TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
بانوراما الاصلاحات السياسية في الأردن  
01/06/2021 - 10:45am

 

 

 

  بقلم  الدكتور عارف بني حمد

 

 بعد مرور عشر سنوات على أحداث الربيع العربي ، يعود مجددا إعادة فتح ملف الإصلاحات السياسية في الأردن، بدعوة جلالة الملك للقيام بإصلاحات سياسية جديدة ، وهو ما يعكس إعتراف النظام السياسي بأن الإصلاحات والتعديلات الدستورية التي جرت خلال أعوام (2012 ،2014 ، 2016 ) لم تكن كافية ولم توصل الى حكومة برلمانية حقيقية .

ويجب الإعتراف بأن بلدنا الأردن يعاني من إحتقان وأزمات متنوعه سياسية وإقتصادية وإجتماعية ، وكذلك أزمة ثقة بين المواطنين والنظام السياسي ككل ، يتم التعبير عنها بين الحين والآخر بحراكات شعبية وعشائرية ونقابية ، وسخط عام على السياسات الحكومية يظهر على مواقع التواصل الإجتماعي .

إن الإستجابة لإجراء الإصلاحات تسجل لصالح النظام السياسي الذي يتكيف مع التطورات وأصبح مدركا لضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية لضمان إستقراره وتعزيز شرعيته السياسية وضمان مشاركة شعبية أكثر في العملية السياسية . إن الإصلاح السياسي مهم لإستقرار أي نظام سياسي يريد الاستمرار والبقاء، لعلاقته المباشرة مع التكيف السياسي واستيعاب المتغيرات السياسية والاجتماعية، وهو عكس الجمود إذ أن الأنظمة الجامدة التي لا تستطيع التكيف هي التي تنتج الجمود السياسي والاقتصادي، وتعيش حالة عدم استقرار.

والجدير بالذكر أن الشعارات التي رفعت في فترة  الربيع العربي عام  2011  كانت تطالب بإسقاط الأنظمة الجمهورية ، بينما في الأنظمة الملكية كانت تطالب بإصلاح هذه الأنظمه ، من خلال إجراء إصلاحات سياسية ودستورية تعيد التوازن بين السلطات الثلاث، وتطالب أيضا بمكافحة الفساد المالي والإداري ، وحل مشكلة البطالة والفقر، وتحقيق تكافوء الفرص والعدالة الإجتماعية . وقد ساهمت عدة عوامل في تجنيب الأنظمة الملكية مصير بعض الأنظمة الجمهورية، أبرزها :- الأنظمة الملكية أقل سوءا من الأنظمة الجمهورية ولم تكن دموية وإستندت الى شرعيات تاريخية ودينية وقبلية ، وتعاملت بمرونة مع مطالب الحراكات الشعبية دون اللجوء الى الحلول الأمنية .

 

وهنا لا بد من الإشارة الى الآتي :

 

- إن تكيف النظام السياسي مع التطورات والتغيرات والإستجابة لمطالب الناس،تعتبر نقطة قوة للنظام  لأن الأنظمة الديكتاتورية سواء كانت جمهوريات شمولية أو ملكيات مطلقة لم تعد مقبولة  في القرن الواحد والعشرين كشكل من أشكال الحكم ، وأصبح إصلاح هذه الأنظمة ضرورة لبقاء هذه الدول. فعصر الدولة الشمولية انتهى، أو هو في طريقه للانتهاء، سلمياً أو بوسائل عنيفة، وأصبح من الضروري تعزيز شرعية الأنظمة بالاستناد  لأسس دستورية وقانونية.

- لا يزال  النظام الملكي الأردني  يتمتع بدرجة كبيرة من الشرعية في نظر الغالبية العظمى من الشعب الأردني ، وهذا الأمر يتيح فرصة كبيرة  لجلالة الملك وبأدوات جديدة  لكي يقود عملية الإصلاح السياسي بشكل أشمل ومسيطر عليها من فوق على الطريقة الإسبانية للوصول الى الحكومة البرلمانية المتعارف عليها بالعالم ووفقا لرؤية الملك التي وردت بالأوراق النقاشية .

- المضي قدماً وبدون تردد في إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية والدستورية لتحصين الملك وجعله حكما بين السلطات بدلا من تحميل الملك لوحده مسوؤلية وعبء إدارة الدولة ، وهذا يتطلب إزالة التشوهات التي طرأت على دستور 1952 لإعادة التوازن والفصل بين السلطات الثلاث وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، من خلال وضع التشريعات اللازمة الخاصة بتعزيز الحياة الحزبية، وإعداد قانون انتخابي أكثر تمثيلاً يحظى بقبول أغلبية القوى السياسية والحزبية والحراكات الشعبية، تمهيداً للوصول إلى حكومات برلمانية حقيقية.

-  ضرورة إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية واجتماعية بالتوازي مع الإصلاحات السياسية، لأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الأردن ، هو تحدي اقتصادي بالدرجة الأولى ويتمثل ذلك بتحسين مستوى معيشة المواطنين وإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والمالية (ارتفاع المديونية، التضخم، البطالة، اتساع دائرة الفقر، ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وخاصة الطاقة) وكذلك القيام بإجراءات جادة ومقنعة في مكافحة الفساد المالي والإداري.

- الإصلاحات السياسية تعزز الجبهة الداخلية وتعزز قوة النظام السياسي خارجيا لمواجهة التطورات الإقليمية والحلول القادمة خاصة تطورات الأوضاع الفلسطينية .

والله من وراء القصد

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)