TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
د. بني حمد يكتب ل طلبة نيوز : ثورة ملكية بيضاء لإصلاح التخبط في إدارة الدولة الأردنية 
05/05/2019 - 10:45am

بقلم الدكتور عارف بني حمد
يقود جلالة الملك شخصيا ثورة بيضاء إدارية لاصلاح الخلل في إدارة الدولة والأجهزة السيادية ، وعلى رأسها دائرة المخابرات العامة مخ النظام والعقل المركزي للدولة ومخزن تفكير الدولة الإستراتيجي ، وهي خطوة كانت منتظرة وضرورية وملحة لتفعيل ماكينة الدولة والقضاء على حالة الترهل والتناحر والتنافس بين مراكز القوى والنفوذ، مع إقتراب المساعي الأمريكية لفرض ما يسمى صفقة القرن بعد شهر وما تشكله من تهديد للمصالح العليا للدولة الأردنية . 
وقد تولت دائرة المخابرات العامة (الجهاز الأمني والسياسي) منذ تأسيسها عام 1964، وفقا لقانونها مهمة حماية الأمن الوطني داخليا وخارجيا وحماية مصالح الدولة الأردنية بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى ، وقد نجحت هذه التجربة في الحفاظ على كيان الدولة وأمنها الوطني، رغم التحديات الإقليمية التي واجهت الدولة في مراحلها المختلفة . وكان مدير المخابرات بحكم وظيقته هو المستشار الأول للملك لشؤون الأمن القومي والشؤون السياسية ومقررا لمجلس أمن الدولة .
ويجب الإعتراف بأنه خلال العقدين الماضيين قد أصاب الجهاز مثله مثل كل مؤسسات الدولة الأردنية الأخرى أمراض الإدارة العامة الأردنية والصراعات الوظيفية والشللية والمحسوبية وتدخلات مراكز النفوذ والقوى بعمل الجهاز، وتولى إدارة الجهاز بعض الضباط الضعفاء وغير المؤهلين، مما أضعف الجهاز وقلل من هيبته ، وزاد من حدة الصراع بين كبار الضباط وكان سببا في تصفية كفاءات الجهاز وإحالتهم على التقاعد المبكر في عز العطاء والإنجاز نتيجة هذه الصراعات .
ولم تكن آلية إختيار بعض مدراء الجهاز موفقة خلال هذه الفترة ، علما بأن الجهاز كان ذاتيا يصعد ضباطه المميزين ويجهزهم لتولي المناصب القيادية بالجهاز من دون تدخل من القيادات السياسية والحكومية، وعندما يصل الضابط المميز لمنصب نائب أو مساعد المدير يصبح في حكم المؤكد أنه المدير القادم، ويكون هذا الضابط محل إجماع ومبايعة من كل الضباط بأنه يستحق هذا الموقع ، لأن معيار التصعيد هو الكفاءة ، ولم يكن بالجهاز أي صراع على السلطة بين كبار ضباط الجهاز ، لأن كل ضابط يعرف إمكاناته وحدوده ، وكنا نعرف من هم مدراء الجهاز القادمون لسنوات قادمة نتيجة هذه المعايير . 
وعلى ضوء الأزمات الداخلية والإقليمية التي تواجه الأردن الآن، أدرك جلالة الملك بوجود تخبط في إدارة الدولة الأردنية وكثرة الطباخين في الملفات الأمنية والسياسية، وإختل توازن الدولة الأردنية ، وتعددت مراكز القوى والنفوذ ، وأصبح هناك تخبطا في إدارة الدولة ومؤسساتها ، وأنه بات من الحكمة إعادة التقييم والتصويب . ولن يصلح الحال إلا باصلاح الخلل في الدولة ككل وإعادة الأمور الى نصابها بالعودة الى مركزية القرار الأمني والسياسي في الدولة بإشراف ورعاية عقل الدولة المركزي دائرة المخابرات العامة .
وقد وقع إختيار جلالة الملك في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من عمر الدولة الأردنية لتصويب هذه التجاوزات الفردية في جهاز المخابرات وإعادة الأمور الى نصابها ، على عطوفة اللواء أحمد حسني حاتوقاي (أبو سارة )، وهو من عائلة شركسية كريمة مخلصة للوطن والقيادة الهاشمية ، كان والده رحمه الله من كبار ضباط الجهاز في فترة السبعينات .
