TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
جامعاتنا والرقابة الغائبة
28/02/2021 - 9:45am

أ‌.د. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة
تحت ذريعة استقلال الجامعات يرفع المسؤولون وأولو الأمر أيديهم عن الرقابة على الجامعات فيتركون رؤساءها يعيثون فيها فساداً, ويتركون لبعض مجالس الأمناء التجاوز على صلاحياتها المحددة لها بموجب قانون الجامعات, ويتناسى المعنيون أنّ هذا المجالس ولدت في بيئة غير شرعيّة, وفي مرحلة سوداوية من تاريخ التعليم العالي تلاشت فيها المعايير والقيم الأكاديمية في الاختيار والتوزيع, وعندما شرع معالي وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور وليد المعاني بنسف هذه المجالس, وإعادة بنائها تكالبت (لوبيات) التعليم العالي عليه, وأسهمت في إقصائه عن صنع القرار.
ما شهدنا في أيام خالية ذات قرب زماني من ردّ محكمة لقرار ترقية عضو هيئة تدريس في إحدى الجامعات, وما أبرزه الدكتور محمد بني سلامة بشأن مسيرة ترقيته في جامعته, وما تناقلته الأخبار من قضية عضو هيئة تدريس حيكت ضده مؤامرات من إدارة الجامعة لوأد ترقيته؛ وما تلغيه المحاكم من قرارات لبعض الرؤساء في الجامعات ما هي إلا شواهد قليلة على الفساد, وعلى الشخصنة في التعامل الإداري والأكاديمي لتكون هذا الحالات شواهد في مقبرة العجز في رقابة الوزارة التي تكلف الدولة مئات الملايين من الموازنة على مؤسسات تابعة لها بحجة الاستقلال.
اليوم وقد أطلق الملك أوامره الواضحة بوأد الواسطة, ونحن نلج إلى المئوية الثانية, وأمر بكف يدّ بعض المؤسسات الأمنية عن التدخل في المؤسسات, نجد أنفسنا أمام سؤال كبير: من يحمي العاملين في الجامعات وقد جاوز الظالمون المدى؟ ففي إحدى الجامعات الكبيرة التي كاد رئيسها أن تنهى خدماته- لولا شفاعة الفاسدين - فصّل إعلاناً لأضعف خريج في قسمه ليكون عضو هيئة تدريس؛ في مؤامرة حيكت لتمرير بعثات غير مستحقة لأبناء بعض العاملين, وفي إحدى الجامعات يمرر رئيس جامعة قبول (50) طالباً من أبناء العاملين في كلية الطب إرضاء للشللية, ويكّلف موازنة الجامعة ملايين الدنانير, ليصبح عجزها المالي في حدود(40) مليوناً, وتتضاعف ديونها لتصل(43) مليونا كما ورد في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2019, وفوائد هذه القروض تبلغ مليون دينار ونيف سنوياً, وفي إحدى الجامعات يتحدث العاملون فيها عن عشرات أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا بكفاءة جغرافية فقط.
وفي جامعاتنا تتلاشى الضوابط القانونية في تشكيل القيادات الأكاديمية فتصبح الاستثناءات هي الأساس, ففي الوقت الذي ينصّ فيه القانون على رتبة الأستاذية في منصب العمداء ونوابهم ورؤساء الأقسام؛ نجد أنّ النسبة الأعلى من شاغلي هذه الوظائف لا تتوافر فيهم رتبة الأستاذية؛ ليس لعدم توافر هذه الرتبة في العاملين في الجامعات بل لأنّ التوزيع كعكعة, وأتمنى أن يتجرأ معالي وزير التعليم العالي ويطلب من الجامعات أرقاماً ونسباً عن حملة رتبة الأستاذ والأستاذ المشارك والمساعد الذي يشغلون هذه الوظائف, وينشر النسب ليرى العالم الحقيقة, وهل له أن يطلعنا على معايير اختيار اللجان في وزارته وهيئاتها وصناديقها؟
لا ضوابط لتعيين نواب الرئيس في جامعاتنا سوى الواسطة والشللية, ففي إحدى الجامعات يعيّن نائبان للرئيس بناء على إملاءات, وهم من أحدث أعضاء هيئة التدريس في الرتب الأكاديمية ومن أقلّهم تميزاً في البحث, ولعلّ بعضهم غاب عن الجامعة عشر سنوات متتاليات, ولا أعرف كيف يطلب رئيس تلك الجامعة من أعضاء هيئة التدريس أبحاثاً منشورة ضمن قواعد البيانات العالميّة, ويجعل ذلك شرطاً للترقية والزيادة, وهو الذي اختار نائباً له خريج جامعة مرموقة لم ينشر بحثاً واحداُ في مجلة عالمية (مرموقة) ؟ وكيف يطلب منهم الدوام والالتزام والتميّز وهو يقتل فيهم أبسط معاني الانتماء للجامعة والإبداع في العمل؟
إنّ غياب العدالة والموضوعية وتلاشي المعايير الأكاديميّة أصبحت سمة أداء في كثير من الجامعات, فالذين دخلوا الجامعات من غير أبواب التّفوق والتّميز وتكافؤ الفرص سواء في إداراتها أم في أعضاء هيئة التدريس؛ هم اليوم من يرسم مشهدها ويقود أذرع المؤسسات الأكاديمية فيها, وقد تسلل قسم منهم تحت بند التحويل إلى عضو هيئة تدريس, وهم من أسهم في التراجع الذي أشارت إليه تقارير هيئة النزاهة والشفافية, فهل الوزارة ومجلسها العالي ناهضة من سباتها العميق؟! وهل غابت الجامعات عن اهتمام أولي الأمر منكم؟

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)