TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
داعش وبواعث الحركة الصليبية
03/03/2015 - 6:30am

طلبة نيوز- أسامة خالد ابوالغنم

لعل العنوان يبعث على الاستغراب لدى البعض ، بين ما يربط هذا التنظيم المتطرف الراديكالي والحركة الصليبية ؛ التي يعرفها أصحاب الاختصاص في هذا المجال بأنها : " حركة كبرى نبعت من الغرب الأوروبي المسيحي في العصور الوسطى ( 1095 – 1291م ) واتخذت شكل هجوم حربي استعماري على بلاد المسلمين وبخاصة في الشرق الأدنى بقصد امتلاكها ، وقد انبعثت هذه الحركة عن الأوضاع الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والدينية التي سادت أوروبا في القرن الحادي عشر الميلادي ، واتخذت ستارا دينيا للتعبير عن نفسها تعبيراً عملياً واسع النطاق " . ( سعيد عاشور ، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب ، ص 15)

في الواقع ان التأمل في بواعث كلا الحركتين وأسباب انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين لصفوفها تتقارب بشكل لافت يدعو إلى تسليط الضوء في البواعث والأسباب الحقيقية في الانجذاب إلى هذا التطرف ، الذي شكل صفحة سوداء في تاريخ المنطقة . وحسب تقارير عدة نشرت في : " The Soufan Group " و " Newyork Times " و " Wall Street " تبحث فيها دوافع الشباب في الانضمام إلى داعش ، يظهر منها المفارقة التاريخية في تشابه واضح لبواعث العوام من الانضمام للحركة الصليبية .

حيث شكل الدافع الديني ابرز تلك الدوافع التي استندت عليها داعش في تبرير وجودها وقيامها ، كامتداد للإرث التاريخي لمؤسسة الخلافة ووريث شرعي لها . فقد شكل العامل ( العقائدي ) ابرز سبل الجذب إلى صفوفها ؛ بإحياء الجهاد ونصرة المستضعفين وحماية الإخوة في الدين . في المقابل كانت الروح الدينية في الحروب الصليبية باعث لا يستهان به آنذاك ، وغرس فكرة استرداد الأراضي المقدسة وإنقاذ إخوة الدين من الهجمات الغاشمة .

كما مثل الواقع الاجتماعي محرك أساسي للمنتمين للتنظيم المتطرف ، فأكثر الفئات من الأقل حظاً وممن يعانون وضع اقتصادي سيء وقاسي ( كالبطالة مثلا ) ، يليها من ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية المتوسطة ، واقلهم من الطبقة الميسورة . وهنا تشابه واضح مع الباعث الاجتماعي للحركة الصليبية حينما كان الغالبية العظمة من الناس في أوروبا ( وبالتحديد في الغرب منها ) يحيون حياة شاقة مليئة بالذل والهوان اثر النظام الإقطاعي المطبق آنذاك ، اذ مثلت الدعوة الصليبية فرصة للتخلص مما كانت ترسف فيه من نكد الدنيا ، ومهما كانت الأخطار في الانضمام الا أنها تهون أمام الفاقة ، فليس أمام الكثير منهم ما يخسره .

كما ان بعض المنتمين إلى هذه الأيدلوجية المتطرفة قد وجدوا فيها شيء من تحقيق ذاتهم ، وحب المغامرة والبحث عن البطولات . واعتبارها ميداناً للتعبير عن شجاعتهم ومواهبهم القتالية . وهذا السبب تحديدا ما دفع الفرسان الغربيين للاشتراك في الحروب الصليبية ، بغض النظر عما في المشاركة من سعي مشكور وذنب مغفور .

اما الدافع الاقتصادي فيظهر فيه رغبة البعض في الحصول على المكاسب الاقتصادية وجني الثروة ، والمخاطرة بقصد الحصول على الربح واستثمار الفرص . ولا يغفل الدعاية التي مارسها المتطرفون في استقطاب العديد من المقاتلين بشتى السبل والوسائل ، وهنا يتبادر إلى الذهن جهود ( بطرس الناسك ) في الدعاية لمشروع الحرب الصليبية .

ان تسليط الضوء على مدى تشابه الدوافع ما بين الأيدلوجيات المتطرفة والحركة الصليبية يسهل عملية التنبوء وإيجاد الحلول الجذرية للمعاضل التي تجتاح المنطقة ، فلا بد من تضافر الجهود وفتح أبواب التعاون على مصراعيها في كافة الميادين .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)