TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
حملة الدكتوراه المتعطلون والمسؤولية الغائبة
22/06/2019 - 2:45pm

أ د . سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة
تفاعلت قضية حملة الدكتوراه المتعطلين عن العمل في الأسابيع الفائتة, وغدت رياحها منذرة بأزمة كامنة تحتاج فقط بعض الإثارة لتصبح زوبعة أو ترتقي إلى عاصفة, في الوقت الذي تعصف به الأزمات بالوطن, وتحاصرنا التداعيات الإقليمية والعالمية, وتتوالى علينا المصاعب الداخليّة وتتأزّم, فحملة الدكتوراه أصبحت ظاهرة في المجتمع, وهي قضيةّ وطنيّة لا يجوز الصمت عليها؛ فتتفاعل وتأخذ منحى لا أحد يرغب فيه غير المتربصين بالوطن.
علينا أن نسلّم بحقائق بادئ ذي بدء لنضع الأمور في نصابها الصحيح, ولسنا معنيين هنا برضى بعض المعنيين أو سخطهم في مواقفهم من هذه الحقائق, فالجامعات الأردنيّة الرسمية ليست معنيّة بتعيين كلّ المتعطلين عن العمل من هذه الفئة, وكذلك الجامعات الخاصة, ولكن يقع على عاتق الجامعات بصنفيها مسؤولية الإسهام في حلّ هذه المشكلة من خلال إتاحة الفرص للمنافسة الشفافة العادلة في التعيين, وأن تنأى الجامعات عن سياسة التفصيل في الإعلانات, وتحويل العاملين فيها من حملة الشهادات العليا إلى أعضاء هيئة تدريس من خلال تعديل تشريعاتها وتفصيلها لهم, وتترك المتعطلين دون منافسة, فتخسر الجامعات الكفاءات الأفضل منهم في منافسة شريفة تصبّ في النهاية في صالح الجامعات لو أردنا لها الأفضل, ولا يجوز للجامعات أن تصف شهادات هؤلاء بالهابطة المستوى؛ لأنّها من جامعات معينة, ونحن نعرف جيّداً أنّ بعض خريجي هذه الجامعات قد ولج إلى جامعاتنا بصنفيها الحكومية والخاصة, وغدوا مسؤولين فيها وأصبحوا من قيادات التعليم العالي.
وفي هذا السياق يجب أن تتحمل وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي مسؤوليتها في تضخّم أعداد الخريجين من برامج الدراسات العليا عندما فتحت باب القبول للطلبة على مصراعيه في برامج الدكتوراه دون ضوابط لأهداف مالية, وسمحت للجامعات الحكومية والخاصة بخلق حالة تضخّم في أعداد الخريجين, وتلاشت ضوابط القبول في هذه البرامج حتى غدت مرتعاً للنطيحة والمتردية, والقول نفسه عندما قامت الوزارة بفتح القبول لهؤلاء الطلبة في الخارج ومعادلة شهاداتهم, والاعتراف بجامعاتهم التي نقول عنها إنّها هابطة المستوى. ومخطئ من يظنّ أن مستوى الخريجين من هذه الجامعات أسوأ من مستوى كثير من خريجي جامعاتنا بتصنيفيها الحكومي والخاص. وعلى الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة أن تخجل من اشتراط تخرج الدكتور من جامعة غربية عندما تعلن عن حاجتها إلى أعضاء هيئة تدريس في الوقت التي خرّجت هي فيه مئات الطلبة في هذا التخصّص. وعليها أن توقف الابتعاث في التخصصات التي يوجد فيها خريجو دراسات عليا من جامعاتنا أو من جامعات محترمة, أي أن يقترن الابتعاث بإعلانات توظيف سابقة. 
ومقابل ذلك على المتعطلين عن العمل من حملة الدكتوراه الذين استرخصوا الرسوم في بعض الجامعات, واستسهلوا الحصول على شهاداتهم من بعضها, وأخفقوا في جامعاتنا وتفوقوا في تلك الجامعات؛ أن يتحملوا مسؤولية اختيارهم لتخصصاتهم وجامعاتهم, والدولة الأردنية لم تجبر أحداً على البحث عن جامعة هابطة المستوى ليدرس فيها. وعلينا أن نأخذ بالحسبان الازدواجية في تعامل الجامعات مع هذه الفئة, فمنهم من ولج إلى جامعاتنا بالمحسوبية والواسطة, ومنهم من لم ولن يحالفه الحظ بسبب تدني مستوى الجامعة التي تخرّج فيها, وتفعيل نظام ممارسة العمل الأكاديمي خطوة متقدمة في هذا المضمار لضبط التعيينات. 
إنّ ثلاثية المسؤولية على الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي وأذرعها من الجامعات, وهيئة الاعتماد, والمتعطلين عن العمل تدفعنا إلى القول بالحاجة إلى مؤتمر وطني مختصّ تنبثق عنه تشريعات صارمة وملزمة وموحدة بين الجامعات في التعيين والابتعاث, وإلغاء تعديلات قانون الجامعات التي مددت السن القانونية لإنهاء عمل الأكاديميين إلى سن 75 سنة, والاكتفاء بما هو موجود سابقا من تعيين الكفاءات المتميزة أساتذة شرف بعد سن ال(70), وضبط التحويلات الخاصة بالعاملين في الجامعات إلى أعضاء هيئة تدريس إلّا من خلال منافسة متاحة للجميع كما كان الحال سابقاً, وضبط مخرجات التعليم العالي في برامج الدراسات العليا وتقليل الأعداد المقبولة فيها, وضبط معادلة الشهادات الواردة إلينا من كلّ فجّ عميق. وكذلك تحسين الظروف المعيشية لحملة هذه الشهادات في مؤسسات الدولة لتقترب من ظروف العاملين في الجامعات؛ لتتنافى الفروقات الشاسعة بين الفئتين. 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)