طلبة نيوز

د. نضال يونس

تأخرنا في مشروع "المستشفى الجامعي" فى محافظة الزرقاء والمفرق والبادية الوسطى، رغم أنه من الركائز الأولى للتنمية ورفع مستوى الرعاية الصحية ، فالفوائد ليست مقتصرة على توفير مستشفى حديث مجهز بكافة الاجهزة والمعدات الطبية الحديثة ، ولا على تخفيف معاناة المرضى فى مراجعات المستشفيات فى العاصمة، بل تأمين رعاية طبية متقدمة تليق بمواطني هذه المنطقة الحيوية أسوة بمستشفى الجامعة الاردنية في عمان والملك المؤسس فى اربد.

فالمستشفيات الجامعية، علاوة على أنها أكثر شمولا ودقة فى تقديم العناية الطبية المبنية على الدليل العلمي ، و توصيات جمعيات الاختصاص العالمية، فهي تخفف نسبة حدوث المضاعفات الطبية التى تتسبب فى ارتفاع كلفة العناية الطبية، كما ان وجود الطلبة والمستشارين من اساتذة الجامعة يخلق أجواءا من التفاعل الايجابي بين مختلف مقدمي الخدمة الطبي تصب فى مصلحة المريض، وتسهم فى تحسين مستوى الرعاية الطبية .

زيادة الضغط على المستشفيات الحكومية صار مشكلة بدأت أعراضها تظهر في منطقة الزرقاء والرصيفة والالوية المحيطة بها، فهناك زيادة مضطردة في عدد السكان، وارتفاع ملحوظ فى نسبة الأمراض المزمنة، ما يشكل ضغطا كبيرا على الموارد الصحية وعلى قدرة وزارة الصحة في الاستجابة لهذه المتغيرات، التي لم يعد من السهل عليها تلبية الطلبات المتزايدة من المرضى المؤمنين، ولا بإمكانها مجارات الحوافز المادية المغرية التي يتقاضاها الأطباء في القطاع الخاص، مما يؤثر على قدرتها فى المحافظة أو استقطاب الكفاءات الطبية المتميزة للعمل داخل المستشفيات الحكومية، مما يدفع بالتفكير فى اقامة علاقات تكاملية بين وزارة الصحة وكليات الطب فى الجامعات الاردنية.

انتشار المستشفيات الجامعية في كافة المدن الاردنية،كم ستوفر من الضغط على المستشفيات التحويلية والمبالغ المصروفة علىها، وكم ستوفر من الوقت الضائع الذي يخسره المواطن وهو يبحث عن مستشفيات ملائمة لعلاجه، وكم سيساعد فى علاج الحالات الطارئة التى يعتبر الوقت فيها العنصر الاساس فى نجاة المريض او موته، والمنافع لا تُحصر سواء داخل المدن أو خارجها..

معروف أن قطاع الصحة الحكومي او الجامعي، قد لا يحقق مرابح ، وتدعمه كل الحكومات باعتباره ضرورة أساسية، مثله مثل التعليم المجاني، الذي عوائده غير منظورة، والمؤلم أن مشاريع الموازنات العامة، رغم شموليتها لم تأخذ بالاعتبار النظرة المتقدمة للنهوض بالمستشفيات الحكومية و تأهيلها لان تصبح مستشفيات جامعية، لكن الضرورة تفرض التعجيل في هذه القضية، ومن ثم العمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد تحدث نوعا من التكامل ما بين مستشفيات وزارة الصحة وكليات الطب فى الجامعات الاردنية، بحيث تشرف كل كلية على اثنين او ثلاثة من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، لان ذلك سيضع مصلحة المريض الاردني وحقه فى الوصول الى العناية الطبية المتقدمة أولوية قصوى، كما انه سيسهم فى توفير المكان المناسب لتدريب طلبة الكليات الصحية التابعة للجامعات الاردنية التى توسعت فى هذه البرامج حتى شملت معظم الجامعات.

القرارات الكبيرة تحتاج إلى قادة كبار، ورئيس الحكومة الذى يسعى لان يترك بصمة فى مختلف مناطق المملكة، يعي جيدا أهمية التعاون والتكامل بين وزارة الصحة والجامعات الاردنية، والاجتماع الذى تم فى دار رئاسة الوزراء بحضور عدد من نواب محافظة الزرقاء و رئيس الجامعة الهاشمية، للبحث فى اجراءات تحويل مستشفى الزرقاء الجديد الى "مستشفى جامعي"،يعتبر خطوة كبيرة لمعالجة حاجة ملحة، لكن علينا أن نستفيد من التجارب السابقة بحيث نتلافى تحميل المرضى اية اعباء مالية اضافية، والعمل ضمن منظومة واحدة متكافلة ومتعاونة لخدمة المواطن الاردني..