TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
غزة و"السيناريوهات" المحتملة!
14/11/2023 - 11:00am

طلبة نيوز- د. أحمد بطَّاح
تكثر هذه الأيام ومع استعار الحرب على غزة التحليلات والسيناريوهات المتوقعة لما بعد الحرب، ويمكن تلخيص هذه السيناريوهات فيما يلي:
أولاً: احتلال إسرائيل لكامل قطاع غزة من خلال هزيمتها لحماس، الأمر الذي سيقود حتماً إلى إدارتها للقطاع لاحقاً.
ثانياً: تسليم القطاع إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارته بعد الحرب، مما يقود إلى شعور إسرائيل بالأمن لأنّ من يدير القطاع في هذه الحالة سوف يتعاون معها أمنياً، ويحظى بما يُسمى "بالشرعية الدولية".
ثالثاً: تشكيل قوة عربية وبالذات من تلك المرضي عنها إسرائيلياً وأمريكياً للسيطرة على القطاع وإدارته بغطاء عربي.
رابعاً: تشكيل قوة دولية تحظى بالقبول الإسرائيلي والأمريكي لضبط القطاع وممارسة سلطة دولية عليه تحول - كما يُفترض - دون ظهور مخاطر أمنية منه على إسرائيل.
والواقع أنّ من الصعوبة بمكان التنبؤ بالسيناريو الذي سيؤُخذ به ما دام أنّ المعركة بين إسرائيل وحماس ما زالت جارية، ومن المستبعد - لأسباب موضوعية كثيرة - أن تتمكن إسرائيل من هزيمة حماس هزيمة كاملة وإخراجها من المعادلة السياسية المتعلقة بالقطاع تحديداً وبفلسطين عموماً.
وفضلاً عن ذلك فإنّ أية مناقشة منطقية للتوقعات آنفة الذكر سوف تقود إلى ما يلي:
أولاً: بالنسبة لإعادة احتلال القطاع من قبل إسرائيل فإنّه من الصعوبة بمكان عسكرياً بالنظر إلى قوة استعدادات المقاومة الفلسطينية وتمترسها بانتظار الجيش الإسرائيلي، وإذا أضفنا إلى ذلك أنّ إسرائيل لا تفضّل هذا الخيار، فقد غادر "شارون" رئيس وزرائها المتطرف قطاع غزة في 2005، وكان أجمل حلم لدى رئيس وزرائها الأسبق "إسحاق رابين" - وكما أعلن ذات يوم – أن ينام ويصحو فيجد أن غزة قد غرقت في البحر!
ثانياً: بالنسبة لتسليم القطاع إلى السلطة الوطنية الفلسطينية فإنّ هذا يصطدم بمعارضة حقيقية من قبل الشعب الفلسطيني في غزة الذي تبنى المقاومة، ودفع أثماناً باهضة في سبيل حمايتها وانتصارها، وذلك فضلاً عن أن السلطة الوطنية الفلسطينية ذاتها لن تكون راغبة في العودة إلى قطاع غزة على ظهر دبابة إسرائيلية.
ثالثاً: بالنسبة لتشكيل قوة عربية لإدارة القطاع لضمان الغطاء العربي فإنّ هذا سوف يكون غير مقبول من معظم الدول العربية لأنها سوف تشعر بأنها تساعد إسرائيل على إخضاع الشعب الفلسطيني، والاستهانة بتضحياته الجسام، وهضم حقوقه المشروعة، وهذا بالإضافة إلى أنّ هذا الحل لن يكون مقبولاً من الجماهير العربية على أوسع نطاق والتي تتابع الآن الهجمة الإسرائيلية البربرية الشرسة على القطاع والتي تضرب بعرض الحائط قوانين الحرب، و القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.
رابعاً: بالنسبة للإدارة الدولية للقطاع فإنّ هذا لن يكون ممكناً على أرض الواقع لأنه قد يكون عملياً أن تكون هناك قوة دولية على الحدود بين غزة وإسرائيل، ولكن لن يكون بالإمكان توفير قوة دولية تسيطر على (2,300,000) فلسطيني في غزة يأملون في التحرر والاستقلال لا في قوات دولية تقمعهم، وتساهم في حرمانهم من حقوقهم.
إنّ السيناريو الواقعي الذي يمكن التعويل عليه لجلب الأمن لإسرائيل وإرضاء الفلسطينيين الذين ذاقوا الأمرّين في هذه الحرب هو أن يجري -وإن بعد فترة زمنية معقولة- الاعتراف بحقوقهم وبالمباشرة بدون تلكؤ بتنفيذ "حل الدولتين" أيّ إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إنّ هذا يتطلب أولاً وقبل كل شيء أن تفهم إسرائيل أنّ القضية التي تواجهها ليست تنظيم حماس، بل ما يمثله هذا التنظيم وغيره من التنظيمات والقوى الحية في الشعب الفلسطيني وهو القضية الفلسطينية التي لن تُحل إلا بالاعتراف بحقوق هذا الشعب وإنشاء دولته المستقلة على ترابه الوطني وطبقاً للشرعية الدولية التي يتشدقون بها ليل نهار!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)