلبة الذين يشاركون في العنف الجامعي، وقد يكون ذلك في دور الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة او دور المسنين او أعمال ونشاطات جامعية تشاركيه او غير ذلك لنشعر الطالب المشكل بذاته وانه عنصر فعال في المجتمع وان لديه بدائل ليثبت ذاته غير المشاجرات والعنف، وان العمل الذي يؤديه سيعمل على تهذيب نفسيته وإدماجه اجتماعيا.
ماذا لو تم عمل دورات تاهيلية إلزامية للطلبة المشاركين في العنف يخطط لها بشكل علمي ويقدمها تربويون وأخصائيون في مجالات عم النفس وعلم الاجتماع ....الخ، قضية أخرى تعودنا دائما في دراساتنا وتوصياتنا أن نفكر نيابة عن الآخر فتجد المؤتمرات والندوات تعج بالمختصين والاساتذه الجامعيين وننسى الطلبة ولا نشركهم بالقضية ووضع الحلول لها ، وبالغالب يلجأ البعض الى التفكير بان الطالب قاصر وغير مؤهل للمشاركة ويذهب البعض الى نعت الجيل كله بانه فاشل، مع ان طلابنا يفكرون ولديهم مبادرات ولو راقبنا كتاباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي لوجدنا ان لديهم افكار وكتابات تنم عن إبداع وتنم عن هروبهم ليعبروا بحرية في هذه الشبكات لان الأجواء الجامعية والمدرسين يضيقون ذرعاً بأي مناقشات او أفكار للطلبة ولا يحتملون سماعهم ويتعاملون معهم بفوقية وتقتصر العلاقة على اللقاء في المحاضرة والذي يكون من طرف واحد عند غالبية الاساتذه الجامعيين ويكون الطالب الطرف السلبي المستمع الذي لا حول له ولا قوة، إضافة لذلك لا نجد مشاركة لأولياء أمور الطلبة ولا لمؤسسات المجتمع في مناقشة ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات مع أنهم طرف مهم في المعادلة.
أخيرا لنصف هذه الظاهرة بأنها العنف الطلابي وليس الجامعي، ولنفكر بطرق غير تقليدية للمعالجات لعلنا نصل يوما إلى جامعات تخلو من العنف لا بل التخلف. ...حمى الله الأردن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)