TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
المديونية وأدوار مجالس أمناء الجامعات د. رائد وليد أمين
27/06/2018 - 11:45am

صحيفة الرأي

الجامعات الأردنية، بشقيها العام والخاص، عريقة وراقية ومصدر من مصادر الإنتاج المعرفي والبناء، ولانكاد نجد بلداً عربياً إلا وللجامعات الأردنية بصمة واضحة وحظوة، وبخاصة في البعثات والمنح ومشاريع البحث الأكاديمي المشتركة.

إلا أنه بين الفينة والأخرى تجد من يحاول زج المؤسسة الأكاديمية من خلال إيجاد ظواهر دخيلة عليها تترفع عنها الجامعات الأردنية، كالعنف الجامعي مثلاً؟! ثم نجد أنفسنا الآن أمام مواجهة مرة وقاسية، وبكل أسف كأن صاحب القرار وصانعه ومتخذه لايشعر بها..

إنها مديونية الجامعات وعدم قدرتها على الإيفاء بالالتزامات المالية، وبدلاَ من أن نلجأ إلى سياسات مالية أكاديمية تتبنى إنهاض ورفع سوية تلك المؤسسات من الداخل والاعتماد على التمويل المالي الذاتي، نجد المشرع وصاحب القرار قد اتخذا قرارات مالية تختص بمن يشغل بعض مناصب تلك المؤسسات الأكاديمية كمجالس الأمناء، وما يترتب على هذه المجالس من نفقات مالية (رواتب) وصرف مكافآت من مالية الجامعات المتهالكة.

وهذا الأمر لم يكن معمولاً به سابقا في مجالس الأمناء وأعضائها ولجانها، وهو إرهاق مالي لكواهل الجامعات التي تعاني من شح في مواردها المالية ومديونية متنامية كما أسلفنا سابقاً.

والسؤال:- ما الفائدة التي جنتها المؤسسة الأكاديمية من تلك المجالس؟ وإن كان هناك مِن فائدة؛ هل لمسنا آثارها على أرض الواقع؟ ولو كان لها دور فاعل حقيقي؛ فلماذا تضخمت المديونية وتعملقت لتصبح بهذا الحجم؟ حتى فقدت القدرة والطاقة وأصبحت غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية؟ أم مجلس الأمناء في الجامعات الأردنية ما هو إلا استكمال للمجالس ضمن الهرم التسلسلي والبنية الهيكلية الإدارية للجامعات؟ وينحصر وجوده في كونه (برستيج ومصالح: منفعة وتنفيع)؟.

من هنا، ثمة جملة من الأسئلة تولد من صلب الواقع الأكاديمي لا تحتاج إلى إجابة قدر ما تحتاج إلى إعادة النظر في مأسسة تلك المجالس، من عدة وجوه منها:-

أولاً:- مَنْ هو عضو مجلس الأمناء المهيأ والمؤهل لعضوية المجلس القادر على التخطيط الأكاديمي ووضع الاستراتيجيات ومتابعتها وتوفير الدعم المعنوي التسويقي المنتج والدعم المالي؟ أم أن وجوده عضوا في مجلس الأمناء لا يشترط كونه مؤهلا؟ فاعلا أو غير فاعل. وتنحصر أهمية عضويته أمام نفسه وأمام الآخرين بأنه عضو في أحد المجالس؟ وأكبر إنجازه أنه أضاف هذه العضوية إلى سيرته الذاتية، وهو في حقيقة الأمر لم يكن سوى (عالة)، لم يخط خطوة إلى الأمام ولم يقدم شيئا، بل على العكس -ربما- تغيب عن الكثير من الاجتماعات المهمة التي من شأنها بناء الجامعة، لكثرة مشاغله أو لتعدد اللجان وكثرتها التي ينتسب إليها وزُجّ فيها.. علما بأن بعضهم أخفق في إدارة مؤسسة حكومية ترأسّها أو وزارة، لنجده عضوا في مجلس يطلب منه الكثير.

