TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
المناطقية في تعيين رؤساء الجامعات  إخفاق التجربة وترسيخ الإخفاق
16/05/2019 - 12:15am

أ د.سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة 
ثمّة تجارب في تعيين رؤساء الجامعات ألقت بضلالها على الجامعات الأردنية الرسميّة, وهي بكلّ تأكيد واحدة من أهمّ أسباب ترنّح بعض الجامعات في العجز المالي, والإنحطاط الأكاديميّ, ففي تاريخ جامعاتنا تجارب محدودة لنجاح المناطقيّة في تعيين رؤساء الجامعات, وأخرى كثيرة تعدّ نموذجاً للفشل الذريع , فمن تجارب النجاح ما حصل في جامعة الطفيلة عندما أسندت رئاستها إلى الدكتور راتب العوران المعروف بنزاهته العالية وأكاديمية الرفيعة, فلم تشهد الجامعة في عهده اختراقات مجتمعيّة في التعيين, ولا في إسناد المناصب إلى الأقارب, ولا في الابتعاث, ولم يتمّ استثمار الجامعة انتخابياً ولا عشائرياً, ومقابل ذلك أمامنا تجارب قديمة هي نموذج للإخفاق, وأخرى حيّة تحتاج من طبيب التعليم العالي تدخلاً جراحياً لمنع مضاعفات هذه المناطقية. 
فمن التجارب القديمة ما حصل في إحدى جامعات الجنوب عندما أقدم أحد الرؤساء على تعيين العشرات في وظائف أكاديمية وإدارية لأسباب مناطقية؛ بلا أدنى حاجة أو ضوابط أو إعلان, وتمّ تعيين بعضهم في تخصصات لا يوجد لها أقسام في الكليات, وقسم منهم لا يمكن أن يدخل الجامعات لو كان هناك حدود دنيا من معياريّة الانتقاء في التعيين, وأصبح هؤلاء عالة طويلة الأمد على الجامعة, هذا المشهد تكرر في جامعة آل البيت عندما خضعت الجامعة لضغوطات نيابية في مرحلة ما من مسيرتها على رؤسائها الذين جاءت بها التجاذبات المناطقية المدعومة نيابياً , فكانت التعيينات في الجامعة تجري على قدم وساق ضابطها الوحيد المحسوبية والمناطقية, وهاتان الجامعتان هما الآن الأسوأ في تصنيف الجامعات الأردنية, وهما الأكثر عجزاً في موازنتها, وهما الأكثر حمولة زائدة للوظائف. 
وفي التجارب الحيّة وأقصد بها الجامعات التي ما زال رؤساؤها يشغلون وظائفهم, نجد هذه الحالة في جامعتين, إحداها أقدم رئيسها الذي جاء رئيساً بمعايير مناطقية على تحويل عشرات الموظفين إلى أعضاء هيئة تدريس بلا أي ضوابط, وهي تترنح مالياً, والثانيّة جاء رئيسها بفضل أسس مناطقية لعدم وجود رئيس من محافظته بين رؤساء الجامعات وقت تعيينه, وسرعان ما تجلت العشائريّة في إدارته للجامعة تمثلت في التقريب والإقصاء والانتقاء, وإدارة الجامعة بعقلية المزرعة, وبرزت سياسة تفصيل الإعلانات والتعليمات, وغدت الولايم والجلسات العائلية ضابطاً في توزيع الاستحقاقات, وأصبحت الجامعة تدار بالريموت كنترول من بعض المتنفذين ممن لهم مصالح في الجامعة, ووصل الأمر إلى تعديل أنظمة الجامعة ومخالفة القوانين في سبيل التنفيع وتوزيع المغانم, فانحطت الجامعة انحطاطاً غير مسبوق في تاريخها, وغدت مظاهر الفساد في هذه الجامعة مطروحة على قارعة الطريق كمعاني الجاحظ. 
إذا استثنيا تجربة رئاسة الدكتور راتب العوران, فإنّنا مدعوون من خلال وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى رجع النظر في التجارب الحالية, ولا بأس أن تكون هناك دراسة علمية متخصصة لتقييم التجارب, واستطلاع آراء العاملين في الجامعات, لأنّ الواقع الذي لا تعرفه الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي أنّ هناك جامعات تتهاوى نحو الانحطاط وبسرعة عالية, وأنّ مسيرتها الأكاديمية في تراجع ترتعد له الجوانح, فالمطلوب عند تقييم رؤساء الجامعات استثناء تقارير مجالس الأمناء التي تحبك من رئيس الجامعة نفسه من أسس التقييم, والاعتماد على آلية توثيق تستند إلى حقائق ومشاهدات وشهادات لأعضاء هيئة تدريس يحتجّ بهم , إذا أردنا إصلاحاً حقيقياً لم نلمس له صدى في أحاديث معالي الوزير , وبدأ يتسلل إلينا معالم خيبة من قدرته على الإصلاح والتطوير. 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)