TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تحديات أمام التعليم العالي في الأردن
04/11/2019 - 1:30pm

أ.د. عبدالله عزام الجراح
إن الناظر إلى عالمنا اليوم يمكن أن يلحظ أننا نسير نحو مستقبل مجهول او غير واضح المعالم، فارتفاع نسب البطالة وانخفاض مستوى معيشة الناس، وانخفاض مستوى الاستقرار الاقتصادي، وذوبان بعض الطبقات الاجتماعية وبروز الكثير من المشكلات الاجتماعية، والأزمات الكثيرة التي تعترض سبل تقدمنا واستقرارنا، خاصة وإننا نعيش في منطقة حبلى بالأحداث الجسام، تجعلنا أمام تحديات ينبغي ألا نقف حائرين عاجزين عن حلها. 
ولقد أقبل الأردنيون على التعليم إقبالا ملحوظا وطرأ الكثير من التغير على المجتمع الأردني وفي كافة المجالات والصعد، وكان يؤمل أن ينعكس هذا الإقبال على التعليم انعكاسا إيجابيا على حياة الناس، لكن وللأسف الشديد فلم يساهم هذا الارتفاع في أعداد المتعلمين أو الحاصلين على شهادات جامعية في تحسين الواقع الذي يعيشه الناس، لا بل إنه عمق المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الخ. 
إن من أكثر التعريفات أو المعاني الشائعة حول مفهوم التربية القول أن التربية هي الاعداد للحياة أو هي الحياة ذاتها، فإذا كنا في الأردن خاصة وفي الوطن العربي عامة من الدول التي ترتفع بها نسب التعليم وحملة الشهادات الجامعية، لا بل والشهادات العليا مقارنة حتى ببعض الدول الأوروبية، فإن السؤال الذي علينا الوقوف عنده كثيرا ينبغي أن يكون، لماذا لم تنجح أنظمتنا التعليمية في إعدادنا للحياة؟ ولماذا تحول التعليم من أداة ووسيلة للتطور إلى أداة خطيرة يمكن أن تفتك بمجتمعاتنا؟ وهل يمكن أن يكون التعليم خطرا علينا؟ ولماذا تحول التعليم من معول بناء إلى معول هدم؟ 
لماذا فشل النظام التعليمي في بلدنا الحبيب في محاربة آفة الفساد والواسطة والمحسوبية والتي وللأسف الشديد كلما حاربناها نمت وكبرت؟ مع أننا نحاربها منذ عقود. أسئلة كثيرة وشواهد كثيرة يمكن أن نطرحها لنقف على حقيقة نظامنا التعليمي وحاجتنا الماسة إلى تطويره وتحسينه تطويرا حقيقيا. ألا يحتاج كل ما نواجهه من مشكلات إلى الاعتراف بأن نظامنا التعليمي يحتاج إلى مراجعات وتعديلات جذرية؟ 
وأن في العالم الكثير من الشواهد التي كان التعليم سببا في تعافيها وتطورها وتقدمها وأن في العالم أيضا الكثير من الشواهد التي كان التعليم سببا في تراجعها وضعفها على الرغم من امتلاكها الثروات الطبيعية الكبيرة. 
لقد شهد نظامنا التعليمي الكثير من المحاولات التي كانت تهدف إلى تطوير التعليم في الأردن بداء من مؤتمر التطوير التربوي الأول عام 1987 وحتى يومنا هذا والتي وللأسف الشديد لم تؤتي الثمار المأمولة منها. 
يقول المثل الشائع عندنا( إنك لا تجني من الشوك العنب) ويقول جون ديوي ( أنه ليس كافيا أن نقوم بالأشياء بالاعتماد على العرف والعادة لأن ذلك يعيد انتاج ذات النظام الذي نسعى لتغييره) فإذا ما أعدنا المحولات بذات الأسلوب والطريقة فإن منتجنا سيتكرر للأسف مهما كثر عدد المحولات واختلفت المسميات. 
إن المتغيرات الكثيرة والمشكلات الكبيرة التي نعاني منها يحتم علينا أن نعالجها بأساليب مبتكرة وحديثة وأن نتعلم من العالم من حولنا. 
ولعلي أقف هنا مع تحديين اثنين من التحديات التي تواجه التعليم العالي في الأردن وهي:
1- إحداث تغييرات في الجامعات، تغييرات تكون الجامعة من خلالها قادرة على تحقيق فلسفتها وأهدفها ورسالتها، ولتكون الجامعات قادرة على إدارة ذاتها وإدارة الموارد الشرية فيها بكفاءة واقتدار. إن الجامعات لها أدوار يجب أن تقوم بها لتحقق رسالتها، ولتخرج طلبة متميزين ومنافسين وأن تكون الجامعة منتجة للمعرفة، لا أن تكون غارقة في الدين، وأكبر هم لرئيسها أن يوفر رواتب العاملين لديه. فعلى الرغم من ان الكثير من الجامعات تتقدم على سلم تصنيف الجامعات فان مخرجاتها ما زالت دون مستوى الطموح، ولم يلمس العاملون في هذه الجامعات أي أثر لمثل هذا التقدم في التصنيف. 
2- طرائق التدريس حيث ينبغي التركيز على الطرائق التي تشجع التفكير الناقد والتفكير الإبداعي، لإكساب الخريجين الكفايات اللازمة والتي يمكن أن تحولهم من قنابل موقوتة ( قائمة كبيرة من المتعطلين عن العمل) الى مهندسين منتجين فاعلين منافسين، يمكن أن يحولوا التحديات إلى فرص، لا بل أن يحولوا أشباه الفرص إلى قصص نجاح، ليواجهوا الحياة بل ما تحمله من تحديات بكل اقتدار. 

أستاذ المناهج والتدريس
جامعة مؤتة- كلية العلوم التربوية 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)