طلبة نيوز-
د. مفضي المومني.
الهرم والنكوص والتراجع سمة الكائنات الحية ودورة الطبيعة وهي سنة الحياة وخاصة للإنسان،وهكذا تتواتر الأجيال، والديموغرافيا أو علم السكان يصنف المجتمعات حسب التركيب العمري إلى أطفال و شباب وشيوخ، ولذلك يطلق على بعض المجتمعات بأنها شابة وفتية مثل مجتمعاتنا لان معدل عدد أفراد الأسرة مرتفع ويصل حاليا إلى ما يقارب 6 أفراد بالمتوسط، بينما توصف بعض المجتمعات بالهرمة او مجتمعات الشيوخ( ولمن لا يعلم الشيخ هو الطاعن في السن والأدلة في القرآن الكريم وليس رجل الدين كما تعودنا أن نقول)، ومن المجتمعات الهرمة الدول المتقدمة ومنها اليابان وكندا على ما اعلم وذلك لانخفاض معدل عدد أفراد الأسرة، والهرم بالطبع والشيخوخة تحترم لكني أسوق البعد العمري الديموغرافي للأفراد في المجتمعات والدول لأسقطه على جامعاتنا مع اعترافنا بان الجامعات العريقة في العالم هي جامعات عمرها قد يصل بضع مئات من السنين وانا لا اقصد هرم الجامعة بطول عمرها لكن الهرم الذي اقصده زيادة واضحة في متوسط أعمار هيئات التدريس فيها، فهل تهرم الجامعات؟
نعم تهرم الجامعات عندما تغلق في وجه الشباب والتحديث والهرم هنا عقلي ومعرفي ينعكس على الأداء والتحديث،وقد ساق لي احد الزملاء انه في إحدى جامعاتنا وفي قسم ما وإلى أمد قريب كان كل أعضاء القسم يحملون رتب الأستاذية ولا يسمحوا بدخول أي عضو هيئة تدريس جديد للقسم، وهذا مضر في عملية التحول والتحديث وانتقال المعرفة عبر الأجيال، هذا إذا علمنا أن درجة الأستاذية عند الغالبية في جامعتنا تعتبر منطقة الأمان، وانتهاء الترقيات وبالتالي الدخول في بيات بحثي شتوي طويل الأمد إذا صح التعبير، وعند البعض مرحلة البحث عن مناصب إدارية أو وجاهات هنا وهنا او المشاكسة ومحاولة إثبات الذات المفقودة أصلا عند البعض، مبتعدين عن الأكاديمية وهي الأصل في عمل الأستاذ الجامعي وأما الأعمال الإدارية على أهميتها فهي استثناء.
ومن أوجه الهرم الأخرى عند بعض أعضاء الهيئات التدريسية والتي تنعكس على الجامعات الهرم العقلي وانحسار المعرفة والأفق، إذا علمنا ان بعضهم يدرس الطلبة من نفس الملزمة ذات الأوراق الصفراء التي ترافقه منذ عشرات السنين، ويعكس مزاجيته وتسلطه على الطلبة،وانخفاض مردوده وجهده الأكاديمي نتيجة عدم مواكبة التطور العلمي والتحديث بحيث ان الطلبة يسجلون المواد عندهم مكرهين ولان بعضهم يحتكر تدريس ذات المواد منذ سنين ولا يسمح لأي من زملائه بتدريسها وأصبحت مجموعة الأساتذة من هذا النوع معروفة لدى الطلبة ويصفونهم يصفات مثل(دقه قديمه، معقد، لا بياخذ ولا بيعطي،بعرفش يضحك،ما بقدر يوصل المعلومة) طبعا نقلت هذه الصفات من صفحات التواصل الاجتماعي على لسان الطلبة ولم انقل غيرها، وطبعا لا يستطيع هذا النوع من أعضاء هيئة التدريس إثبات ذاته لدى طلبته بعلمه بل يلجأ إلى التسلط والتهديد والترسيب مبتعدا عن كل الطرق التربوية في التعامل مع الطلبة ويمتد تاثيره السلبي الى خلق أجيال من الشباب مقتولة الطموح وغير قادرة على التطور، مع تأكيدي ومعرفة الجميع ان هنالك الكثير من اعضاء هيئات التدريس كبار السن في جامعاتنا لهم كل الاحترام والتقدير وهم مثال التطور والتعامل الراقي مع الطلبة ومع زملائهم، ولهم حضور أكاديمي يقدر ويشار له من الجميع.
