طلبة نيوز – يعرض قسم السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، ابتداء من يوم غد الثلاثاء 13 آب ولغاية يوم الخميس المقبل، ثلاثة أفلام عربية، وذلك ضمن فعالية ضمن “ليالي الفيلم العربي”، حيث يتم العرض في قاعة السينما بالمؤسسة بجبل عمان في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، والساعة الثامنة في الهواء الطلق.
وتبدأ عروض الأفلام يوم غد الثلاثاء 13 آب بالفيلم العراقي “أخر السعاة ” للمخرج سعد العصامي، حيث تنطلق فكرة الفيلم حول رحلة “أيوب- يقوم بالدور الفنان رائد محسن”، من أجل أن يحقق لزوجته وابنه الطفل الحد الأدنى من مقومات الحياة، وما يرافق هذه الرحلة من كشف عن حالة البؤس والقهر والظروف الصعبة التي فرضتها الظروف على الإنسان العراقي العادي، بدءا من فصل ساعي البريد “أيوب” من وظيفته التي يعمل بها في منطقة ريفية، ليجد نفسه وعائلته بلا مصدر دخل، ويزيد على ذلك رغبة أحد أغنياء المنطقة بحيازة قطعة الأرض الوحيدة التي يملكها “أيوب”، وعندما يفشل في اقناعه ببيعها له، يلجأ إلى شيخ القبيلة، بعد افتعال حيلة رخيصة، ويكون الثمن تجريده من قطعة الأرض، ليقرر الخروج إلى المدينة عند صديقه القديم “جاسم”.
بعد رحلة من العناء يصل إلى صديقه الذي يعيش في مكان هجره أهله، ويحاول أن يجعل منه مكانا يستطيع أن يأوي إليه هو وعائلته، وفي ظل هذه الفوضى يتم استدعاء “أيوب” إلى الجيش، لأداء الخدمة العسكرية، ويصاب في التدريبات ويعود إلى بيته، إلى أن يصله مبلغ من المال من الجيش، لتتوالى الأحداث بين هدم المكان الذي التجأ إليه بتحريض من مختار المنطقة، وإصابة صديقه “جاسم” لينتهي الفيلم في رحلة جديدة من متوالية العذابات.
“أّخر السعاة” فيلم يحاول الاقتراب من معاناة الإنسان العراقي البسيط، الواقع تحت الفقر والقهر والإهمال، وهو “كوميديا سوداء” عن هذا الواقع البائس، الذي ضحيته الإنسان الباحث عن حقه الأدنى في الحياة، وانهزامه أمام منظومات اجتماعية وسياسية، في غياب القانون والنظام والعدالة.
واجتهد المخرج بأن يقدم فيلما واقعيا، باختياره مواقع طبيعية للتصوير، تعطي دلالة البيئة الحاضنة للشخصيات، هذه البيئة المهملة والمنسية، التي تعكس هموم الشخصيات، وتمثل عنصرا ضاغطا على أحلام وطموح ومستقبل الإنسان العراقي، وبلقطات ضيقة ومتوسطة، لتعطي احساس الشخصيات، وأرواحها المخنوقة، والتوق للخلاص من هذا الواقع الخانق، بمرافقة موسيقى، تتناغم والمشاعر والأحاسيس، سواء في لقطات “الكلوز اب”، أو لقطات الطريق الجديد في المشهد الأخير.
أما العرض الثاني يوم بعد غد الأربعاء 14 آب، فسيكون مع الفيلم اليمني “عشرة أيام قبل الزفة”، للمخرج عمرو جمال. تدور أحداث الفيلم في مدينة عدن، حيث يتابع قصّة الشابّ مأمون الّذي قام بدوره خالد حمدان والفتاة رشا الّتي قامت بدورها سالي حمادة، المخطوبين، اللّذين يواجهان تحدّيات متعدّدة متشابكة قبل زفافهما منذ اليوم العاشر قبل الزفّة. إذ يحاول مالك البيت الّذي تقيم فيه عائلة الفتاة الّتي خسرت بيتها في حرب 2015 إفشال زواجهما، لتكون الفتاة من نصيبه. لكنّ الفيلم يتجاوز كونه مجرّد قصّة حبّ تقليديّة، إذ يقدّم صورة عميقة ومؤثّرة عن الحياة في اليمن المعاصر في ظلّ الظروف الصعبة الّتي خلّفتها الحروب المتوالية وآخرها حرب 2015.
ويتميّز الفيلم بمزيجه الفريد من الفكاهة وتطوّر الحبكة باتّجاه التأزيم والعمق العاطفيّ، إذ ينجح في الموازنة بين لحظات الدراما والرومانسيّة والفكاهة. ويدخل الغناء العدنيّ الحديث بأسلوب يلامس الذوق الشعبيّ المتأثّر بالسينما المصريّة التجاريّة وربّما السينما الهنديّة أيضًا. كما يقدّم نظرة ثاقبة على التحدّيات الاجتماعيّة والثقافيّة في المجتمع اليمنيّ، مبرزًا قدرة الشعب على الصمود والتكيّف في وجه الصعاب.