وعطوفة الباشا أبو سارة على قدركبير من المسؤولية وكل الآمال معقودة على عطوفته لإنجاز هذه المهمة ، وهو رجل خلوق ونقي ونظيف ونزيه، لا توجد لديه أجندة سوى أجندة الوطن ، ضابط عمليات محترف ، تسلسل بشكل طبيعي في العمليات من رتبة ملازم وتبوأ مناصب قيادية في مختلف المواقع، وآخرها مساعدا للمدير، وعمل في الظل بصمت في ملفات داخلية وخارجية ، رجل مؤسسي ومحترف ومهني في العمل، لم يدخل في صراع مع زملائه في العمل ، ويحظى بإحترام الضباط العاملين والمتقاعدين .
وتضمنت رسالة جلالة الملك لعطوفة الباشا أبو سارة بكل شفافية بوجود خلل وتجاوزات فردية حدثت بالجهاز تتطلب التصويب وفقا لقوانين الدائرة وعلى مبدأ تلازم المسؤولية والمحاسبة . 
وكلنا أمل بقدرات عطوفة الباشا على تنفيذ التوجيهات الملكية السامية ، ونقدم إقتراحات لعطوفته : 
أولا : العودة الى إسلوب عمل الجهاز خلال فترة إدارة معالي طارق باشا علاء الدين ، حيث كان الجهاز في عهده مستقرا ومؤسسيا ومغلقا ومهيوب الجانب داخليا وإقليميا، وكان مبدأ السرية في العمل الإستخباري هو الأساس ، وهذا يتطلب: إلتزام الضباط بقانون المخابرات وتفعيل النيابة العامة في الجهاز لتطبيق مبدأ المسألة والمحاسبة للقضاء على التجاوزات الفردية لبعض الضباط ، العمل بالإسلوب الإستخباري التقليدي بإلزام الضباط بإستخدام الاسماء الحركية والإبتعاد عن إقامة علاقات شخصية بين الضباط ومصادر المعلومات ، ضبط ومحاسبة مصادر المعلومات الذين يعلنون ويجاهرون بعلاقاتهم بالجهاز ويشبحون في مؤسساتهم ويتناقلون أخبار الجهاز والضباط ومناصبهم ، ضبط بعض الضباط الذين يستغلون مواقعهم لتحقيق مكاسب شخصية لهم ولأقاربهم في مؤسسات الدولة ، محاسبة بعض الضباط الذين يماسون التجارة والبزنس، إغلاق الجهاز أمام الإعلام والعمل بالظل ، فالجهاز لا يحتاج للمديح والثناء وطبيعة عمل الأجهزة الإستخبارية هو العمل بالظل وبصمت ونكران الذات والبعد عن الشهرة.
ثانيا : تأكيد مركزية الجهاز كعقل مركزي للدولة وإرتباطة المباشر فقط مع جلالة الملك ، وعدم السماح لأجهزة الدولة الأخرى ومراكز القوى بالتدخل في عمل الجهاز، وكذلك إبعاد الجهاز عن صراعات الحكومة ومؤسساتها . 
ثالثا : تحقيق العدالة في صفوف مرتبات الجهاز تفعل العمل وترفع من الروح المعنوية .
رابعا : إيجاد آلية للإستفادة من خبرات بعض الضباط المتقاعدين وإقامة علاقة مؤسسية بين الجهاز والضباط المتقاعدين ، أسوة بالأجهزة الأخرى، من خلال عمل مكتب يرتبط مباشرة بعطوفة المدير ، ويديره أحد الضباط المتقاعدين .
خامسا : تحقيق المساواة بين الضباط المتقاعدين في الجهاز من حيث المكاسب والإمتيازات ، وإنصاف الضباط المتقاعدين ما قبل عام 2010 وخاصة رتبة عميد وعقيد ومقدم ، الذين يشعرون بالغبن والظلم والتمييز حيث لم يشملهم نظام وإمتيازات التقاعد الجديد ، وكذلك إمتياز السيارات في الجهاز ، علما بأن عدد هولاء الأحياء قليل ولا يكلف الجهاز كثيرا . 

وفي الختام أمنياتنا لعطوفة المدير الأكرم أبوسارة بالتوفيق وسدد الله خطاه في ظل القيادة الهاشمية . 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)