وفي ظل كل هذا يجب على الجامعات أن تضع خططا لإحلال أعضاء هيئات التدريس لديها بحيث تجد في كل قسم بانوراما من الفئات العمرية، وان تولي الجامعات أعضاء هيئات التدريس حتى من المخضرمين العناية وان تكون هنالك دورات تنشيطية في المجالات التربوية والمسلكية، وكل تكنولوجيا حديثة في مجال التدريس والمعرفة، وكذلك تنشيط عملية إدارة المعرفة لكي لا تبقى المعرفة حبيسة عقول البعض بل تنتقل الى معرفة ظاهرة يمكن تداولها والوصول لها من الجميع، ويطلب من الإدارات الجامعية الاستماع لأراء الطلبة بأعضاء هيئات التدريس وعكسها للمدرس ليعرف كيف يراه طلابه حتى لوا كان رأيهم فيه سلبي فهذا يساعده على تطوير ذاته وادواته لان قضية الاعتداد بالنفس ولا أريكم إلا ما أرى للأسف موجوده عند البعض وهذه اكبر عائق أمام التطور،لكن فهم الإنسان لذاته هي أولى واهم خطوات تطوير شخصيته،وأيضا مطلوب من الجامعات تنشيط الحركة في ما بينها وعمل جمعيات علمية بين أعضاء هيئات التدريس من ذات التخصص ينبثق عنها نشاطات ومؤتمرات وغير ذلك، لأنه من الغرابة ان الكثير من أعضاء هيئات التدريس في جامعاتنا ولذات التخصص لا يعرفون بعضهم، وأصبحت الجامعات وهيئاتها التدريسية في الكثير من الأحيان مغلقة على ذاتها.
نتطلع إلى جامعات بعقليات متفتحة ديناميكية، لا يغزوها الروتين والتفكير السطحي،جامعات يواكب أعضاء هيئات التدريس فيها كل جديد، ونخشى أن الهرم قد يكون غزى بعض جامعاتنا او بعض الأقسام فيها واعتقد ان رؤساء جامعاتنا يعرفون ذلك، وندق ناقوس الخطر لعل الأمور تتغير لما فيه مصلحة قطاع التعليم العالي وبالتالي مصلحة البلد...حمى الله الأردن.
التعليقات
محمد (.) الاثنين, 02/02/2015 - 17:51
الادارات دهورت الجامعات لقد تخلفنا عن الخليج.
عضو هيئة تدريس (.) الثلاثاء, 02/03/2015 - 00:39
د. مفصي .. بداية تحية لمجهوداتك في نقل بعض قضايا التعليم العالي في جامعاتنا ولكن للانصاف لا ار لك ولو مقالا واحدا يلقي الضوء على ايجابية واحدة لدى جامعاتنا ... ارجو ان لا يكون الهم الاكبر هو تصفية حسابات او نقل صورة قاتمة عن الجامعات ... كلنا خطاؤون... ثانية لتصحيح المعلومات فالمجتمعات الهرمة هي التي يكون فيها نسبة كبار السن مرتفعة لاسباب متعددة وليس شرطا بان المجتمعات ذات افراد الاسرة الكبيرة هي مجتمات فتية (ولكن مجتمات ذات نمو سكاني مرتفع) ... فازدياد العمر المتوقع للفرد كنتيجة للرعاية الصحية وغيرها من الاسباب التي قد توصل المجتمع الى الشيخوخة ... ثالثا في الجامعات التخصص هو الفيصل في تدريس المساقات وما تسميه احتكارا لمساق من قبل الاساتذه ما هو الا بسبب انه يقع ضمن ما تخصص به الاستاذ ... فلا يعقل ان تكون المساقات "مشاع" لمن يريد والا فما الهدف من التخصص...وفيما يتعلق بنشاط اعضاء الهيئة التدريسية ممن وصلوا الى الاستاذية فهو غالبا ضعيف كما اوردت فيمقالتك لعدم وجود ما يحفز على ذلك ولكن لا ننسى بان عضو هيئة التدريس له اسرة وابناء ويحتاج ليرعاهم والتزامات اجتماعية ايضا ... وبطبيعة الحال يلعب العمر والحالة الصحية دورا في مدى نشاط الاستاذ ..ولا تغفل عن ان البحث العلمي موضوع غير ميسر لعدم وجود البنى التحتية اللازمة والدعم الكافي... ومع ذلك فالجامعات حريصة على وجود توليفة ما بين اساتذه كبار في السن واعضاء هيئة تدريسية من فئة الشباب ... واخيرا لا ننسى بان تدني مستو الطلبة في الجامعات وعدم الرغبة في التعلم لديهم وانما الحصول على شهادة جامعية من الاسباب التي تثبط حماس ونشاط اعضاء الهيئة التدريسية.
