TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لغز اللغة الإنجليزية: مشكلة تعليمية أم ثقافية؟
18/02/2014 - 5:30am

طلبة نيوز-باتر محمد علي وردم
شهدت نتائج الدورة الشتوية لامتحان الثانوية العامة تراجعا كبيرا في نسبة النجاح في مبحث اللغة الإنجليزية عن السنوات الماضية كما شهدت أيضا تباينا كبيرا في النتائج بينها وبقية المباحث بحيث حدثت الكثير من الحالات المدهشة في حصول طلبة على معدلات عالية في مختلف المواد مقابل الرسوب باللغة الإنجليزية.
نسبة النجاح في الفرع الأدبي كانت متدنية جدا وبلغت 14% وهذا أمر مزعج جدا ولكن النسبة الأدنى كانت في العلوم الشرعية ووصلت إلى 11% بينما كانت نسبة النجاح في الفرع العلمي 72%. حتى في فرع الإدارة المعلوماتية حيث كل المصطلحات الفنية في عصر المعلومات هي باللغة الإنجليزية وصلت نسبة النجاح 34% فقط.
هذه قضية بحاجة ماسة إلى دراسة متأنية ودقيقة وصريحة. البعض يعتقد أن المشكلة هي في طريقة الأسئلة التي يقول الطلبة انها تغيرت في العام الحالي (مقارنة بالطبع بالأسئلة السابقة التي اصبحت هي مرجعية الدراسة في مناخ البزنس الذي يسود التوجيهي منذ سنوات!) وبالتالي فوجئ الطلبة بالتغيير. من ناحية أخرى هنالك تفسير يرتبط بعدم وجود نوعيات جيدة من المعلمين وخاصة في مدارس المحافظات والمناطق النائية حيث من الصعوبة بمكان ايجاد كادر تعليمي مؤهل وخاصة في اللغة الإنجليزية إضافة إلى عدم توفر أدوات التعليم المناسبة.
هنالك تفسير آخر اصبحت أميل إليه للأسف وهو تفسير ثقافي يتمثل في انتشار حالة العداء للغة الإنجليزية في بلادنا. مقابل صعود وتنامي الهوس باللغة الإنجليزية في بعض المدارس الخاصة وتفضيلها على اللغة العربية هنالك في المقابل عداء وكراهية يتم شحنها من قبل الأسر والمجتمع ورجال الدين وحتى وسائل الإعلام ضد اللغة الإنجليزية ووصف من يمهر في استخدامها بانها منفصلون عن الثقافة الوطنية.
في حال وجود مثل هذا العداء وتأثيره على مستوى التحصيل الأكاديمي والمعرفة الثقافية نكون أمام مشكلة حقيقية. في دولة مثل الأردن تعتمد على العناصر البشرية وعلى التعليم لتطوير اقتصاد معرفي فإن اللغة الإنجليزية لم تعد خيارا بل مطلبا اساسيا وربما أهم من الرياضيات والفيزياء. في كافة نواحي الحياة والعمل وفرص التوظيف داخل وخارج الأردن أصبحت اللغة الإنجليزية عنصرا لا يمكن الاستغناء عنه. في دول مثل الهند وباكستان وكوريا الجنوبية وتركيا وسنغافورة وتايلاند وماليزيا حدث تطور كبير في مستوى التعليم ونهضة معرفية حقيقية نتيجة إصرار الدولة على دعم تعليم اللغة الإنجليزية وكذلك رغبة المجتمع في امتلاك تلك المهارة للمساعدة في تحصيل فرص العمل المجزية والمتوافقة مع اقتصاد المعرفة.
ربما تكون أهم أولوية في التعليم حاليا هي انتشال اللغة الإنجليزية من واقعها البائس خاصة في المدارس الحكومية وتقليل الفجوة الكبيرة مع مدارس القطاع الخاص والحصول أيضا على دعم القوى المؤثرة في المجتمع وخاصة الأسر ورجال الدين والإعلام في تقليل خطاب العداء للغة الإنجليزية واعتبارها من أهم المهارات التي لا غنى عنها لمستقبل اي طالب. في العالم الحديث لا مجال لإبقاء الحواجز الدفاعية بحجة حماية الثقافة الوطنية، وبدون معرفة متميزة باللغة الإنجليزية لن يتقدم الأردن نحو اقتصاد حديث وإنتاجي.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)