TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
القدس الشريف بؤرة الصراع العالمي
18/05/2021 - 1:45pm

بقلم الدكتور عارف بني حمد

تتميّز القدس بأهميّتها في جميع الديانات السماويّة، ولكنّها تحظى بمكانة خاصّة عند المُسلمين، فهي أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وأوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بشدّ الرحال إليها بعد المسجد الحرام في مكّة، والمسجد النبوي في المدينة المُنوّرة، كما تتمثّل أهميّة القُدس الدينيّة في كونها مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام في معجزة الإسراء والمعراج، إذ صعد منها إلى السماء، وصلّى بالأنبياء السابقين، كما في قوله تعالى( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

وقد ربط الله سبحانه وتعالى العلاقة بين الأرض والسماء من خلال المسجد الأقصى بالقدس الشريف، حيث عرج بالرسول (ص) من المسجد الاقصى الى السموات العليا ، وعاد من السماء الى المسجد الاقصى ثم الى مكة المكرمة، وكان بالإمكان الصعود مباشرة من مكة المكرمة والعودة اليها دون المرور بالمسجد الأقصى . كما ربط  الله أمن المسجد الأقصى بأمن المسجد الحرام ، فالمسجد الأقصى هو خط الدفاع الأول عن المسجد الحرام بمكة المكرمة .

ولأهمية القدس الشريف تم فتح القدس في عهد الفاروق والعملاق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان قائد الجيش الذي حاصر القدس أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه. ففي عام 15هجرية تسلم الخليفة عمر بن الخطاب شخصيا  مفاتيح المدينة من البطريرك صفرونيوس بناءا على طلب الأخير ورفض تسليمها  لقادة الجيوش الإسلامية "عمرو بن العاص، شرحبيل بن حسنة، أبا عُبيدة عامر بن الجراح "، وتعهد الخليفة عمر لأهل إيلياء /القدس ( العهدة العمرية ) بالحفاظ على أمنهم وعلى كنائسهم وممتلكاتهم، واشترط ألا يسكن أحد من اليهود معهم في المدينة.

 

وعندما إحتل الصليبيون القدس (حوالي تسعين عاما )، قيض الله لهذه الأمة رجلا مسلما صالحا غير عربي وهو القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي الذي نال شرف تحريرفلسطين .

والصراع على القدس صراع  ديني عقائدي ، وبقيام الكيان الإسرائيلي بدعم من الدول الاستعمارية الغربية عام 1948 وإحتلال باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 أصبحت القدس الشريف محور الصراع العالمي بين المسلمين وغير المسلمين ، وأصبح هناك  تحالفا بين المسيحيين الإنجليين الأمريكيين المتصهينين (طائفة تفرعت عن المسيحية البروتستانتية ويشكلون نحو ربع سكان الولايات المتحدة ) مع إسرئيل والحركة الصهيونية فكريا ودينيا وسياسيا، إذ يؤمن هؤلاء بالولادة الثانية (ولادة الروح) للسيد المسيح عليه السلام ، ويسبق عودة المسيح ثلاثة أمور : قيام دولة إسرائيل وتجميع يهود العالم فيها ، وقوع معركة كبرى (هرمجيدون) بين قوى الخير (المسيحيين الانجليين واليهود) وبين قوى الشر (العرب والمسلمين) ،هدم وتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي مكانه . وبضغط من هؤلاء المسحيين الانجليين إعترف الرئيس السابق ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها .

بالمقابل يرتبط المسلمون بالقدس الشريف والمسجد الأقصى إرتباط عقيدة وقرآن ، ويعتقدون بعودة السيد المسيح عليه السلام وسيحكم بالقرآن ويقضي على اليهود والمسيحيين المتصهينين .

وفي هذه الأيام أيضا تسعى الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لإسرائيل ( بغض النظر عن الحزب الحاكم ديمقراطي أو جمهوري ) الى فرض الإستسلام وسياسة الأمر الواقع على الأمة العربية، وكذلك فرض التطبيع ودمج إسرائيل في منظومة الأمن الإقليمي كدولة قائدة في المنطقة تصول وتجول في أرض العرب برضى وتآمر بعض العرب . وبذلك بلغت إسرائيل علوا لم تبلغه من قبل ، وتسعى الى تهويد المسجد الأقصى وإقامة الهيكل على أنقاضه وتهجير الشعب الفلسطيني .

ويحاول الأردن الحفاظ على الوضع القانوني والسياسي القائم في القدس الشريف من خلال الوصاية على الأماكن المقدسة ورعايتها بإشراف وزارة الأوقاف الأردنية ، فيما تحاول إسرئيل فرض سيادتها على القدس الشريف وربط الأماكن المقدسة بوزارة الأديان الإسرائيلية .

ورغم أن توازن القوى ليس في صالح الأمة العربية والإسلامية ، ورغم   كل القنوط والإحباط الذي تعيشه الأمة ، إنعكاسا لهذا الواقع المزري ولتكالب أمم الأرض علينا ،  إلا أن هناك فسحة أمل بدأت تظهر من خلال صمود الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الباسلة ، الذي يواصل تقديم التضحيات للدفاع عن الأقصى أمام الهجمة الصهيونية لتهويد القدس ، نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية . كما أن ثقتنا بالله كبيرة وأن وعد الله بنصر هذه الأمة سيتحقق قريبا بإذن الله.

إن صراعنا مع الصهيونية العالمية صراع عقيدة وصراع وجود ،ولا يوجد حل وسط ، ومهما إشتدت الخطوب على هذه الأمة فإن مع العسر يسر ، فالفرج بإذن الله قادم ، وسنن الله تتحقق على أرض الواقع، تجميع اليهود من كل بقاع الأرض في فلسطين (جئنا بكم لفيفا) وبالمقابل تجميع كل العرب والمسلمين(الفلسطيني والسوري والعراقي واليمني والليبي والمصري ....) في أرض الأردن أرض الحشد والرباط ( لا تقوم الساعة حتى تحاربوا اليهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه .....) ، فليس صدفة أن يتم ذلك وإنما هي من ترتيبات العلي القدير، وأن الله العظيم سيهيئ الظروف لتحرير فلسطين .

والإنسان العربي ينتظر من قادته التنسيق والإعداد لتحرير فلسطين والمسجد الاقصى ، وليس التنافس والتناحر والتنسيق مع اليهود للعب أدوار إقليمية وهمية  على حساب المقدسات.

 

اللهم فرج كرب هذه الأمة التائهة وهيئ الظروف لإسترداد كرامتها المهدورة بين أمم الأرض.

 

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)