TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
فصل الديمقراطية عن اصلاح التعليم
03/11/2014 - 3:00am

طلبة نيوز

الدكتور نضال يونس
هل يمكن فصل الديمقراطية عن اصلاح التعليم؟

المعنى الحقيقي لخطاب العرش السامي الذي افتتح به الملك عبد الله الثاني الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السابع عشر، لا يقتصر على الفرحة والاحتفال بيوم تاريخي ترفع فيه الاعلام ونستمع فيه الى خطاب جامع وشامل ، وإنما قراءة تلك الافكار والمقترحات، وكيف أن الاردنيين فى تكاتفهم وتعاونهم صنعوا المعجزات، وهي العملية التي افتقدتها معظم الدول العربية التى مزقتها الدعوات الطائفية والعنصرية، حيث شاهدنا كيف تمكن "النظام الملكي" فى الاردن من اختزال المسافات المعقدة والصعبة بظروفها الجغرافية والبشرية، ومواردها الشحيحة، وصهرها في ميادين العمل والبناء لخلق نسيج واحد لأبناء الأردن،الامر الذى وفر لنا الثروة البشرية التي شكلت بناء وطن على مساحات تمتد من الرمثا الى العقبة ومن الغور الى الجفور ....

مجتمعنا الأردني "مميز" وله خصائص "معينة" تمتد في جذورها إلى الموروث البدوي والاعراف العشائرية من "نخوة وحمية وعنصرية مفرطة" ، صحيح اننا استطعنا التغلب على الكثير من هذه الصفات عن طريق التعايش فى القرى والمدن التي صهرت تلك المجاميع بروح وعلاقات المجتمع المدني، غير أن حركة التعليم التي امتدت من المدن الى القرى، ومغريات الارتقاء بالذات والوصول إلى الوظيفة العامة، أو الوصول الى المواقع القيادية، جعلت البدايات الأولى في بناء الدولة الأردنية في القرن الماضي تفرز جيلاً ربما كان "أنانيا" بعض الشيئ استحوذ على كل مفاصل السلطة واستاثر بكل المنح والاعطيات، وعمد الى بناء شبكة علاقات تتسم بالمنفعة المتبادلة تمكن من خلالها بالمحافظة على كل الامتيازات عبر فترة طويلة من الزمن.
صحيح أن طابعنا العام "متزن وعقلاني" ، والاردني بطبعه يعتز بمنجزاته و امنه واستقراره، وربما لهذا السبب جاء انتقالنا من حالة لأخرى سليما وطبيعيا، غير أن ثورة المعلومات، والتواصل السريع بأدوات لم تكن متاحةمن قبل، جلبت معها الكثير من المتغيرات الجديدة التى اصدمت مع بعض الثوابت والمرتكزات التي لم يستوعبها البعض، بل هناك من قاومها حين انتشر الوعي وازداد عدد المتعلمين والمثقفين فثار الجدل عن المخاوف من أن يمعن المواطن في تقليد المجتمعات الغربية، ويبدأ بالمطالبة بالحرية والعدالة والمساواة وتبادل السلطة بالطرق الديمقراطية، وهي نفس المخاوف التي بدأت مع أول نسمة من نسمات التغيير التى جلبتها رياح الربيع العربي، ولكن جيل اليوم ليس كما يحلو للبعض وصفه "بمتمرد أو ناكر للجميل"، وإنما هو يعيش التفاعل الحضاري مع الكون المفتوح!..

قطعنا بعض الطريق للبناء الصحيح، وبدأ الإنجاز التعليمي الأكبر الذي قادته سواعد الاردنيين، ولكن المحافظة على وجودنا على الخارطة العالمية يحتاج لأنْ نفهم طبيعة التحديات، وأهمها الحصول على "الحرية والديمقراطية" الحقيقية، حيث إن النيران الملتهبة التى تطوق المنطقة العربية يجعلنا على إدراك تام بأن المستهدف هو كل العالم العربي، وأن سلاح الوعي والتحول الديمقراطي هو أحد مرتكزات الاستقرار والتنمية، وأن رأس مالنا مواطن "واع" تطورت معلوماته وثقافته وتواصله مع العالم الخارجي، ولعل تزايد أعداد الخريجين والخريجات الجامعيين فى مختلف التخصصات سيضيف لنا تجربة غنية لأن التوسع في التعليم والثقافة، سوف ينعكس إيجاباً على التحضير للقفزة القادمة..
الفصل بين الديمقراطية "الحقة" وإحداث نقلة نوعية وإصلاح جذري في التعليم كما دعا اليه الملك عبد الله الثاني، شبه مستحيل، وقد رأينا كيف استطاعت دول تحترم الديمقراطية وحرية الرأي أن تقطع اشواطا بعيدة فى التعليم والسعي نحو الحداثة والتطور ،خاصة اذا ما صاحبها انتشار إعلامي فعال وصادق يساعد فى تطوير هذه المفاهيم و المصطلحات.
خطاب العرش يعني تأكيد حضورنا التاريخي على الارض الاردنية، ونحن الآن أمام مراحل الإنجازات الكبيرة، والتي لا تتم إلاّ بالإيمان وإرادة الاصلاح والتحول الديمقراطي داخل الوطن الواحد..

صورة 1

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)