يحسّن المخرج الّذي ساهم في كتابة السيناريو تأزيم المواقف الاجتماعيّة وتصعيد التأزيم، وإعطاء متنفّس كوميديّ يقع في الكآبة، ومن الجوانب المميّزة للفيلم تصويره بالكامل في عدن واعتماده على فريق عمل وطاقم تمثيل محلّيّين، ممّا يضفي عليه أصالة وواقعيّة ملموسة. وقد نجح المخرج في تقديم مدينة عدن ليس فقط كخلفيّة للأحداث، بل كشخصيّة محوريّة في حدّ ذاتها، ممّا يعمّق الارتباط العاطفيّ للمشاهدين بالقصّة، وهذا ما يفسّر اللقطات البعيدة الّتي استخدمت الكاميرا المسيرة.
حظي الفيلم باهتمام دوليّ كبير، إذ جرى ترشيحه رسميًّا لتمثيل اليمن في جوائز الأوسكار لأفضل فيلم أجنبيّ. كما شارك في العديد من المهرجانات السينمائيّة الدوليّة، محقّقًا نجاحات لافتة مثل جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الفيلم العربيّ بالدار البيضاء، وجائزة الجمهور في مهرجان الفيلم العربيّ بسان دييغو.
يضيف الفيلم لمسات إبداعيّة فريدة من خلال دمج فواصل غنائيّة تؤدّي تحيّة لأحد أهمّ الموسيقيّين في عدن، ورغم ذلك ينفرد بأغان كتبت من أجله، واستخدمت في ترويج الفيلم، واستخدم الفيلم في ترويجها.
وتختتم العروض يوم الخميس الموافق 15 آب، بالفيلم السوري “الطريق” للمخرج عبداللطيف عبدالحميد، حيث يعالج المخرج في فيلمه، موضوعاً لصالح الطفل الذي سوف تجمع الهيئة التدريسية على أنه غير صالح للتعلم بسبب مشكلات إدراكية لديه، ونعرف ذلك من خلال رسالة توجهها إدارة مدرسة القرية لجده صالح (موفق الأحمد- جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج السينمائي).
يخفي الجد الرسالة التي تلقاها من حفيده الذي يعيش معه بعد وفاة والدته، وهجرة أبيه (ماجد عيسى) للعيش والعمل في حقول رميلان النفطية شمال شرقِ سوريا. وتبدأ أحداث الفيلم ببيع الجد لقطعة أرض وبناء مدرسة خاصة لحفيده الصغير، بعد أن يوهمه بأن الرسالة التي تلقاها من إدارة المدرسة تقول عنه بأنه طفل عبقري، وهذه العبقرية تحتاج إلى مدرسة يدرس فيها وحده، وإلى معلمين استثنائيين له في اللغة العربية والرياضيات والفيزياء والعلوم كي يجاروا عبقريته.
هكذا تبدأ رحلة الجد مع حفيده الذي يتطور بشكل مطرد في استيعاب دروسه، لا سيما بعد أن يكلف الجد حفيده بتدوين كل ما يحدث على طريق القرية على دفتر صغير، هنا يلجأ عبد اللطيف إلى بعد رمزي من خلال الشخصيات التي تظهر أو تمر ملوحة على طريق القرية. فهناك المرأة (رباب مرهج) التي باع زوجها أرضه للزواج بأخرى، والرجل المريض (مأمون الخطيب) بعد إخفاق طبيبه بإجراء عمل جراحي له، والمربية (تماضر غانم) التي تكفلت برعاية الطفل صالح بعد موت أمه وإرضاعه من عنزتها الشامية، والشاعر (أحمد كنعان) الذي يلقي قصائد لسعيد عقل وعمر أبو ريشة وعنترة.
هذه المجموعة من الشخصيات الثانوية تصبح خطوطاً سردية في رواية “الطريق” التي سوف يقوم الجد بتحريرها وتنقيحها وطباعتها باسم حفيده بعد أن يعود من دراسة طب الأعصاب في فرنسا، مستفيداً مما دونه صالح في صغره عن الطريق، ويجمع الجد أهالي القرية للاحتفال بحفيده، ويكشف على الملأ حقيقة الرسالة التي تلقاها من إدارة مدرسة صالح قبل سنوات طويلة، وليصبح الحفيد شريد الذهن وفاقد التركيز، ذلك الطبيب الناجح في مقاربة لقصة المخترع الأميركي توماس أديسون (1847-1931) الذي ترك المدرسة في سن مبكرة بعد أن قال عنه معلموه بأنه غير صالح للتعلم.
اضف تعليقك