TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
فلسفة الدولة
09/03/2014 - 10:15am

طلبة نيوز-أ.د يوسف أبو حميدان

لكل دولة في العالم فلسفة تنطلق منها في بناء مسقبلها السياسي والفكري والإقتصادي والإجتماعي. هذه الفلسفة هي التي تحدد مسار الدولة، ومدى نجاحها وتقدمها، خصوصاً عند الإلتزام والتقيد بتحقيق أهداف تلك السياسة، وتستطيع الدولة أن تعرف فيما إذا كانت تسير في الاتجاه الصحيح أم لا، أو أن هناك خروجا عن هذه الأهداف فتعمل على تقييم مسارها في كل مرحلة تمر بها، ومن ثم تعديله وتحديد نقاط الضعف والقوة، مما يزيد من قوة الدولة إقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكرياً.

فالمانيا بعد الحرب العالمية الثانية قررت أن تكون فلسفتها مبنية على الصناعة التي تتصف بالجودة والمتانة، ولننظر إلى الصناعات الألمانية فنجد أنها تتمتع و إلى يومنا هذا بهذا الصفات مما جعل ألمانيا من الدول العظمى. واليابان كذلك بنت فلسفتها على الجودة والكفاءة فوصلت إلى ما وصلت إليه، وسويسرا التي كانت فلسفتها مبنية على الأمن المالي والمصرفي والسياحة فحققت نجاحا باهرا . وكذلك دول أوروبا الغربية والشرقية ومنها من هي أصغر من دولتنا في المساحة وعدد السكان فحددت فلسفة لها جعلتها من أفضل دول العالم. ومثل أخر حديث جداً عاصرناه جميعنا هو ماليزيا ولننظر إلى ما فعله مهاتير محمد وكيف قاد ماليزيا إلى وضع إقتصادي متميز.

لقد كان لجلالة المغفور له الملك حسين فلسفة قاد بها الأردن نحو القمة عندما قال أن فلسفتنا في البناء هي بالاعتماد على الأنسان المؤهل فقال مقولته المشهورة "الإنسان أغلى ما نملك". وكانت معظم خطط التطوير تهتم بالتعليم العالي وإعداد المواطن الأردني المؤهل، فغزونا أسواق الوطن العربي ونافسنا الدول التي لديها كفاءت في التربية والتعليم وكانت الكفاءة الأردنية أكثرها رغبة وطلبا في سوق العمل.

مالذي يحدث الآن، لقد تخلينا عن هذه الفلسفة، ، مما أثر سلباً على النواحي الإقتصادية والإجتماعية، فلماذا لم يعد الأنسان أغلى ما نملك؟ نعم تخلينا عن هذه الفلسفة فانحطت القيم وزاد معدل الجريمة والعنف فعمت البطالة وطالت المواطن الأردني في الداخل والخارج، بل أن سوق العمل الأردني بات يركز وبشكل مقصود أو غير مقصود على العمالة الأجنبية و ترى صاحب العمل يجيبك بأن المواطن الأردني لا يرغب بالعمل. نعم أنا أدري أنها ثقافة شعب، ولكن السؤال ماالذي غير ثقافة هذا الشعب. نحن بحاجة بداية إلى إعادة تنبي فلسفة واضحة للدولة لها اهداف مرسومة نعمل ونسعى لتحقيقها ونطويرها في كل مرحلة نمر بها. إن أزمة القيم التي نمر بها طالت الصغير والكبير المتعلم والجاهل الغني والفقير فتخلينا عن أجمل وافضل تلك القيم، لنتوه بعد ذلك ونتخبط ولا نعرف ماذا نريد.

سياسة بناء الأنسان الأردني بحاجة إلى إعادة تقييم، وما زلنا نتساءل ونناقش ونشكل اللجان لنجيب عن سؤال يشغلنا وهو لماذ يحدث العنف المجتمعي؟ والذي أصبح ظاهرة تؤرق كل واحد فينا, لما باتت الأنانية وحب الذات من أهم صفاتنا. لماذا تظهر أعراض الإنهزامية واللامبالاة عند المواطن الأردني. هذا الامر بتنا نشاهده عند الكبير والصغير والغني والفقير والمتعلم والجاهل، حتى ما عدنا نرى مسؤولاً قادراً على أداء الواجب. حتى في الأجيال التي ندرسها في الجامعات أصبحت كالدمى المتحركة لا تركيز في حياتها ولا أهداف تسعى لتحقيقها. لماذا يحدث كل هذا ؟ الأسرة والمجتمع والدولة مسؤلون عن ذلك.

أقول ينبغي علينا مرة أخرى أن ننطلق من فلسفة واضحة، يجب أن نحدد مواطن الضعف والخلل في المجتمع ونضع فلسفة نتبناها في الإصلاح. الإصلاح ليس كلمة نرددها ونحققها من خلال تغيير المشاريع وزيادة الدخل، وبناء ناطحات السحاب و أبراج الخيال والسراب. الإصلاح يبدأ بالفكر والتنشأة. علينا أن نعيد بناء مجتمعنا ونسأل أنفسنا كيف نحسن من أداء الفرد في المجتمع؟ كيف نعيد بناء القيم التي نحتاجها في التقدم. وربما تكون الإجابة واضحة للعلن وهي أن ننطلق من التعليم. إن إهمال هذا الجانب مأساة أدت إلى إنحدارالمجتمع إقتصاديا وفكريا واجتماعياً. وكفاناً جرياً وراء الكماليات وسعياً نحو الألقاب ولنقف جميعنا صفاً واحداً نخطط لإعادة البناء وننفذ ذلك بصدق وانتماء إذا كنا نحب لهذا الوطن وشعبه الخير.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)