TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
فتــنــة «عرقيـــة» فــي جــنــوب مـــصر
08/04/2014 - 10:30am

طلبه نيوز

فتنةالقضية أكبر من مذبحة مروعة بدأت صباح السبت الماضي ولم تنته، في منطقة السيل الريفي بأسوان، وارتفع عدد الضحايا حتى الآن إلى 26 قتيلا و42 مصابا بعضهم في حالة حرجة، واحتراق عدد من المنازل، إثر المعركة بين القبيلة العربية "الهلالية" والعائلة النوبية "الدبودية"..
والقضية أكبر مما حدث في الأطراف الجنوبية من مدينة أسوان المعروفة تاريخيا بأن أهلها يتفردون في صعيد مصر بسمة السماحة والهدوء.. والقضية ليست وليدة الانفلات الأمني وتدفق الأسلحة الثقيلة على مصر من كل حدب وصوب، وامتلاك عائلات بأكملها ترسانات أسلحة ثقيلة، ويجري تأجيرها وبيعها في وضح النهار.. القضية أكبر وأخطر، كما تؤكد الدوائر السياسية في القاهرة، وتنبئ أو تنذر بفتح الأبواب أمام فتنة عرقية نائمة ، يلوح بها الغرب خاصة مع وجود 3 جمعيات نوبية في فرنسا وسويسر وبريطانيا ترفع مطالب إنفصال النوبة عن مصر، وعناصر تلك الجمعيات مرصودة توجهاتهم ولمن يعملون ، وبعد أن فشل تنظيم الإخوان في إشعال الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة من المسيحيين والمسلمين، لم يعد أمامهم حاليا وقبل بدء الانتخابات الرئاسية سوى إشعال الفتنة العرقية ، ويستندون إلى الدعاوى التي يرفعها عدد ضئيل جدا من نوبيين يعيشون خارج مصر..
فشلت الفتنة الطائفية.. فجربوا العرقية
قال الخبير الأمني اللواء محمد زهير: ما يحدث في أسوان ومهما كانت درجة حرارة التوتر، سوف تتمكن أجهزة الأمن من السيطرة على الموقف، لأن القضية برمتها أصبحت في ايدي المخابرات المصرية، وهي بالضرورة على وعي تام بأنها إحدى مواجهات "حرب الظل" في مواجهة أجهزة استخباراتية غربية وإقليمية ومع دولة عربية صغرى تلعب في الملعب نفسه لمصلحة الغرب وأمريكا أولا، وقبل تنظيم الإخوان، وهي الأطراف التي تحاول وستحاول إعاقة الإنتخابات الرئاسية تحسبا للفوز المتوقع للمشير السيسي رئيسا.. وأضاف اللواء زهير: سوف تفشل محاولة ضرب العمود الفِقَرى لمصر بالفتنة العرقية وإحياء نزعة إنفصال يروجها عدد من المثقفين النوبيين، التي يرفضها النوبيون أنفسهم، ويستهجنون طرحها تماما، ومن المؤكد أن أهالي النوبة لن ينساقوا وراء الفتنة العرقية، ويضحوا بوطنهم، وهم ليسوا أقل وعيا ووطنية من إخوانهم المسيحيين، الذين أجهضوا مؤامرة الفتنة الطائفية في شهر أغسطس / آب 2013 بعد خلع نظام الإخوان وفض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وقتها تم حرق 61 كنيسة حرقا كاملا وجزئيا وتدميرا جزئيا وكاملا في 5 محافظات مصرية، وحرق 6 مدارس للأقباط، ونهب وحرق 58 منزلا قبطيا و85 محلا تجاريا و16 صيدلية و3 فنادق وتدمير 75 أتوبيسا وسيارة مملوكة للأقباط، وقتل 5 من الإخوة المسيحيين واختطاف 7 وتحويل 3 كنائيس إلى مساجد، إلا أن الإخوة المسيحيين أثبتوا بوعي وطني أن مصلحة الوطن فوق الجميع، بل وتصدوا للأصوات الخارجية المطالبة بحماية الأقليات والتدخل لحماية أقباط مصر من المذابح، وأعلنت الكنائس المصرية رفضها لأي تدخل بين أبناء الوطن الواحد، وقال البابا الراحل شنودة الثالث، نتقبل أن يموت مواطن أو تحرق كنيسة، ولكن نرفض تماما أن يحرق وطن يعيش فينا، قبل أن نعيش عليه، وأن مصر أقوى من كل الفتن والمؤامرات، وبعد أن فشلت تلك المؤامرة يحاولون الآن تفجير فتنة عرقية، ولن ينجحوا، ولكنهم يراهنون على ردود الفعل الغربية وجمعيات وتنظيمات حقوق الإنسان التي ستطالب بحماية أهل النوبة، وربما يطالبون الأمم المتحدة بالتدخل وفرض حق تقرير المصير للنوبيين، ولكن سيتصدى لهم النوبيون بوعيهم الوطني، مثل إخوانهم المسيحيين..
