TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
جراحة في جسم التربية والتعليم
15/02/2015 - 5:45am

طلبة نيوز- احمد ذيبان

الانتفاضة التي أطلقها وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات ، أغضبت البعض ونالت إعجاب الكثيرين، وهذا أمر طبيعي في أي ردود فعل ، على قرارات واجراءات جوهرية تطال قطاعا حيويا، والحقيقة أن الوزير قدم نموذجا للشفافية والجرأة في كشف الحقيقة المرة ، وقد نفض غبارا كثيفا تراكم خلال فترة طويلة على ملف التربية والتعليم، أخفى تحته تراجعا كبيرا في مستوى التعليم العام، وانتقل بالضرورة الى التعليم الجامعي، وبضمن ذلك تدني مستوى عدد كبير من أعضاء الهيئات التدريسية، في المدارس والجامعات !
كانت الصرخة الأولى المثيرة ، التي أطلقها الوزير الكشف عن وجود أكثر من مئة ألف طالب في المرحلة الأساسية لا يجيدون القراءة والكتابة، ومع ذلك فهم يترفعون بشكل تلقائي! وكان من بين نتائج ذلك عدم نجاح أي طالب في 324 مدرسة حكومية و7 مدارس خاصة، في امتحان التوجيهي خلال الدورة الصيفية 2014 ، ومع ذلك تكون التقارير السنوية لمعلمي تلك المدارس»ممتاز»!
أبرز الاجراءات الاصلاحية التي قادها الوزير، إعادة الهيبة لامتحان الثانوية العامة «التوجيهي» ، وكان أكثر مظاهر تراجع الامتحان انتشار ظاهرة الغش، وابتكار أساليب جديدة لذلك، باستخدام أجهزة ووسائل الاتصال الحديثة ! وأكثر من ذلك كانت عمليات الغش تتم في بعض المناطق ، باستخدام العنف والتخويف ، بدعم من مجموعات متواجدة حول قاعات الامتحان !
وكان من نتيجة ذلك ارتفاع غير طبيعي، في معدلات عدد كبير من خريجي التوجيهي، وحرمان الكثير من الطلبة المجتهدين ، من فرص العدالة وتكافؤ الفرص في أداء الامتحان ! وربما ساهم في هذه الحالة عقد الامتحان على دورتين شتوية وصيفية، وما رافق ذلك من أعباء اضافية على الطلبة وأولياء الأمور، وجهود ادارية ولوجستية مضاعفة، وكلفة زائدة على الوزارة وأجهزة الدولة المعنية، فضلا عن تيسير عمليات الغش !
وهنا يجدر التذكير بأن عقد الامتحان لدورة واحدة، خلال عقود من الزمن كانت نتائجه تخريج أجيال من الكفاءات والقيادات المميزة ، وفي هذا الصدد فان التوجه الذي أعلن عنه الوزير الذنيبات لعقد الامتحان في دورة واحدة صيفية ، يعيد الامور الى مسارها الصحيح، وان كان هناك وجهات نظر متعددة حول كيفية إصلاح هذا الامتحان وبعضها يدعو لإلغائه !
الآن عادت الامور الى سياقها الطبيعي، وتوقفت عمليات الغش خلال الدورات الثلاث الماضية، جراء الاجراءات الصارمة التي اتخذت، لكن المطلوب أن يتم تعاطي الطلبة مع الامتحان ، بعيدا عن القلق والتوتر والنفسي، وان لا يتحول الى بعبع» يرهب الطلبة ، بل تهيئة الظروف المناسبة للتعامل معه كمتطلب واستحقاق أكاديمي طبيعي، لمتابعة التحصيل الدراسي في المرحلة الجامعية.
تناسلت فروع المرحلة الثانوية خلال السنوات الماضية ، وتداخلت التخصصات الأمر الذي تطلب ، إعادة حصر التعليم الاكاديمي في الفرعين العلمي والأدبي كما كان في السابق ، وإلغاء فروع الادارة المعلوماتية والتعليم الصحي والشرعي، ودمج بعض المباحث الخاصة بها بالفرعين الأساسيين»العلمي والأدبي».
ومن المفارقات العجيبة المثيرة للسخرية، التي ميزت امتحان التوجيهي خلال السنوات الماضية، السماح لطالب الفرع العلمي، بشطب بعض المواد العلمية «فيزياء، كيمياء ، رياضيات، أحياء» من معدله ، ومع ذلك يتقدم للقبول في كليات الطب والهندسة والصيدلة !
الانتفاضة التي يقودها الوزير متعددة الجوانب ، تشبه عملية جراحية ضرورية في جسد العملية التعليمية لإعادة هيكلة الوزارة ، وحسب التصريحات التي يطلقها ، ستطال العناصر الأساسية للعملية «المنهاج، المعلم، الأبنية المدرسية»، وستتوج في مؤتمر الاصلاح التربوي المزمع عقده قريبا. على أن لا تكون توصياته ومقرراته مجرد زوبعة اعلامية، ثم توضع في الأرشيف، وما يطمئن أن الوزير يتحدث عن مؤسسية في هذا الصدد، بحيث يشارك في المؤتمر خبراء ومتخصصون من مختلف القطاعات ، ولا يرتبط تنفيذ مخرجات المؤتمر بشخص الوزير أيا كان.
 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)