TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
قصائد بالعربيزي
13/05/2014 - 11:30am

طلبة نيوز- د.ابتسام أبو محفوظ / جامعة القصيم

تطالعنا بين الفينة والأخرى ظواهر لغوية عديدة كنت قد وقفت على بعضها في مقال سابق لي تناول لغة المحادثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي اصبح خليطًا من العربية والإنجليزية ، لكنني اليوم أتناوله وقد بدأ يغزو الشعر العربي فمن قصائد تقفى بكلمات إنجليزية إلى أخرى عروضها أو حشوها أو ضربها بالإنجليزية إلى غير ذلك من الاشكال .
وأتساءل أهو نوع من ركوب الصعب ولزوم مالا يلزم ؟ أم هو نوع من التقليد الذي انتقل من أشكال فنية أخرى كالغناء وما شابه ليصل إلى شعرنا العربي ؛ فيجعل منه خليطًا لا هو بالعربي الخالص الذي اعتدناه ، ولا هو مما كتب بلغات أخرى تستحق القراءة ؟ أم هو نوع من الاستعلاء على اللغة لشعورنا بالدونية تجاه الآخر ؟ أم هو كل ذلك دفعة واحدة ؟
عرفت القصيدة العربية نوعًا بل أنواعًا من التجديد القائم على توشيح القصيدة بما هو ليس من جنسها ، وأعني به توشيح القصيدة بشيء من النثر، لا سيما عند الكتاب الفاطميين الذين داخلوا بين الشعر والنثر ليروا كثرة محفوظاتهم الأدبية من الشعر والنثر للوصول إلى ما يمكن أن نسميه الشعنثري ،إذا جاز النحت ، فقد جعل بعضهم الشطر الأول شعرًا والآخر نثرًا على اختلاف الصور الممكنة من المداخلة بينهما ، كما عرفت القصيدة العربية نوعًا آخر من المداخلة بين الفصحى والعامية في شكل من أشكال الموشحات تمثلت في جزء منها ، بمعنى أن القصيدة العربية ليست بمعزل عن روح العصر الذي وجدت فيه ، لأنها تتصل بسياق التاريخ الذي وجدت به ، ونسق المنظومة القيمية والثقافية للمجتمع ، فالنص يحيل إلى عصره ، في حركة ديناميكية متحركة تجعل منه على اتصال بثقافات أخرى ، إذ لا يمكن له أن يكون مجرد ألفاظ ساكنة ، بل لا بد أن يحيل إلى ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه .
نصوص كهذه ترسم صورة لكيفية تمظهر العربية عند أبنائها ، وتجعلنا نشعر أننا أمام نسق جمعي معاصر يميل - في الشعر- إلى لغة أقرب إلى لغة المحادثة التي يتبادلها الشباب حتى المثقفين والتي تبتعد عن العربية ولكنها – بأي حال من الأحوال - لا تدفع إلى الخوف على العربية أو القصيدة تحديدًا ، لأن روح القصيدة العربية بثوابتها الشعرية ستبقى قارة ومستقرة في الذاكرة العربية ، تأتي تلك الصور وتذهب دون أن تخلف آثارها على هذه اللغة الرائعة تمامًا كموجات غزو عابرة كلما أتت واحدة انتفضت هذه اللغة ولفظتها خارج حدودها ، وقذفتها بعيدًا ، وهذا ما يجعل من العربية خالدة إنها ثوابتها الأدبية التي تضاف إلى جملة ثوابتها الصرفية والنحوية ،إنها كتلك البذرة التي تخبو تحت الشتاء وتحت المدر لكنها ما تلبث أن تشرأب بأعناقها إلى الحياة من جديد فاطمئنوا .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)