
طلبة نيوز - دفع هجوم مميت على سياح في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، الهند وباكستان إلى شفا الحرب مرة أخرى حيث خفضت الدولتان المتنافستان العلاقات الدبلوماسية والتجارية وأغلقتا معبر الحدود الرئيسي وألغتا التأشيرات لمواطني كل منهما.
ونفت باكستان مسؤوليتها عن هجوم الثلاثاء الذي أودى بحياة 26 سائحًا، معظمهم من الهنود، في موقع سياحي شهير بمنطقة الهيمالايا، حيث زعمت الهند أنها أعادت الهدوء رغم تمرد استمر عقودًا. فيما أعلنت جماعة مسلحة مجهولة تُطلق على نفسها اسم «مقاومة كشمير» مسؤوليتها عن الهجوم.
وقد وضع هجوم كشمير ضغوطا على حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القومية الهندوسية للرد بقوة. ويقول بعض الخبراء إن الهند قد تتحرك إلى ما هو أبعد من العقوبات الدبلوماسية مع دعوة وسائل الإعلام في البلاد وزعماء حزب مودي الحاكم إلى العمل العسكري. وتعهد وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ «ليس فقط بتعقب الذين نفذوا الهجوم ولكن أيضًا أولئك الذين تآمروا لارتكاب هذا العمل الشنيع على أرضنا»، ملمحاً إلى إمكانية توجيه ضربات عسكرية.
ومع تصاعد التوترات بين الجارتين النوويتين اللتين خاضتا اثنتين من حروبهما الثلاث على كشمير، المقسمة بينهما، والتي يطالب كل منهما بالسيادة عليها بالكامل، نبرز اهم ما في الصراع:
ما جوهر النزاع؟
لقد تشكلت العلاقات بين الهند وباكستان من خلال الصراع والدبلوماسية العدوانية والشكوك المتبادلة، ولا سيما في مطالباتهما المتنافسة على منطقة كشمير الخلابة في جبال الهيمالايا.
قاوم المتمردون المسلحون في كشمير نيودلهي لعقود، ويدعم العديد من مسلمي كشمير هدف المتمردين في توحيد الإقليم إما تحت الحكم الباكستاني أو كدولة مستقلة.
تتهم الهند باكستان بإثارة العنف، وهو ما تنفيه إسلام آباد. وقد قُتل عشرات الآلاف من المدنيين والمتمردين والقوات الحكومية في الصراع على مر السنين.
إجراءات انتقامية للهند
الثلاثاء، أطلق مسلحون النار على 26 شخصًا، معظمهم سياح هنود، ما أدى إلى مقتلهم في هجوم قرب مدينة باهالغام الخلابة. وسارعت نيودلهي إلى ربط باكستان بالهجوم، رغم أنها لم تُقدم أي دليل علني.
وأعلنت الهند سلسلة من الإجراءات العقابية. فقد خفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية، وعلقت معاهدةً حاسمةً لتقاسم المياه مع إسلام آباد في نهر السند. والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الهندية إلغاء جميع التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين. كما أعلنت الهند أنها ستخفض عدد موظفي بعثتها في باكستان، وستخفض عدد الدبلوماسيين الباكستانيين في نيودلهي من 55 إلى 30 دبلوماسيًا اعتبارًا من 1 مايو.
باكستان لم تتأخر في الرد
بدورها وصفت باكستان تصرفات الهند بأنها «غير مسؤولة» وألغت تأشيرات الدخول للمواطنين الهنود وعلقت كل التجارة مع الهند بما في ذلك عبر دول ثالثة وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الهندية.
وقد يُمثل قرار الهند تعليق معاهدة المياه نقطة تحول رئيسية في كيفية إدارة الجارتين لمورد أساسي مشترك بينهما. وقد حذرت باكستان الخميس من أن أي محاولة هندية لوقف أو تحويل تدفق المياه بينهما ستُعتبر «عملاً حربياً» وستقابل «بكل قوة عبر الطيف الكامل» للقوة الوطنية الباكستانية.