حرب استخبارية دولية
وتؤكد الدوائر السياسية ومراكز الأبحاث السياسية والاستراتيجية في مصر، أن الأجهزة الأمنية السيادية في مصر تدرك تماما أنها دخلت حربا مع أجهزة إستخبارية غربية تركية قطرية لتفتيت الوطن، وفي محاولة لإدارة وتنفيذ مخطط سبق الكشف عنه، لتفكيك مصر إلى ثلاث دول: مسيحية، ونوبية، وإسلامية، وكان الحديث عن "دويلة النوبة" التي تمتد من أقصى جنوب مصر حتى دنقلة في شمال السودان، وحين فشلت مؤامرة الفتنة الطائفية التي تصدى لها المسيحيون، فإنهم الآن يحاولون زرع فتنة عرقية في جنوب مصر، وخطة التقسيم وضعها "عوريد بنيون" مستشار الأمن بالخارجية الإسرائيلية في عهد مناحيم بيغن وتم الكشف عنها في شهر فبراير / شباط 1982، وهي الفكرة نفسها التي وضع تفاصيلها المستشرق اليهودي، البريطاني الأصل، والأمريكي الجنسية، برنارد لويس، في بداية الثمانينيات، والمشروع تم إعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة، بعد مناقشته في جلسة سرية بالكونغرس الأمريكي في عام 1983 وسبق للكاتب الصحافي البريطاني "روبرت فيسك" أن حذر بأنه شاهد خريطة لمصر تقسمها إلى ثلاث دول.. وقال المفكر والخبير الإعلامي ، الدكتور محمد فراج : إن ما يحدث في أسوان خطير جدا وبشكل خاص ، بسبب طابعه العرقي بين القبائل العربية "الهلالية " والنوبيين، ومعروف أن هناك مخططا أمريكيا يهوديا معلن لإثارة نزعات عرقية في النوبة جنوب مصر، ومعروف أيضا أن تنظيم الإخوان وغيرهم من التنظيمات الدينية المتشددة لهم وجود قوى في أسوان، بعد أن إستغلوا طيبة أهلها وتدينهم بالفطرة، وإخترقوا أهالينا في أسوان، والدليل على هذا، وجودهم الكبير في محافظة أسوان، كما أن هذه التنظيمات المتطرفة مع جماعة الإخوان، سبق لهم أن أحرقوا مديرية أمن أسوان، وقتلوا وحرقوا وسحلوا أفرادا من الشرطة والمدنيين الصيف الماضي، وهناك صور أخرى ملموسة للوجود الإخواني السلفي القوي في أسوان، وبدا واضحا أثناء الإستفتاء على الدستور الجديد 2014 وجاءت نتيجة الرفض للدستور، إخوانية بنسبة كبيرة جدا لم تحدث في أي محافظة أخرى، ومعروف كذلك أن ممثلي أهل النوبة إجتمعوا منذ أيام مع المشير عبد الفتاح السيسي، ويؤيدونه رئيسا لمصر، بينما ينقسم موقف القبائل العربية تجاه السيسي، ما يخلق أجواء متوترة في الجنوب مع إقتراب الإنتخابات الرئاسية، وعلى ضوء ذلك كله، لا أستبعد إطلاقا أن يكون الإخوان وحلفاؤهم ضالعين في الفتنة العرقية!!
ويقول مصدر أمني مسؤول، لقد تعددت أسباب بداية التوتر بين الهلالية والنوبيين، وهي أسباب قد نجدها حاضرة في أية مواحهات بين العائلات ، خاصة في الصعيد، وليست مسألة معقدة، ولكن ما أشعل نيران الفتنة ، هو إستخدام أسلحة "الجرافيتي" التي يستخدمها الإخوان ومن معهم من العناصر المتشددة، ولوثوا بها جدران الشوارع والمباني في مصر كلها، بإستخدام "علب" الرش وكتابة الشعارات البذيئة والشتائم، وهو ما أثار غضب أبناء النوبة، برغم أنهم مواطنون مسالمون، وحتى يقال عن القرى النوبية بأنها مدن فاضلة، وحيث ظلت سجونها شبه خاوية من المجرمين والقتلة وآخذي الثأر، وأن أصابع اليد الواحدة قد تكفي لحصر عدد جرائم القتل هناك، وقد اكتشفنا أن مفجري الفتنة ليسوا من أبناء "دابود" النوبية أو الهلالية، إلا أن يد الثأر سبقت عقول وحكمة كبار القبيلتين بسقوط إمرأة عجوز بنيران الغضب، وتواصل أجهزة أمن سيادية تحرياتها عن شحن سيارات أسلحة وفي وقت قياسي إلى أبناء النوبة مع بداية المعركة !!