ثانياً:- ما هي المعايير والأسس والآليات التي يتم بها اختيار رئيس مجلس الأمناء للجامعة؟ إذ نجد أن بعضهم قد بلغ من العمر عتيّا، وخدم الأمة والوطن الشيء الكثير، ويحتاج منا كل الدعم الآن، وتقديم كل ما هو مفيد ومكافىء لخدمته، وعدم إرهاقه وزجه في عمل مؤسسات جامعية عصرية مغايرة إلى حدّ ما لما كان في وقته، وربما لا طاقة له بها، إلا أنهم أُثقلوا بحمل هذه المهمات الجسام، فهل وضعه في ذلك المقام فقط من باب (بريستيج) وإضفاء سمعة للجامعة؟

هناك أعلام أكاديمية أردنية وعلماء وأصحاب خبرة ورأي ومشورة، ممن لهم باع طويل في الجامعات، من تراب الوطن ولم يجنوا فرصتهم ليحظوا بالمكانة التي تليق بهم وترتقي بالعمل الجامعي؟ ولِمَ لا يعطوا فرصة لخدمة البلد بجامعاتها؟ فبعضهم قد دفعت لهم الجامعات مئات الألوف من موازناتها لقاء بعثاتهم الدراسية العليا، ألم يحِن دورهم في المساهمة والمشاركة الحقيقية في بناء جامعاتهم؟

نعم، هناك أزمة مالية حقيقية في الجامعات، وهي تراكمية وتمثل مجالس الأمناء أحد أهم أسبابها، التي طالما بدأت العمل وممارسة نشاطها بعيدا عن وضع الخطط الاستراتيجية المحكمة الحكيمة الفاعلة والتفكير بحل مشكلات الجامعات أولاً، فجلست والتأمت اجتماعاتها دون إيجاد حل جذري وحقيقي لتلك المشكلات التي تعاني منها الجامعات؛ لاعتمادها الكلي على رئاسة الجامعة الممثلة بالرئيس.

هل يفترض بمجالس الأمناء المكلفة أن تنتظر من رئيس الجامعة ومجلس الجامعة التنسيب وتقديم الخطط، أم عليها أن تسارع لتطرح خططًا ورؤى مقترحة يستنير الرئيس بتوجيهاتها؟

لم يكن مفهوم مجالس الأمناء يوما ينحصر في مجرد بناء هيكلي مفرغ من محتواه ومهامه وواجباته وإلا فالثمن يدفع من تاريخ الجامعات الأردنية وعمرها وماليتها وموازناتها وسمعتها.. وبما أن التقييم الأكاديمي وسيلة متبعة للارتقاء والتحسين، فهل تخضع هذه المجالس للتقييم الأكاديمي لنصل بالجامعات إلى مكانة مرموقة ضمن التصنيفات والتقييمات العالمية والدولية؟

وأخيرًا، نوجه السؤال إلى ذواتنا أولا لايكون السؤال حينئذ مبرّرا: لماذا ليس هناك جامعة أردنية من ضمن أول مئة جامعة عالمية حسب تصنيفات المؤسسات الأكاديمية للجامعات؟

مجالس الأمناء وجدت لرفع سوية الجامعات وتقدمها وتنافسيتها، ومع الاحترام الشديد للجميع، فإن من يستعرض الأسماء التي زج فيها أخيرا لتكون مجالس الأمناء، يجدها خطوة الى الوراء،لأن بينهم أشخاص غير مؤهلين لأن يقدموا قيمة مضافة، فضلا عن أنهم غير قادرين على التقييم أو الارتقاء بالمؤسسة الأكاديمية. واضم صوتي للمنتقدين لهذه التشيكلة متسائلا:- من أين جاءت هذه الأسماء؟ ومن الذي دفع بها لتتصدر المشهد الأكاديمي؟ فيما الحكومة جاءت لتلبي احتجاجات الشارع! ولماذا أدت هذه المجالس الى احتجاجات الوسط الأكاديمي كله.

الواجب محاسبة من أساؤوا اختيار أعضاء ودمروا سمعة مجالس الأمناء، فهذا الأمر يجب ألا يمر دون محاسبة جادة ومساءلة.

أجزم بأن الأردن يستحق منا اكثر. 

جريدة الرأي 27/6/2018

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)