TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
حصرم
23/01/2021 - 12:00pm

حصرم بقلم د. إبراهيم العرود جامعة مؤتة

نطالع يوميا على صفحات الفيس من أعضاء هيئة تدريس في الجامعات الرسمية تحديدا، هجوما كبيرا على تبني الجامعات في تقييم النشاط البحثي لأعضاء هيئة التدريس من أجل الترقية أو النقل من فئة إلى فئة أعلى التصنيفات العالمية مثل سكوبس وأي س أي وغيرها. وحسب رأي هؤلاء الأخوة فإن هذه "الموضة" في تقييم العمل البحثي لأعضاء هيئة التدريس غير مناسبة وتخدم أجندات دور النشر "التجارية" وأننا حسب رأيهم يجب أن ننشر "علومنا" في "أوعية نشر" محلية أو عربية لأنها أكثر "فائدة للعلم والمجتمع" وتناسب "قدراتنا" كونها مكتوبة باللغة العربية بدلا من الإنزلاق في متاهات فوضى دور النشر العالمية وتصنيفاتها "التجارية، كما أن النشر في العربي "أفضل" لما يواجهه "الباحث" من صعوبة اللغة الإنجليزية وتأثير ذلك على "جودة" المنتج "البحثي".
يبدو للمراقب غير المختص "وجاهة" هذا الرأي وسداده ومن أن هذه "الموضة" ضارة وتفيد تجارة دور النشر في الخارج ولا تخدم العلم بشيء.
العجيب أننا نتحدث باستمرار عن تردي مستوى البحث العلمي في الجامعات ومن تردي مستوى الخريجين وضحالة قدراتهم العلمية في شتى التخصصات دون إستثناء إلا من رحم ربي من قلة قليلة جدا تبذل جهودا مضاعفة للتميز.
إذا أردنا النهوض ومواكبة الأمم، فيجب أن نتنافس مع العلماء على مستوى عالمي وليس التقوقع في شرنقات ضيقة، محلية أو إقليمية، مستوى التنافسية فيها معدوم تماما. إذ أن النشر في مجلات محلية أو إقليمية (بعضها للأسف تجارة عينك عينك ولا تختلف عن صوبة حطب تستقبل كل شيء: حطب، بلاستيك، أحذية قديمة، زبل، وغيرها مما لا يتسع المقام لذكرها). على الطرف الآخر، فإن أوعية النشر العالمية من الدرجة الأولى والثانية هي في صعوبة معاييرها في قبول ما يقدم لها ولا تقبل أن ينشر في أوعيتها إلا ما هو مفيد ويخدم العلم وضمن مجال تخصص المجلة فقط (ليست كشكول كما هو حال الكثير من المجلات) ويخضع ما يقدم لها لتحكيم رصين من علماء يتم إختيارهم بناء على قدراتهم العلمية فقط ولا علاقة للواسطة أو الهلو (HELLO) بقبول "البحث".
أنصع مثال على تردي القيمة المعرفية مقارنة بالهدر المالي الضخم هو الكم الهائل من شهادات "الماجستير" و"الدكتوراه" التي يتم تخريجها سنويا وبالمئات وربما آلاف (نتاج صفر على الشمال في معظمها)!
عندما تتقوقع أي منظومة على ذاتها فإنها حتما ستنهار خلال وقت قصير، وهذا ما نلمسه من تردي مستوى التعليم عندنا على كافة الصعد، فالطالب المدرسي نتاج مدرس تخرج من "جامعة" وهو نتاج عضو هيئة تدريس ضعيف. وبالتالي، فإن بداية الضعف والترهل تبدأ من الأعلى وليس من الأسفل، كما هو حال كل النظم الطبيعية والبشرية، الخراب والفساد يتبع قوانين الجاذبية ينحدر من الأعلى للأسفل وليس العكس.
وكمثال صارخ وحي على ما سبق، كانت مساهمات العلماء الصينين في البحث العلمي قبل عشرين سنة تحديدا لا تتجاوز 1-2% من الإنتاج العلمي العالمي، أما في الوقت الراهن فلا يخلو عدد من مجلة علمية رصينة إلا ونجد نسبة كبيرة منها لعلماء صينيين! وقس على ذلك الهند وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي تزامنا معها بنفس القدرات وربما قدرات أقل خلال النصف الثاني من القرن العشرين. لم يحتج علماء الصين أو الهند أو كوريا واليابان والدول الأخرى على أن تكون معايير المنافسة عالية بل قبلوا التحدي وأثمرت جهودهم تقدما ملموسا لشعوبهم على كافة الصعد .هم يتقدمون بخطى ثابتة بارزة للعيان على كافة المستويات: دولي، تقني، عسكري، ثقافي، مستوى معيشة ونحن لله الحمد كنا أفضل حالا قبل عقدين مما نحن فيه الآن ولا نزال نكابر أننا "الأفضل" وأصبحنا "كمان" ملطشة!
حان الوقت أن نستيقض من سباتنا وأن نواكب العالم فنحن جزء منه ولسنا بمعزل عنه وما لم نطبق المقولة الشهيرة في جامعات العالم: ( PUBLISH OR PERISH) بمعنى إما أن تنشر أو تنتهي (أو أكثر دقة: تنقرض).

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)