TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
قانون ضريبة الدخل ومكافأة نهاية خدمة العاملين في الجامعات الأردنية
02/02/2016 - 2:30pm

طلبة نيوز-

الأستاذ الدكتور أحمد فرّاس العوران
أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية

إن قوانين ضريبة الدخل السابقة واللاحقة بما فيها المادة 4/أ/ 12 من قانون ضريبة الدخل رقم 34 لعام 2014 الساري المفعول اعتباراً من 1/1/2015 وضعت بعض الأردنيين، وتحديداً العاملين في الجامعات الأردنية (أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية) بخصوص مكافأة نهاية الخدمة، في الشرائح التالية:
1) شريحة ما قبل 31/12/2009 الحاصلة على الإعفاء الضريبي الكامل عن المكافأة المعنية.
2) شريحة ما بعد 1/1/2010 الحاصلة على إعفاء أول خمسة آلاف دينار فقط من الضريبة وإخضاع ما تبقى إلى أعلى نسبة ضريبية نتيجة للتراكمية القسرية للمكافأة بحكم التعليمات السارية في الجامعات الأردنية.
3) شريحة ما بعد 31/12/2012 التي تخضع فيها مكافأة نهاية الخدمة للضريبة سنوياً كون هذه صنفت دخلاً كالمرتب الثالث عشر.
4) شريحة ما قبل 31/12/2014 (وفقاً للمادة 4/أ البند 14 من القانون المؤقت لضريبة الدخل رقم 28 لعام 2009) التي حظيت بإعفاء 50 % من المكافأة وإخضاع ما تبقى إلى أعلى نسبة ضريبية نتيجة للتراكمية القسرية للمبلغ بحكم التعليمات السارية في الجامعات الأردنية.
5) شريحة ما بعد 1/1/2015 وفقاً للمادة 4/أ البند 12 التي قررت إعفاء أول خمسة آلاف دينار فقط من الضريبة وإخضاع ما تبقى إلى أعلى نسبة ضريبية نتيجة للتراكمية القسرية للمكافأة بحكم التعليمات السارية في الجامعات الأردنية.
وفي هذا الخصوص لا يسع المراقب إلا أن يُسجل الملاحظات التالية:
أولاً: لا يتطلب الأمر من أي مواطن الكثير من البحث أو أن يكون فقيهاً دستورياً ليقول بلا تردد إن التشريح السابق غير دستوري لأنه يتناقض بالكامل مع كلٍ من نص وروح المادة 6 من الدستور الأردني التي تنص في بندها الأول على: "الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين." إننا وإن كنا لا نعلم كيف فات هذا الأمر على المُشرع والحكومة مع علمنا بالجهود الكبيرة التي بُذلت خلال ساعات عديدة في مناقشة القانون برمته، لكننا لا نظن أن أحداً يخالفنا القول بأن التعامل مع الأردنيين في الموضوع الواحد بخمس طرق مختلفة مخالف وبوضوح لنص وروح الدستور كما أسلفنا.
ثانياً: نعلم أن الحكومات في الغالبية العظمى من الدول ومنها الأردن اصيبت بداء مزمن يُسمى عجز الموازنة منذ الثمانينيات من القرن الماضي بعدما اجتاح العالم وما زال إعصار الرأسمالية الليبرالية في حلتها الجديدة وما تزامن معه من سياسات صندوق النقد التي وضعت حجر الأساس للقطاع المالي الجديد، قطاع صناعة المديونية، على المستوى العالمي مع أن هناك من مقولاتنا الشعبية فضلاً عن غيرها ما هو أكثر حكمة من السياسات الصندوقية تلك. ومع هذا فإنه ليس هناك ما يسوغ للحكومات المتعاقبة عدم القدرة على التمييز بين الدفعات النقدية المختلفة، ومن ثمّ التعامل مع كل دفعة نقدية، بغض النظر عن طبيعتها، على أنها دخل اعتيادي يخضع تلقائياً لضريبة الدخل، إلا إذا تم غض الطرف عن ذلك في سبيل تمويل عجز الموازنة وربما المديونية. ويبدو أنه قد فات أيضاً وللأسف على المُشرع أن مكافأة نهاية الخدمة من حيث الطبيعة ليست دخلاً اعتيادياً وإنما تأمين للشيخوخة مثلها مثل الضمان الاجتماعي مع فارق بسيط وهو أن المكافأة تأخذ بنظام الدفعة الواحدة، بينما يأخذ الضمان الاجتماعي بنظام الدفعات!
ثالثاً: يستطيع أي مراقب منصف أن يقول: إن العاملين في الجامعات الأردنية لا يتهربون من دفع ضريبة الدخل ولا يتجنبونها أيضاً، أسوة بمن يفعلون ذلك، فكل دخل يحصلون عليه خاضع للضريبة تلقائياً وعند المنبع. لكن مكافأة نهاية الخدمة ليست دخلاً بالمعنى المتعارف عليه وهي غير مستحقة عند وقوعها لأنها راتب تقاعدي. وحسبنا أن نتمعن في مسماها فلكلٍ من اسمه نصيب، إنها الدخل الأخير وإن شئت العشاء الأخير، ومع هذا لم يعاملها المُشرع معاملة الضمان الاجتماعي وفقاً للمادة 4/أ البند 13 من قانون الضريبة الساري المفعول.
إن الإعفاء الكامل لمكافأة نهاية الخدمة من ضريبة الدخل هو أقل ما يمكن أن يقدم إلى جميع العاملين في الجامعات الأردنية، وخاصة أعضاء الهيئة التدريسية من أجل الحفاظ على ما تبقى من التعليم العالي، وما أدراك ما التعليم العالي، آخذاً بعين الاعتبار ما هو معروض من الأضعاف المضاعفة من الرواتب والميزات الأخرى من الجامعات العربية المنافسة. وحسب أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية - الذين يتحملون عبئاً كبيراً من حيث عدد مواد التدريس، والأعداد الكبيرة من الطلبة، ويقومون بالبحث العلمي والاشراف على طلبة الدراسات العليا في الوقت نفسه في ظل ظروف مؤسساتية لا يحسدون عليها - القبول برواتب لا يحسدهم عليها إلا النزر القليل من زملائهم في عدد قليل من الجامعات على المستوى العالمي. بناءً عليه، فإن العاملين في الجامعات الاردنية يأملون من المُشرع والحكومة عدم إخضاع مكافأة نهاية الخدمة للضريبة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)