TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ضرورة تجديد الخطاب الأكاديمي للجامعات أ.د.محمد القضاة
13/06/2016 - 10:30am

 

الأكاديميا الأردنية مثالٌ حيٌّ لنهج علمي متزن نفاخر به داخل الأردن وخارجه، ومنذ تخرج الفوج الاول منتصف ستينيات القرن الماضي في الجامعة الأردنية لا تتوقف الأكاديميا عن دورها، تعطي بلا هوادة، وتنشد الإبداع والتميز في كل مراحلها، وتواجه تحديات كثيرة في ظل نقص التمويل، وهو ما ينعكس في مفاصل العملية الإكاديمية برمتها، وهناك من يطالب الجامعات بتجديد خطابها الأكاديمي؛ فكيف يمكن في إطار معادلة فقدان التمويل؟ كانت حصة الجامعات من الضرائب  تغطي متطلباتها كافة، وكانت تُؤخذ باسم الجامعات ويجب ان تعود بقوة القانون لكي تعيد للبرامج الأكاديمية حياتها وتميزها ومنافستها ومواكبتها لكل جديد، خاصة أنّ بعض الجامعات على أبواب الافلاس؟! والمفلس لا احد يطالبه بشيء؛ لانه لا يملك القدرة على الحركة ... .

  ومع ذلك يعتقد عديدون أن التغيير الذي يحصل بين حين وأخر في إدارة التعليم العالي  والجامعات يجب ان يتم معه تجديد الخطاب الأكاديمي لإعادة البوصلة الأكاديمية الى مؤشرها الحقيقي، وكي تتبوأ جامعات الوطن الصدارة في مخرجاتها ومنجزاتها وحاكميتها الرشيدة. ورغم الضائقة المالية التي تعيشها الجامعات يجب تجديد الخطاب الأكاديمي بزرع عوامل النجاح والثقة في الجسد الأكاديمي والأعراف الأكاديمية التي فقدت بريقها بسبب بعض التجاوزات التي اثرت على الروح المعنوية والأكاديمية والهمة وروح المبادرة التي تحتاجها الأكاديميا .

تجديد الخطاب ينطلق من قمة الهرم لأصغر محطة في الجامعة، يحتاج خططا ولودة وإرادة قوية، وقناعة حقيقية بالتغيير والإصلاح، وتنفيذ  لا يقبل التأخير والتسويف، ولذلك، على الجميع ان ينفذوا خططهم وأهدافهم وقناعاتهم، بحيث لا يرضخون  لأي ابتزاز، ولا يقيمون وزنا للعوائق والمصاعب، ولا يقفون عند الآراء الضيقة، خاصةً  أن الانتهازيين الذين يفقدون بريقهم مع التغيير لا يتورعون في وضع العراقيل والعصي بالدواليب لكي يكسروا قاعدة التغيير والتجديد. 

