TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عقد اجتماعي أم ميثاق وطني،،
29/07/2018 - 11:30am

طلبة نيوز-

د. عزت جرادات

يعبر العقد الاجتماعي، بيسر وبساطة، عن الاتفاق الاجتماعي الذي يقره المجتمع، بأفراده ومكوناته، بطواعية، وينعكس ايجابياً على السلوك العام للفرد والجماعات لتعزيز الأمن المجتمعي، وعرفت فكرة العقد الاجتماعي عند معظم الحضارات الإنسانية، وازدهرت الفكرة بظهور الفلاسفة الاجتماعيين والتنويريين، فجاء مفهوم العقد الاجتماعي ثمرة التفكير العقلاني، والرغبة في نشر الوعي الاجتماعي من أجل مجتمع الأمن والسلام والتفاهم والتعاون بين أفراده ومكوناته السكانية، فيكون بذلك مرجعية نظرية اجتماعية، يرى فيها كل فرد من المجتمع أنه عضو فعال في منظومة المجتمع، ويشعر بالالتزام بحسّ المسؤولية الأخلاقية لاحترام منظومة القيم وتطبيقاتها.

تتفق معظم المجتمعات المعاصرة على أن من أفضل السبل للتعبير عن العقد الاجتماعي، مبادئ وقيماً وتنظيمات، هو (الدستور)، فهو (السيادي)الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، وينظم السلطات العامة، واختصاصاتها والعلاقات فيما بينها، وأهمية الالتزام بها، فردياً وجماعياً ومؤسسياً، كما يعتبر أعلى وثيقة لتنظيم المجتمع بمختلف مؤسساته وفعالياته ومناحي الحياة المجتمعية، ومن المعلوم أن (الدستور) تنبثق عنه القوانين والأنظمة والتعليمات واللوائح الداخلية، ترجمة للمبادئ والقيم التي يتضمنها، سواء كانت مكتوبة أم مدونة في الوجدان الفردي والاجتماعي المتوارث.

وعلى ضوء المتغيرات والمستجدات في العالم المعاصر، على مختلف الصعد، المحلية والإقليمية والعالمية، ولتمكين المجتمع من التكيف مع تلك المتغيرات، واستيعاب المستجدات، وبخاصة معطيات العلم والتكنولوجيا من جهة، ومعطيات الدراسات والبحوث الاجتماعية المستقبلية من جهة أخرى، فإن بعض المتجمعات تتجه لصياغة مدونات أو مواثيق تبرز مجموعة الأفكار والاتجاهات المعاصرة لصيانة بنية المجتمع وتعزيز أواصره، وتقوية مقوماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي يمكن تضمينها بما يعرف بالميثاق الاجتماعي أو الوطني، الذي يكون نتاج اتفاق وتوافق فكري مجتمعي.

ويمكن القول، أن التجربة الأردنية في هذا المجال كانت رائدة في ترجمة (الاتفاق والتوافق الفكري المجتمعي) بإصدار (الميثاق الوطني) والذي كان يمكن أن يحدث نقلة نوعية في المجتمع الأردني، سياسياً واجتماعياً وثقافياً، حيث كان للعولمة واختلال النظام العالمي الأثر الكبير في الحدّ من الطموحات الوطنية في مختلف المجتمعات.

وبعد مضي أكثر من ربع قرن على تلك التجربة الأردنية، المتمثلة بالميثاق الوطني، وعلى ضوء المتغيرات والمستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرقمية، محلياً وإقليمياً ودولياً، فإن مراجعة ذلك الميثاق تبدو ذات أهمية واهتمام مجتمعي، وبخاصة لبلورة مفاهيم أردنية نحو: الانتماء الوطني، والديمقراطية، وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وهي المنظومة التي أشارت إليها الأوراق النقاشية الملكية، والحوارات والمنتديات الفكرية خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن مدخل الموضوعية، فيمكن القول أن ما قامت به (جمعية الشؤون الدولية) قبل عام تقريباً، في إعادة قراءة (الميثاق الوطني) على ضوء تلك المستجدات، بموضوعية ومنهجية عاليتْين، يمكن أن تكون (نواة) لإعادة قراءة وصياغة ذلك الميثاق الوطني مجتمعياً ومؤسسياً.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)