الأستاذ الدكتور محمد القضاة

بعد شهر من الإضراب وفقدان الثقة بين المعلمين والحكومة فَقَدَ الطلبة مدارسهم ودروسهم، ها هي مقاعدهم تنتظرهم وأهاليهم عاشوا رعبا وخوفا على مستقبلهم، واليوم بات لزاما على المعلمين تعويضهم، وتقديم أفضل ما لديهم، احتراما لأقدس مهنة في الحياة، والعودة للدراسة وانتظام الدوام لا يغلق الباب امام الحوار الجاد الذي يعيد الثقة للطالب والمعلم والمدرسة والحكومة والدولة برمتها؛ فما احوجنا لقراءة المشهد بعمق وتأمل كبيرين لمعرفة اين كنّا، وكيف أصبحنا، وماذا أنجزنا، ومن الغالب ومن المغلوب؟ لأننا نريد ان تدب الحياة في المدارس من جديد، وهذا لا يتم دون وعيّ حقيقي لدور كل طرف في المعادلة التربوية، بعيدا عن لغة الاتهام والاتهام المضاد؛ فلا مدرسة دون معلم، ولا معلم دون طلبة، ولا مدرسة دون وزارة مسؤولة، ولا احد يستغني عن الاخر، لذلك أتمنى ان تعود المدارس الى طبيعتها، وان يثق المعلمون في الحوار وفِي وزارتهم، وان تكون الثقة هي اساس الحوار لتحقيق المطلوب للمعلمين والطلبة والاطراف كافة.

لقد تابعنا الإضراب، وشاهدنا ما جرى وحصل، وقرأنا وجهات نظر الجميع حتى بات المشهد غريبا على ثقافتنا ومجتمعنا ودولتنا؛ وكأننا في مشهد مسرحي عبثي، وأقول دائما اسهل شيء ان تكون في صف المعارضة، ومن يركبون هذه الموجة لا يقدمون غير النعيب والخراب والسراب، وهؤلاء لا يقدّرون ظروف الوطن وتحدياته، ولا يعرفون اجندة الوطن، والمعلمون لا تنطوي عليهم ألاعيب هؤلاء لأنهم أبناء وطن وكلهم يحبون ابناءهم ومدارسهم، ومع ايّام الإضراب انكشفت لهم تلك الفئات التي ركبت الموجة وكانت ترغب ان تهدم الوطن على رؤسنا جميعا، ولذلك نقول للمعلمين وانتم سدنة الرأي لا يجب العودة الى الإضراب بتلك الطريقة التي تأخذ حقوق الطلبة، ولا بد من انتهاج لغة الحوار مع الوزارة والحكومة، اما الإضراب فلتتغير أساليبه وتوقيته الى صورة اكثر قبولا كما في العالم المتقدم حتى لا يفقد الطلبة عامهم الدراسي وثقتهم في مدارسهم ومعلميهم .

وبعد، لتعود المدارس لدورها في تفجير طاقات الطلبة، ولتعود الى ساحاتها طوابير الحياة والانشطة، وليعود المعلم القدوة والانموذج في بناء مستقبل الطلبة والوطن، وعلى الحكومة ان تستمر في الحوار لتأمين احتياجات المعلمين والطلبة ما أمكنها ذلك مع ضرورة تعويض الطلبة ذلك الزمن المذاب في الإضراب .

mohamadq2002@yahoo.com