
سد الفجوة بين الطلبة الخريجين في الجامعات وسوق العمل (الجامعة الألمانية الأردنية وجامعة الحسين التقنية قصص نجاح في تطوير المهارات)
طلبة نيوز - بقلم الأستاذ الدكتور ماجد إبراهيم
عقدت ورشة عمل استمرت يومين بعنوان "تعزيز تطوير وتسليم برامج الدراسة المزدوجة في الأردن وفلسطين." خلال الأسبوع الماضي في عمان في جامعة الحسين التقنية، خلال هذه الورشة ترسخت لدي فكرة هذا المقال في ظل ما يشهده سوق العمل الذي يتطور بسرعة اليوم، حيث أصبح التفاوت بين المهارات التي تُدرس في الجامعات وتلك المطلوبة من القطاع الخاص أكثر وضوحًا. هذه الفجوة لا تعيق فقط فرص توظيف الخريجين، بل تشكل تحديًا كبيرًا للصناعات التي تحتاج بشدة إلى المهنيين المهرة. سد هذه الفجوة من خلال تطوير المهارات المستهدفة يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز القوى العاملة ودفع النمو الاقتصادي. تُعد الجامعة الألمانية الأردنية (GJU) وجامعة الحسين التقنية (HTU) نماذج بارزة في معالجة هذه القضية من خلال نهجها المبتكر في التعليم والتعاون مع الصناعة.
تحدي فجوة المهارات
تشير فجوة المهارات إلى عدم التوافق بين الكفاءات التي يمتلكها الخريجون وتلك المطلوبة من قبل أصحاب العمل. تنشأ هذه المشكلة بسبب عدة عوامل، منها تأخر المناهج الجامعية عن التغيرات السريعة في معايير الصناعة والتقدم التكنولوجي. تفتقر العديد من البرامج الأكاديمية إلى التدريب العملي الكافي والخبرة الواقعية. بالإضافة إلى ذلك، تُقلل أهمية المهارات الشخصية مثل التواصل والعمل الجماعي وحل المشكلات في التعليم التقليدي.
دور الجامعات
تلعب الجامعات دورًا محوريًا في إعداد الطلاب لسوق العمل. لسد فجوة المهارات، يجب على الجامعات أن تتكيف وتبتكر في عدة مجالات رئيسية. يتضمن ذلك تحديث المناهج الدراسية بانتظام لتعكس اتجاهات الصناعة، والتعاون مع الشركات لتقديم التدريب الداخلي والبرامج التعاونية، وتقديم ورش العمل والدورات التي تركز على المهارات المطلوبة مثل محو الأمية الرقمية وتحليل البيانات وإدارة المشاريع.
الجامعة الألمانية الأردنية (GJU)
أثبتت الجامعة الألمانية الأردنية نفسها كقائدة في برامج الدراسات المزدوجة من خلال شراكتها الفريدة مع الصناعات والشركات الألمانية. يتيح هذا التعاون للطلاب فرصة متميزة لاكتساب خبرة عملية أثناء استكمال دراساتهم الأكاديمية. من خلال التناوب بين التعلم في الفصول الدراسية والتدريبات الصناعية، يكتسب الطلاب كلًا من المعرفة النظرية والمهارات العملية. التزام الجامعة بالتطوير المهني يتجلى في مجموعتها الواسعة من الدورات والشهادات المصممة لتلبية الاحتياجات المحددة للقطاع الخاص. وقد أدت هذه المبادرات إلى ارتفاع معدلات التوظيف لخريجي الجامعة، الذين هم مجهزون بشكل جيد لتلبية متطلبات سوق العمل.
جامعة الحسين التقنية (HTU)
قامت جامعة الحسين التقنية بخطوات كبيرة في مواءمة مناهجها الدراسية مع احتياجات الصناعة من خلال المشاورات المنتظمة مع قادة الصناعة وأصحاب المصلحة. من خلال تطوير برامج تعكس أحدث الاتجاهات والتقدم التكنولوجي، تضمن الجامعة أن يكون طلابها مستعدين جيدًا لدخول سوق العمل. الجامعة لديها برنامج تدريب داخلي قوي، يوفر للطلاب خبرة عملية في بيئات العمل الحقيقية. التعاون مع شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة أدى إلى إنشاء مشاريع مشتركة ومراكز ابتكار في الحرم الجامعي، حيث يعمل الطلاب والمحترفون معًا على أحدث الأبحاث والتطوير.
نماذج ناجحة من التعاون بين الجامعة والصناعة
توضح تجارب الجامعة الألمانية الأردنية وجامعة الحسين التقنية كيف يمكن للتعاون الفعال بين الجامعات والقطاع الخاص أن يعزز تطوير المهارات، ويحسن فرص التوظيف، ويدفع النمو الاقتصادي. برامج الدراسات المزدوجة، التي تجمع بين التعليم الأكاديمي والخبرة العملية، تتيح للطلاب التناوب بين التعلم في الفصول الدراسية والتدريبات الصناعية. إنشاء مراكز الابتكار أو مراكز الأبحاث داخل الجامعات، بتمويل ودعم من شركاء الصناعة، يعزز بيئة من التعاون وتبادل المعرفة. الجامعات التي تقدم دورات التطوير المهني المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الصناعة تسهم في التعلم المستمر ورفع مستوى المهارات لكل من الطلاب والموظفين الحاليين. وقد تكلل هذا النجاح بأن أنعم جلالة الملك عبدالله الثاني بوسام اليوبيل الفضي على الجامعتين تقديراً لدورهم في الارتقاء بنوعية التعليم التطبيقي، و تطوير التعليم الجامعي، بالتركيز على التعلم القائم على المشاريع في العلوم والتكنولوجيا والهندسة، لتلبية متطلبات سوق العمل.
وفي النهاية نتمنى من باقي جامعاتنا الأردنية الحكومية والخاصة والممتدة عبر وطننا الحبيب تقديم نماذج بارزة لكيفية سد الفجوة بين الأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص من خلال تطوير المهارات. من خلال التكيف المستمر مع احتياجات الصناعة وتزويد الطلاب بالخبرة العملية، إذ إن التعاون الفعال بين الجامعة والصناعة هو مفتاح تعزيز تطوير المهارات، وتحسين فرص التوظيف، ودفع النمو الاقتصادي.
اضف تعليقك