ألمح وزراء حكوميون إلى أن النزاع قد يتصاعد إلى عمل عسكري، وقال وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، بأن «أي خطوة فعّالة من جانب الهند ستقابل برد فعل فعّال».
كما أدانت لجنة الأمن القومي الباكستانية «الإجراءات العدائية» التي اتخذتها الهند، وأكدت أن باكستان، في حين تظل ملتزمة السلام، لن تسمح أبدًا لأي شخص «بانتهاك سيادتها وأمنها وكرامتها وحقوقها غير القابلة للتصرف».
شريان حياة لـ240 مليون نسمة
وتُتيح معاهدة مياه نهر السند، التي توسط فيها البنك الدولي عام 1960، تقاسم مياه نظام نهري يُمثل شريان حياة لكلا البلدين. وقد صمدت المعاهدة في وجه حربين بين البلدين، عامي 1965 و1971، ومناوشة حدودية كبرى عام 1999. وتُنظّم هذه المعاهدة تقاسم إمدادات المياه من نظام نهر السند وتفرعاته. وبموجبها، تسيطر الهند على أنهار رافي وسوتليج وبياس الشرقية، بينما تسيطر باكستان على أنهار جيلوم وتشيناب والسند الغربية التي تمر عبر منطقة كشمير.
وقالت باكستان ان المعاهدة اتفاقية دولية ملزمة، توسط فيها البنك الدولي، ولا تتضمن أي بند يسمح بتعليقها من جانب واحد. ووصفتها بأنها «مصلحة وطنية حيوية» وشريان حياة لسكان البلاد البالغ عددهم 240 مليون نسمة.
تُعدّ المعاهدة أساسية لدعم احتياجات باكستان من الزراعة والطاقة الكهرومائية. وقد يؤدي تعليقها إلى نقص في المياه في وقتٍ تُعاني فيه أجزاءٌ من البلاد من الجفاف وتراجع هطول الأمطار.
هجمات تعيق جهود السلام
بذلت الدولتان المتجاورتان جهودًا متقطعة لإحلال السلام. إلا أن الاشتباكات الحدودية المتكررة والهجمات المسلحة المتعددة في كشمير والهند أفسدت مبادرات السلام.
- عام 1999، استولى متمردون مدعومون من باكستان وجنود باكستانيون على مواقع عسكرية هندية في مرتفعات منطقة كارجيل الجليدية. ردّت القوات الهندية، واستمر الصراع عشرة أسابيع، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن ألف مقاتل من الجانبين. توقف القتال بعد تدخل أمريكي.
- عام 2008، شنّت مجموعة من المهاجمين المدججين بالسلاح من جماعة لشكر طيبة المسلحة، المتمركزة في باكستان، هجومًا عنيفًا في مومباي، العاصمة المالية للهند، أسفر عن مقتل 166 شخصًا. وألقت نيودلهي باللوم على جهاز الاستخبارات الباكستاني في الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد.
- عام 2019، أسفر تفجير سيارة مفخخة عن مقتل 40 جنديًا هنديًا في كشمير، ودفع البلدين نحو شفا الحرب. ردًا على ذلك، أعلنت الهند أن قواتها الجوية قصفت معسكرًا لتدريب المسلحين داخل باكستان. ردّت باكستان بغارات جوية، وأسقطت طائرة عسكرية هندية، وأسرت طيارًا هنديًا، ثم أُطلق سراحه لاحقًا.
بعد أشهر، ألغت حكومة ناريندرا مودي وضع كشمير شبه المستقل وفرضت إجراءات أمنية شاملة.
مخاوف من المواجهة النووية
عززت الهند وباكستان جيشيهما وترسانتيهما النوويتين على مر السنين. كانت الهند أول من أجرى تجربة نووية عام 1974، تلتها تجربة أخرى عام 1998. وتبعتها باكستان بتجاربها النووية بعد بضعة أسابيع فقط. ومنذ ذلك الحين، تسلّح الجانبان بمئات الرؤوس النووية، وأنظمة إطلاق الصواريخ، والطائرات المقاتلة المتطورة، والأسلحة الحديثة لمواجهة بعضهما لبعض.
وكالات
اضف تعليقك