TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
دراسة، تدريس و كواليس  ذكريات زرقاوية معلبة (3) 
24/08/2017 - 4:45am

أ. د. نجيب ابو كركي * 

كان التنافس حادا جدا في الصف الثاني الاعدادي أ بمدرسة الرازي الاعدادية المجاورة لجامع العرب في الزرقاء ما بين زميل كريم لم التقه منذ اربعين عاما وأنا. كان متميزيا في الرياضيات فوالده كان يعمل استاذا لها، ومدرستنا لم يكن بها مختص في الرياضيات تلك السنة. اوكلت المهمة لاستاذ الرياضة (أ. عيد)! وقد تعذب كثيرا وعذب الصف بأكمله، وفي يوم جاء مدير المدرسة المميز الاستاذ عدنان المعاني رحمه الله واجرى اختبارا لطلبة الصف في الرياضيات. كانت النتائج كارثية. لم ينجح الا اثنين : منافسي وحصل على 88 ٪‏ ، وانا وحصلت على 55 ٪‏. لكن المنافسة الشديدة بيننا كانت بكل المواد. له في الصف اتباع ومؤيدين يوجههم و يرأس "رابطتهم" حصناوي ولي اتباع ومؤيدين يوجههم ويرأس "رابطتهم" طفيلي. وقد انعكست المنافسة واصبح بالامكان تمييز من من المعلمين يميل معي ومن منهم يميل معه. كان ابرز مؤيديه استاذ الانجليزي ( أ. حسن - كان شيطاني يهيؤ لي ان لوشائج القربى الجغرافية في ذلك دور) كان مشجعا مطلقا لمنافسي، يشجعه بكل حركة ومناسبة . وفي احدى المرات قال مفتخرا وموجها كلامه لزميلي وعلى عينك يا تاجر كما تهيأ لي "والله انت مستعد اعطيك جاكيتتي"! وكنت اتمنى لو نطق سعدا وقال مثلا : فردة حذائي بدل الجاكيت! لعلي احصل من باب العدل والمساواة على فرصة الفوز بالفردة الاخرى! من ناحيتي كان ابرز المعجبين اساتذة التجارة (أ. ماجد- الذي كان متآثرا جدا بتوابع نكسة حزيران 67) و الجغرافيا ( أ. نمر الظاهر ) واللغة العربية (أ. عبد العزيز). في ثلاث سنوات المرحلة الاعدادية كان معدلي في مادة التجارة 100٪‏ كل سنة. وقفت مرة انتظر استاذ الرياضيات ان يصلح ورقتي للامتحان النهائي بعد ان انهيت الامتحان مبكرا وكان استاذ التجارة بجانبه فسمعته يقول له اتق الله يا رجل! نجيب مش اقل من 100٪‏ وبدون تصليح ! مش شايف عيونه ؟؟ تشع ذكاءا ؟؟ .. ليش لأ ؟ هرولت عائدا للبيت ولاقرب مرأه متوفرة، انتزعتها من اعلى مغسلة الحمام ليناسب موقعها طولي انذاك ثم اطلت الوقوق والتحديق بعيني في المرأة حتى تعبت ! دون أن الحظ شيئا يذكر! جيرت الموضوع بعدها وبدأت اعشق اغنية العندليب الاسمر - ابو عيون جريئة - واظن انها بتوارد الافكار او بتسريب القصص أضحت لي لقبا في بعض الاوساط المقربة من بعض بنات الجيران كما اخبرن شقيقتي التي يؤهلها موقعها الطبيعي كأختي ان ترى بي دوما غزالا صغيرا ! استاذ اللغة العربية الذي كان يتابع دراسته بالمراسلة بجامعة بيروت العربية والذي كان يقول مفتخرا بكل مناسبة بحقي هذه اول مرة يحصل بها طالب عندي على معدل 100٪‏ في القواعد. حلت نهاية نصف السنة و كنت متيقنا من خسارة المنافسة لصالح منافسي العنيد والمعنويات متدنية كمعنويات مواطن يتابع مجريات جلسة برلمانية رتيبة تنتهي باقرار زيادات عشوائية تعمق اغراقه بالضرائب المتنوعة ، اذ كان لمنافسي تميز واضح في الرياضيات وعندما جاء مربي الصف ( استاذ العلوم - أ. مصطفى الشيخ) بداية الفصل التالي ليعلن علينا النتائج والكل متحفز ليعلم نتيجة المنافسة، وانا بمعنويات متواضعة، صعقني اعلانه ان الاول بالصف هو نجيب ! مضيفا " وبكل جدارة !" لم اصدق لأول وهلة وكان لذلك ما يبرره فقد حصلت معجزة حقيقية قلبت كل الموازين. المعجزة هي انني حققت علامة غير متوقعة وغير معقولة هي 100 ٪‏ في كل من المحفوظات و النصوص و الانشاء العربي! مجمعا 300 من 300 اما منافسي ( المهندس مازن الان) فقد كان متخلفا عني ب 70 علامة مما احدث الفرق وحسم المنافسة لصالحي، ولا بد لذلك من تفسير علمته بمحض الصدفة وعن طريق زميل في الصف اخته معلمة رياضيات اوكل اليها زميلها استاذ العربي مهمة تصليح اوراق المحفوظات والنصوص والانشاء كونه كان مجبرا ان يغادر لبيروت لاجراء امتحاناته بجامعتها وترك لها تعليمات تقول: انظري لاوراق نجيب وضعي له علامات كاملة وصلحي للبقية بالمقارنة مع تلك الاوراق ! ومن هنا جاءت علامات تلك الامتحانات كاملة فيما يخصني ومنقوصة فيما يخص منافسي الفذ! كان للاحداث بعض التوابع والهزات الارتدادية ! استدعتني معلمة الرياضيات التي " اقترفت" تصليح اوراق اللغة العربية وطلبت مني ( كقائم مقام فلتة زمانه!) ان اساعد اخيها في اللغة الانجليزية مقابل ان تساعدني واياه وزميل اخر في الرياضات من ذلك الوقت فصاعدا. تغير نمط دراستنا فبعد ان كنت ادرس مع زميلي المميز محمود مسلم البنوي اصبحنا ثلاثيا هو وانا وكامل الاوصاف شقيق المعلمه الذي كاد ان يودينا في مئة وواحد وستين داهية ! ( الستين المعهودة مضافا اليها شوية ضرائب !) .. ولحديث الذكريات بقية ان شاء الله. اسعد الله اوقاتكم.. 

* استاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل - كلية العلوم- الجامعة الاردنية

صورة 1

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)