TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لعرب... وإسرائيل... والعلم... وما بينهما
26/08/2014 - 7:00pm

طلبه نيوز
أ‌. د. عبدالله الزعبي
تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً مقطع فيديو من محاضرة لمدير الشؤون العامة في مركز بيجن-سادات للدراسات الاستراتيجية، ديفيد واينبرغ، ألقاها في المؤتمر السنوي، "مع إسرائيل من أجل السلام"، المنعقد في النرويج في 2 حزيران/يونيو 2013. وديفيد واينبرغ هو مؤسس المنتدى العالمي لمكافحة معاداة السامية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والمتحدث باسم جامعة بار إيلان، وموجه لمكتب إسرائيل في المركز الكندي للشؤون اليهودية، وهو متخصص كذلك في العلاقات بين إسرائيل واليهود في الشتات، وفي السياسات الشرق أوسطية في الولايات المتحدة وكندا. وكان هاجر من كندا إلى إسرائيل عام 1990. أما المؤتمر فتقيمه منظمة "مع إسرائيل من أجل السلام" النرويجية التي تأسست في عام 1978، ويبلغ عدد أعضائها 6000 عضواً، وتهدف إلى خلق تعاطف شعبي ورسمي لإسرائيل في النرويج. وأما موضوع المحاضرة فهو باختصار إعلان لانتصار إسرائيل على العرب، ليس حاضراً فحسب، وإنما تاريخاً وحضارةً. فبعد أن يؤكد واينبرغ انتهاء التهديد العسكري العربي لإسرائيل وتبخره، ودخول العالم العربي بعواصف الصراعات والاضطرابات الداخلية في العقود القادمة، يبدأ بالتغني في إبداع المجتمع الإسرائيلي ونبضه بالحياة، وقوة الدولة وحيويتها وإسهامها في تقدم العالم، فيعلن صراحةً: "نحن ننتصر، ولدينا دولة رائعة، ونفعل أشياء عظيمة للشرق الأوسط وللعالم". ثم يتساءل عن مساهمات العرب العلمية في المائة عام الماضية، وعن التكنولوجيا التي ينتجوها والدور الذي يؤدونه في تقدم البشرية.
إسرائيل إذن دخلت في المرحلة الثانية من الصراع مع العرب، فبعدما أن ضمنت سيطرتها العسكرية وهيمنتها الاقتصادية على منطقة الشرق العربي، تبدأ بهجوم عنيف على الحضارة العربية الإسلامية دونما هوادة، بشروطها وأدواتها، والزمان والمكان التي تريد، إذ تجعل من العالم، وخاصة الغربي، ساحتها، والعلم والتكنولوجيا عنوانها.
يشير هليل أوفيك، وهو باحث اسرائيلي في جامعة تكساس في أوستن الأمريكية، في مقالة له في مجلة نيوأتلانتس، تشرين الثاني/نوفمبر 2011، تحت عنوان "لماذا تحول العرب بعيداً عن العلم"، بأن العلم الذي مارسه العرب في عصرهم الذهبي لم يكن علماً بالمفهوم الغربي الحديث للعلم، وإنما كان مدفوعاً باعتبارات دينية، وأن عدم وجود المنهج العلمي في المدارس الدينية في العصور الوسطى يعكس غياب القدرة أو الرغبة في بناء المؤسسات العلمية المستقلة قانونياً مثل الجامعات التي كانت غائبة تماماً في العالم الإسلامي، وأن الشريعة الإسلامية لم تعترف بأي جماعات أو كيانات خارجها وبذلك قضت على الأمل في الاعتراف في الجامعات التي يمكن أن تطور المعايير العلمية، ثم إن العصر الذهبي للعلوم العربية لم يكن عصراً ذهبياً للمساواة، وأن التسامح لم يكن فضيلة للمسلمين الأوائل، وبهذا يتخلف الإسلام الآن، لأنه فشل في تقديم وسيلة لإضفاء الطابع المؤسسي على التفكير الخلاق المنفتح.