الكاتب (.) الثلاثاء, 02/03/2015 - 18:40
عريري عضو هيئة تدريس شكرا على ما تفضلت به لكن للتاكيد انا لا امارس اي تصفية حسابات مع احد وليس لي خصومه مع احد وامارس،عملي الاكاديمي بكل اريحيه والاداره امارسها ومارستها كثيرا ولا ابحث عنها وما اكتبه هو محاوله متواضعه لنصبح افضل…. وهو نقد بناء لا معول هدم… ولا اعمم بما اكتب… .اما انني لا اكتب عن الايجابيات فلا اظن ذلك فقد اوردت منها ما اتسع السياق لذكره… لكني على عهد مع ذاتي ان لا انافق لاحد ولا اطبل او ازمر لاحد بل همي دائما الاردن وشعبه والايجابيات تتحدث عن ذاتها اما ما ذكرته عن التدريس فهذه ابجديات اعرفها وانا اقصد ابناء التخصص الواحد يا سيدي واما الجامعات فلم اعمم بل ذكرت بعض الجامعات والاقسام… واما التفصيلات التي اوردتها فاعرفها لكن في كتابة المقال لا مجال للتفصيلات… اخيرا شكرا لاهتمامك
طالب تعيين (.) الثلاثاء, 02/10/2015 - 22:46
"ويطلب من الإدارات الجامعية الاستماع لأراء الطلبة بأعضاء هيئات التدريس وعكسها للمدرس ليعرف كيف يراه طلابه " ا>كر ان الجامعة الاردنية تبنت يوما ما استراتيجية التقييم لأعضاء هيئة التدريس من قبل الطلبة. وقد علم استا> دكتور في الاثار بموعد التقييم. وحصل في تلك المحاضرة ان دخل المقيم ليوزع اوراقه على الطلبة. والمفاجئة الاولى ان النتيجة كانت تفيد بان الاستا> المحترم "الله خلقه وكسر القالب" والمفاجئة الثانية ان 43 طالب من اصل 59 كانوا يحملون اسم عشيرة الدكتور المحترم
طالب تعيين (.) الثلاثاء, 02/10/2015 - 22:49
"مع تأكيدي ومعرفة الجميع ان هنالك الكثير من اعضاء هيئات التدريس كبار السن في جامعاتنا لهم كل الاحترام والتقدير" ارجو ازالة كلمة كثير فتصبح الجملة اقرب للصدق والصحيح. وللعلم فان من يقوم بسن القوانين هم مجموعة من المشايخ وبزيدوا اعمار البقاء في الجامعات مشانهم بس يلفظهم العمل الرسمي
طالب تعيين (.) الثلاثاء, 02/10/2015 - 22:56
اخي عضو هيئة التدريس:
ان تعيين ابن خالة عم احد رؤساء الجامعت او الوزراء او حتى اسات>ة القسم بين مجموعة من المشايخ لايعني بالضرورة ان هناك موائمة بين الاجيال التدريسية في القسم.وبالنهاية اللي اعطاك العضوية يعطينا ان شاء الله.
اضف تعليقك