TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
النقد الايجابي ودوره في مسيرة التعليم العالي..
10/02/2015 - 4:30pm

طلبة نيوز- أ.د نضال يونس

يسجل الكثير من المتابعين العتب على الكتاب الأكاديميين، لماذا ينصب اهتمامهم على نقد السلبيات وتسليط الضوء على المشاكل والتحديات بدلا من الحديث عن الانجازات وتعظيمها؟ وخاصة أن سمعة التعليم العالي ومكانته المحلية والعالمية قد تتأثر بما يقال ويكتب، علما بان طابور المادحين والمعجبين من الكتاب أكثر من المنتقدين!

و لكي نفهم هذه المعضلة لا بد لنا من إدراك أن العالم مترابط بشكل لم يحدث في التاريخ ولأن التطور والتقدم "كل متكامل" و أن الإبداع البشرى في وقتنا الحاضر ناتج عن عمل "جماعي" يشارك فيه العديد من بني البشر في مختلف أنحاء العالم، ولذلك سيغيب خلال العقود القادمة احتكار الانجازات العلمية والفنية والثقافية من "شخص" واحد بعينه مهما أوتي من الحصافة والذكاء والفطنة، كما اعتدنا على ذلك في عصور ما قبل العولمة والانترنت وتكنولوجيا المعلومات، إلى آفاق بروز تعاون أنساني يقوم على قاعدة "اربط وتفاعل" مع الاخربن "Plug and collaborate"، ليضع الجميع أقدامهم في سلالم التطور التكنولوجي والاقتصادي العالمي، واستغلال الموارد وتطوير البني التحتية وتوسيع دوائر التعليم والبحث العلمي، وهي ظاهرة عالم تتسارع فيه قوى "التجمعات" البشرية على العمل الفردى والدول المنعزلة..

المثال الذي نتحدث عنه دائما هو، كيف أصبحت الجامعات الأمريكية في مقدمة الجامعات العالمية العريقة، وكيف تمكنت مراكز البحوث العلمية في أمريكا الشمالية من تقديم ما يزيد عن نصف المنتج العلمي البشري متخطية بذلك ما تنتجه الجامعات الأوروبية والأسيوية والأفريقية وأمريكيا اللاتينية مجتمعة في نشر النظريات العلمية والفلسفية وتعميم النتائج البحثية على مختلف دول العالم، لنجد أن الاستثمار والتفاعل مع هذا الجهد العالمي الضخم، أفضل من الاستمرار بالعمل الفردي أو التفكير بمنافسته في أبحاث سطحية، ومع ذلك لم تكن أمريكا مجرد دولة جامعات ومراكز بحثية، بل لديها قاعدة إعلامية وثقافية عريضة يمارس فيها الجميع "حرية رأي و تفكير" غير مسبوقة و يتفنون في وسائل النقد والتحليل في مختلف القضايا والمسائل وعلى كافة المستويات العلمية والسياسية والاقتصادية.

بالمقابل هناك الصين التي أصبحت الدولة الاقتصادية الثانية في العالم ولكن قدرتها على المنافسة البحثية والعلمية ما تزال "محدودة"قياسا بما يجرى في أمريكا وأوروبا التي يحكمها "نظام ديمقراطي" يعطى مساحة واسعة للحريات الفردية بينما الصين يديرها الحزب الشيوعي "بدكتاتوريته التقليدية" ويعتمد منهج التحكم والسيطرة والمبالغة في مدح القائد والحزب وتعظيم منجزاته، ولذلك يأتي نموها العلمي والبحثي "متواضعا" بالرغم من أن عدد سكانها يضاهي أربعة إلى خمسة أضعاف أمريكا، ويصعب القول أن السبب في ذلك يعزى إلى ضعف المواطن الصيني على اكتساب مهارات البحث العلمي التي يتمتع بها المواطن الأمريكي والغربي، لان الصيني باحث مبدع في هذه الدول، ولكنها في تقديري قيمة "الحرية" وعلى رأسها الحرية الأكاديمية، ومع ذلك هناك من يرى أن الصين تتقدم سريعاً ومنافساً في مجال البحث العلمي مستقبلا..

هذه النماذج وغيرها تضيف لنا بعداً جديدا على طريق "الإصلاح والتحول الديمقراطي" الذي ننشده، خاصة وأننا نعتمد العنصر البشري الذى تؤهله الجامعات والمؤسسات التعليمية، كأهم مصدر من مصادر التنمية، مما يحتم علينا ضرورة "توسيع" صدورنا لقبول النقد والاقتراح، وان "ننفتح" على كل المجتمعات نأخذ منها ما يناسبنا كي نتمكن من توطين التجارب التي ستنقلنا من دول العالم الثالث والاقتصاد المأزوم إلى دول منتجة ومتقدمة، وهو اهتمام عند أي كاتب أكاديمي مخلص لا يقل أهمية عن الحديث عن الانجازات...

التعليقات

عضو هيئة تدريس (.) الثلاثاء, 02/10/2015 - 17:15

احكي هذا الكلام لدكتور عيروط

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)