ويعقد موقع إلكتروني بالإنجليزية ولغات أخرى ، www.imninalu.net/Israel-Arabs.htm، مقارنات طويلة بين إنجازات العرب واليهود على مر العصور، فيشير إلى أن سقوط الإمبراطورية العربية، التي تعود إلى فترة الخلافة الرائعة، شهدت نهاية التطور العلمي والثقافي في العالم العربي، وقد أتاح توافر الفرص القائمة اليوم في الغرب لبعض المهنيين العرب لتطوير قدراتهم في حرية كاملة، فحققوا بعض الإنجازات. بينما يعود الفضل لليهود لآلاف الاختراعات والاكتشافات من المواد البسيطة التي تستعمل في الاستخدام اليومي مثل الجينز، جهاز التلفزيون، عربة التسوق، حبوب منع الحمل، إلى الاختراعات في التكنولوجيا والطب والصناعة والطيران والهندسة والانشطار النووي وبنية الحمض النووي والنظرية النسبية وغيرها. كما قام العلماء اليهود بإنتاج قدر كبير من اللقاحات الأساسية والمضادات الحيوية والعلاجات، وكذلك الأجهزة الطبية المتطورة. وبالكاد نجد استخداماً لأي شيء في الحياة اليومية لم يتم اكتشافه أو اختراعه من قبل يهودي.
ويضيف هذا الموقع الإلكتروني مقارنة بين العلماء العرب واليهود الحاصلين على جائزة نوبل للآداب والعلوم الأساسية والطب، فيشير إلى أن من أصل أكثر من ثلاثمائة مليون عربي، لا يوجد سوى اثنين من العرب حصلوا على جائزة نوبل هما: نجيب محفوظ (آداب، 1988)، وأحمد زويل (كيمياء، 1999)، الذي بنى حياته المهنية والبحثية في امريكيا. كما حصل اثنين آخرين من أصول عربية، إلياس جيمس كوري (كيمياء، 1990)، أمريكي من أصل لبناني، والسير بيتر مدور بريان (الطب، 1960)، وهو برازيلي، من أم بريطانية وأب لبناني. أما عدد اليهود الحاصلين على جوائز نوبل فقد بلغ 177 عالماً، وهذا بالتأكيد أكبر بكثير من نسبة عدد اليهود في العالم. ثم ينتهي الموقع باقتباس: "جميع البشر متساوون، ليس هناك شعب متفوق، الفرق هو بين التعليم والخرافة، بين العقل والتعصب، بين الحرية والعبودية".
نسوق تلك الأمثلة كإشارات تبين طبيعة الصراع الذي ستفرضه إسرائيل على العرب في العقود القادمة لتضمن سيطرتها وتبسط هيمنتها المطلقة على الجسد الجريح المسكون بالتخلف، المبتلى بالفرقة والكراهية والاقتتال. وستواصل إسرائيل طرحها للسؤال المشروع عن مدى مساهمة العرب العلمية في تقدم البشرية، لعلها تجد النفي دوماً في الجواب، وبذلك تضمن النصر في الصراع قبل أن يبدأ. إن الأوضاع الصعبة تلهم الشعوب الحلول الخلاقة في ظلال الحرية والعقل والتعليم، والعلم هو سبيل العرب الأمثل، ليس لمواجهه اسرائيل فحسب، وإنما للعيش بكرامة والمساهمة في تقدم البشرية.

التعليقات

د. باسل الكايد (.) الخميس, 07/23/2015 - 03:11

انا حظيت بأمس طيبة مع البروفسور الزعبي في روما وتداولنا موضوع هذا المقال المهم والموثق والذي اتفق مع جاء فيه وأضيف بأن التدهور الكبير للشعوب العربية وفي كافة مناحي الحياة والتراجع الكبير ولا سيما في المجال البحثي والعلمي الأكاديمي يؤشر بالضرورة على حالة الانحطاط والتأخر التي تعيشها هذه الشعوب، أضف لذلك حالة التردي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي ترتبط جميعا بتدهور منظومة الأخلاق العامة، والمحصلة والواقعية لابد أن تكون الخذلان والتراجع على حساب تفوق الطرف الآخر وتميزه ،،

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)