  نريد للخطاب الأكاديمي الجديد ان يتجاوز الروتين، وان يكسر قاعدة السكون، وان تكون سياسته الإبداع والاحترام والمحبة والحوار والعمل في مختلف الحقول الأكاديمية، وأن يترك المألوف في الحياة الأكاديمية، نريد خطاباً يُشعر الجميع انهم في مركب واحد؛ مصلحتهم مصلحة المؤسسة والتعليم العالي، وإبداعهم طريقهم للتميز والمنافسة، نريده كاملا منفتحا مؤمنا برسالة العلم والمعرفة، قادرًا على ردم الصعاب، عارفاً بتفاصيل التفاصيل في الإدارات الصغرى والكبرى، يقلب الصور النمطية أنى كانت، ويعيد للتعليم العالي والجامعات ألق الماضي بثوب عصري جَديد، يعرف أنّ لغة الكراسي والغرف المغلقة والخطط المكتوبة يجب ان تخرج إلى الميدان والعمل، ولا يجوز ان تبقى الاتفاقيات الأكاديمية بين الجامعات رهينة الأدراج، ويجب تفعيل الأقسام الأكاديمية والكليات لبث روح الحياة فيها من جديد  بدماء جديدة شابة تعطي بلا هوادة، الجامعات متعطشة لثورة علمية ومعرفية جديدة ولخطاب يقلب السكون، ولرؤساء لا يلتفتون خلفهم؛ وكم من رئيس ناجح لاقى هجمة شرسة؛ لأنه قلب سكون جامعته ونفذ سياسة إصلاح لا تبقي حجرا على أخر، وقدم أفكارا علمية وعملية تفتح آفاقا جديدة، مع أنّ هؤلاء قد يجدون  من يحاول إفشالهم ومحاربة نجاحهم، والخطاب الأكاديمي الجاد لا يلتفت لكارهي النجاح والإصلاح، والأساتذة  هم أساس الخطاب وقاعدته ونجاحه مرهون بهم ، وينتظرون من يأخذ بيدهم؛ لأنهم عانوا من التهميش والأبعاد الكثير المثير، وأي خطاب أكاديمي لا يقيم وزنا للأساتذة مصيره الفشل، ولذلك يجب على الخطاب ان يبادر الى حوارهم وسماعهم والانتباه لمشكلاتهم والاخذ بأفكارهم لإعادة الثقة لأساتذة الجامعات، وحين كان الاستاذ معززا مكرما داخل جامعته، كان انجازه بلا حدود، وحين تم تجاوزه اختلط الحابل بالنابل وغدا حضوره وغيابه سيان، وفي هذا الإطار على الخطاب الأكاديمي ان يقف طويلا امام هذا المحور لكي لا يتعثر في الزوايا الخلفية التي تحارب الاستاذ لتعظيم منجزات وهمية يقوم بها أفراد لا ينتمون للأكاديميا باي صلة.اذاً يجب ان يدفع الاهتمام بمحور الاستاذ الجامعي الخطاب للحياة كي يكون منافساً ومؤهلاً للبناء والعطاء  على مختلف الصعد الإقليمية والعالمية.

تجديد الخطاب الأكاديمي غدا ضرورة لتجديد انظمة الجامعات وتعليماتها وتغييرها لصالح الاعراف الجامعية العريقة التي تعيد للجامعات حضورها في المشهد المحلّي والدولي، ونشدان الإصلاح والتغيير والتطوير ضرورة مهمة، لأن العالم يتقدم، ويجب أن نرى مبادرات جامعية إصلاحية تصلح نظام التعليم برمته، ونظم البحث العلمي والإدارة، والامتحانات والمحاضرات، إصلاح ينعكس على الطلبة والهيئات التدريسية، إصلاح لا يلتفت إلى الوراء، ولا يأخذ برأي الأقلية، إصلاح لا يتعارض مع الحريات الأكاديمية وإنما يعززها، والحرية الأكاديمية لا تتجاوز أنظمة الجامعات وقوانينها، والإصلاح يعني الانفتاح وقبول كل الآراء، لا أن تقتصر الآراء على فئة دون أخرى، ويجب أن يشارك الجميع الكبار والصغار من الأكاديميين، وينبغي أن يعرفوا أن الحرية الأكاديمية لها حدودها وضوابطها وشروطها ولا يجوز تأويل نصوصها التي اكتسبت شرعيتها عبر السنوات في إطار قوانين وأنظمة واضحة، وكم نحزن حين يتحول الخطاب إلى محاولات لإقصاء الشباب عن أداء دورهم في الإدارة الجامعية، مع أن أي عملية إصلاحية لا يمكن أن تتم دون دماء جديدة تعيد الحياة إلى مفاصل العملية الأكاديمية والجامعية برمتها، ولذلك،علينا أن ننظر بجدية لهذه المسألة، ومن أولى من الشباب في حمل لواء التجديد والإصلاح والتقدم في الجامعات، ومن حقهم أن يشاركوا أساتذتهم المسؤولية على القاعدة نفسها التي انطلقوا منها، إن طواحين الشد العكسي يجب ان تدرك ان قواعد اللعبة كلها قد تغيرت، وما عادت عصيهم تنفع دواليبهم؛ لأن عجلة الاصلاح والتغيير اسرع من فكر متهافت لم يعد يسمعه أحد، ولذلك المطلوب تجديد الخطاب الأكاديمي كي تنفتح الجامعات على قواعدها الأكاديمية، وحتى  نراها وقد عادت الى عهدها العلمي الجميل. والأمل بالوزير الجديد الدكتور وجيه عويس الذي خَبَرَ الجامعات وعرف تفاصيلها وعاش معاناة معظمها ان يدعم الجامعات وإداراتها بخبراته وقدراته وتجاربه وعلاقاته لكي تقف هذه الجامعات على اقدامها من جديد بخطاب عصري يليق بالجميع . 

mohamadq2002@yahoo.com

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)