د. أحمد بطّاح
في شهر كانون الثاني من العام ( 2020 ) أُعلن عن اكتشاف فايروس كورونا، ولعلنا لا نُبالِغ إذا قُلنا بأنهُ في مثل هذا الشهر أعلن كورونا الحرب على العالم، وإذا دققّنا في الإنعكاسات التي حدثت نتيجة انتشار هذا الوباء فإننا سوف نجد أنهُ كان عاماً كارثياً بامتياز؛ فعلى الصعيد الفردي ما من إنسان في هذا العالم إلّا وتلمس نفسه وتساءَل : يا تُرى هل سأموت بسبب هذا الوباء ؟ وامتداداً لهذا الشعور ما من إنسان في هذا العالم إلّا وعانى ( وكثيرون مازالوا يعانون حتى الآن ) من أشكال الحظر التي فرضته الدول على الشعوب . إنهُ شعور بفقدان ولو جزئي للحرية، وضيق نفسي بسبب محدودية الحركة والتنقل والسفر .
وعلى الصعيد المؤسسي تعثرت الكثير من المؤسسات في القطاع الخاص ولم تعد قادرة على الاستمرار، واستمر بعضها ولكن مع معاناة ممضّة بسبب تراجع أعداد الزبائن واضطرارها إلى إنهاء عقود كل أو بعض موظفيها ناهيك عن خسارتها المادية غير المسبوقة أحياناً، وحتى المؤسسات الحكومية عانت من اضطراب في العمل، وتراجع في مستوى العلاقات الإنسانية وعلاقات العمل فضلاً عن تدني مستويات الأداء والإنتاج .
وإذا انتقلنا إلى مستوى الدول فإننا نلاحظ ببساطة أنها مارست سلطاتها ( بقوانين استثنائية أحياناً ) لكي تتمكن من مواجهة الخطر المُحدق المتمثل بالوباء ، والأهم أنها كانت مضطرة للموازنة بين الصحة والاقتصاد متحمّلةً في بعض الأحيان خسائر اقتصادية تفوق طاقتها كي تحافظ على صحة مواطنيها، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أنهُ ما من دولة في العالم تستطيع أن تدعي أن اقتصادها لن ينكمش ليس فقط في هذا العام (2020) بل للعام القادم وربما للعامين القادمين !
وعلى الصعيد الاجتماعي العام ألقى كورونا بتبعاته فالتباعد الاجتماعي المطلوب لمقاومة الفيروس مزق العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ، والأسر ، والجماعات ( أحزاب ، عشائر ، جمعيات )، وتجسّد ذلك بشكل جلّي في أن كل إنسان في هذا العالم أصبح حذراً حين يُحيي الآخرين ، وحذراً حين يذهب إلى زيارة أو مناسبة ( فرح أو عزاء )، وحذراً حين ينتظم في اجتماع ( مفروض أو اختياري ) .
هل هذا جردة حساب مكتملة لعام كورونا ؟ بالطبع لا فما لم نقله أكثر بكثير مما قلناه فعلاً !