مخطط لفصل النوبة عن مصر
ويقول الشيخ كمال التقادم، كبير مشايخ أسوان ورئيس لجان المصالحة في المحافظة،لأول مرة في تاريخ مصر تشهد أسوان الوادعة الهادئة هذه المذبحة المدبرة ضد مصر ووحدة أبنائها، بهدف إذكاء الفتنة ودعاوى الإنفصال التي يروج لها بعض "المعتوهين" خارج مصر باسم حقوق أبناء النوبة، في حين أن النوبيين أنفسهم ضد هذه الدعاوى المضللة.. وأضاف الشيخ كمال التقادم، هناك أطراف وعناصر مشبوهة تلعب ضد مصلحة الوطن، ومع حالة الإنفلات الأمني وإنتشار الأسلحة بشكل غير معهود في بلادنا، وبالطبع نحن ندرك أهداف العناصر المشبوهة من أجل مصالحهم السياسية ، ومصالح من يوجههم، والحالة الآن متوترة جدا، وسنحاول عقد المصالحة بين القبيلتين، ولذلك طلبنا الوجود الأمني المكثف، وطالب النوبيون، رئيس الوزراء بفرض حظر التجوال في منطقة الأحداث، ونزع السلاح، والقضاء على البؤر الإرهابية المتشددة ..
بعض المنتمين لأبناء النوبة ولهم توجه ودعاوى إنفصالية، وجدوها فرصة لتبرير رفع مطالب الحقوق المهضومة لأبناء النوبة الذين وقع عليهم الظلم بعد بناء السد العالي وتهجيرهم بعيدا عن موطنهم.. ويقول الروائي "حجاج أدول" من مشجعي دعاوى تقرير المصير، أن المواطن النوبي يشعر بالإهانة لما يراه من إهدار لحقوقه، وتقصير السلطة في الحفاظ عليه، وأن السبب في هذه الظاهرة هو التهجير الذي تعرض له النوبيون منذ بناء السد العالي، ولذلك هناك صيحات بدأت تظهر بين الشباب النوبي مؤداها أن الطيبين لا يصلحون للعيش في ظل الظروف الحالية، فالإحساس بالإهانات المتتالية جعل الأجيال الجديدة تتهم الأجيال القديمة بالتهاون في حقوقها عن طريق اتباع أساليب الطيبة والمسالمة !! وفي رده على ما يقول به "أدول" قال الدكتور محمد عبد السميع ، أستاذ علم الإجتماع السياسي، أن الروائي النوبي يتحدث عن نفسه فقط، وبسبب إرتباطه وإتصالاته مع أطراف خارجية، والرجل لا يعرف شيئا عن النوبة ، فهو يعيش منعما بين إقامته الدائمة في القاهرة، وبين سفرياته المتعددة إلى الغرب للمشاركة في ندوات ومؤتمرات عن الأقليات، وهو يحمل فكرا خاصا به، ولكن من يحتك ويعايش أهل النوبة يجدهم أكثر حبا ووطنية، وإن كانت لهم مشاكل فهي مثل مشاكل كل المدن والقرى المصرية، ولا تختلف عنها في شيء !! وأضاف الدكتور عبد السميع ، إن مثل ما يقول به "أدول" وأصحابه يفتح الأبواب أمام قوى خارجية وداخلية للعب بورقة الإنفصال العرقي للنوبيين، وهي حالة لم تعرفها مصر على مدى تاريخها الطويل، ولن تعرفها مهما حاول تنظيم الإخوان اللعب بهذه الورقة في هذا الوقت تحديدا وقبل إنتخاب رئيس جديد لمصر، وهم يعرفون جيدا أن الإختيار الشعبي لن يبتعد عن المشير السيسي، وسيحاولون بكل الوسائل الإرهابية وغير الإرهابية وبمعاونة من القوى الخارجية، منع المشير السيسي من الوصول إلى قصر الرئاسة، لأنهم يعلمون أنها نهاية وجودهم داخل الساحة السياسية في مصر، أما القوى الخارجية والإقليمية فهي تخشى بدء مرحلة جديدة لمصر القوية في المنطقة ..
الهلالية قبيلة سياسية
ويقول الدكتور عبد المنعم الجميعي، أستاذ التاريخ الحديث، إن تاريخ "بني هلال" إمتلأ بالأحداث السياسية قبل الإسلام وبعده في ظل الزخم السياسي في العهد الأموي والعباسي والدولة الفاطمية، فهي قبيلة سياسية بالمقام الأول ، ومنذ أن هاجرت من الجزيرة العربية إلى الشام ثم إلى صعيد مصر، وإعتادت الإحتكاك المباشر بالسلطة والدفع في إتجاه المعارضة وتقويتها، فضلا عن أن الصراع بين القبائل العربية له موروث قديم وقائم على النعرات القبلية التي ما زالت متأصلة لدى بعضهم في الصعيد، وفي حين أن العنف ليس من شيم أهل النوبة الذين يميل معظمهم للتسامح والهدوء وعدم حمل السلاح، ولكن وجود السلاح حاليا من دون رابط في أيدي الجميع، وتغليب العرف على القانون،هو السبب الحقيقي في هذه المجزرة .. ويؤكد العقيد أركان حرب، أحمد علي، المتحدث العسكري، إن هناك مؤشرات على تورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة.. ومن جهة أخرى بدأت لجنة المصالحات بأسوان بعقد جلسة عاجلة بين القبيلتين لإنهاء الأزمة، بعد أن شكلت الحكومة المصرية لجنة تعويضات تقوم بحصر الخسائر من المنازل والمزارع والممتلكات لتعويض أصحابها من القبيلتين، وتعويض أسر الضحايا والمصابين .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)