TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لواء الكورة (قطعة من الجنة ) غياب العدالة ..إهمال ..تهميش ..إقصاء
02/03/2019 - 9:45am

بقلم الدكتور عارف بني حمد 
بداية أرجو المعذرة اليوم لعدم الكتابة بشكل عام عن هموم الوطن كل الوطن الملئ بالهموم والأزمات والتحديات ، وأسمحوا لي أن أكتب ولو مقال واحد عن هموم (مسقط رأسي) لواء الكورة هذا اللواء الصابر، اللواء الذي تم تهميشه من كل الحكومات المتعاقبة . وأعتقد بأن المسؤولين الحكوميين وخاصة وزراء السياحة لا يعرفون هذا اللواء ولم يسبق أن زاروه ، علما بأن جلالة الملك عندما إختار أن يبني قصرا له في أجمل منطقة في هذا الوطن الحبيب قد إختار غابات برقش في هذا اللواء في هذه الطبيعة الخلابة والجميلة وكأنها قطعة من أوروبا وإستراليا ، ولا أحد يصدق خاصة أهالي عمان بأن بعض الصور التي يتم تداولها على مواقع التواصل الإجتماعي هي من أرض هذا اللواء. 
ويوجد في هذا اللواء أجمل منطقة حرجية في الأردن وهي منطقة غابات برقش، وهي إمتداد لسلسلة جبال عجلون المطلة على فلسطين الحبيبة ، ومعظم أراضيه مغطاة بالأشجار الحرجية ، يتخللها سهول خصبة مثل السهل الغربي وسهول ارخيم تخترقها عدة أودية دائمة الجيران مثل وادي الريان ووادي زقلاب وأعلى منطقة فيها هي رأس جبل برقش حيث يصل ارتفاعه الى 875 مترا فوق مستوى سطح البحر، وتتدرج الأراضي بالانخفاض من الشرق نحو الغرب حتى تصل إلى مستوى 60 مترا ً فوق مستوى سطح البحر في منطقة طبقة فحل المطلة على الأغوار الشمالية ومشرفة على المدن الفلسطينية الشرقية كبيسان وجنين وغيرها، وهو منطقة شفا غورية وتتمتع بتربتها الخصبة ومشتهرة بالزيتون الرومي والعنب والتين والرمان وزراعة الحبوب وتربية الثروة الحيوانية وتربية النحل ، كما أنه زاخرا بالآثار الإسلامية والمسيحية لكل الحضارات التي مرت على هذه المنطقة . واللواء حاليا هو أحد ألوية محافظة إربد التسعة يقع إلى الجنوب الغربي من مدينة إربد بحوالي 25 كم، وتبلغ مساحتة 210 كيلو متر مربع ، ويبلغ عدد سكانه أكثر من 170 ألف نسمة ، ويضم اللواء اثنين وعشرين قرية، ومركز اللواء مدينة دير أبي سعيد. 
وقبل الحديث عن هموم اللواء لا بد أولا من التعريف بهذا اللواء الذي لعب دورا كبيرا في التاريخ القديم والحديث لبلاد الشام وفي الحياة السياسية في شمال الأردن منذ العهد الروماني والإسلامي والعثماني وتأسيس الإمارة عام 1921 :
- الكورة: تعني الصقع والبقع التي يجتمع فيها القرى والمحال وجمعها كور، كانت قصبة الكورة في العهد الروماني هي قرية عفر (مرحبا) وفي عهد البيزنطيين مدينة فحل (بيلا، إحدى المدن العشرة/ الديكابولس ) وفي عهد المماليك ( كفر الما) . أما في العهد العثماني فقد كان مركز الناحية (تبنه)، وفي العهد الهاشمي أصبحت مدينة دير أبي سعيد مركزا للواء.
- أول ظهور إداري لهذا اللواء كان في العهد الراشدي ( سيدنا عمر بن الخطاب )، عندما تم فتح بلاد الشام وتقسيمها الى أجناد، وكان هذا اللواء يعرف بكورة فحل ( مركزه طبقة فحل/بيلا ) وأصبح جزءا من أجناد الأردن الذي ضم شمال الأردن وشمال فلسطين وجنوب لبنان، ومركز الأجناد هو مدينة طبريا . وبقيت هذه التقسيمات الإدارية في العهدين الأموي والعباسي .
- في العهد العثماني أصبحت كامل المنطقة تحت الحكم العثماني ، وأصبحت الكورة تابعة للواء عجلون المكون من عّدة مقاطعات (نواحي) تضم الكورة من الشمال، وعجلون جنوباً، وبنو علوان (المعراض) شرقاً، ويضاف اليها ثلاث مقاطعات شمالية وهي بنو الأعسر، وبنو جهمة، وبنو كنانة المحاذية لنهر اليرموك ، وتبع لواء عجلون لسنجق حوارن في ولاية الشام . وقام هذا اللواء بالتمرد والثورة ضد الوجود العثماني في المنطقة ، أعوام 1831 ، 1834 ، 1839.
- في العهد الهاشمي ، إنضم اللواء للمملكة الفيصلية في سوريا بقيادة الملك فيصل بن الحسين الى أن تم إنهاء هذه المملكة بعد معركة ميسلون بالتآمر البريطاني والفرنسي (سايكس – بيكو )، وأصبحت شرق الأردن تحت الإنتداب البريطاني عام 1920 ، وأصبح هناك فلتان أمني في شرق الأردن وكان هناك حكومة محلية مقرها بلدة دير يوسف بزعامة كليب الشريدة . وبقدوم الأمير عبدالله (الملك المؤسس لاحقا) لشرق الأردن ، تم حل الحكومات المحلية لصالح تأسيس الإمارة عام 1921، لكن حدثت إحتجاجات من أهل المنطقة وزعاماتها لقيام حكومة الإمارة بربط الكورة إداريا مع منطقة إربد وهو ما رفضه أهل المنطقة وطالبوا بالإرتباط مباشرة مع الحكومة المركزية في عمان ، ولأن ربطهم بإربد كان يعتبر تهميشا وإقصاءا لهذه المنطقة التي لعبت دورا محوريا ومؤثرا في شمال الأردن بالنسبة لمنطقة إربد ، وتطورت الأحداث بعد رفض مطالب أهل المنطقة ، الى أحداث مسلحة وهو ما أطلق عليها : ثورة أو عصيان أو تمرد الكورة وتم السيطرة على الأوضاع بتدخل القوات البريطانية وسلاح الجو البريطاني . 
ولا بد أن نوضح لصانع القرار في الدولة الأردنية ، جلالة الملك ، بأن أهل هذا اللواء منتمون لتراب هذ البلد وموالون لقيادته الهاشمية ، والذين أغلبيتهم يعملون في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والوظائف الحكومية، وقدموا الشهداء دفاعا عن الأردن وفلسطين(حربي 1948 و1967) والكرامة(1968) وأحداث الأمن الداخلي، وعندما تزور اللواء ستجد على مداخل قرى اللواء أسماء الشهداء مخلدة على الدواوير . كما لا بد أن نصارح صانع القرار بأن هؤلاء الناس في العهد الهاشمي الميمون يشعرون بالغبن والظلم والتهميش والإقصاء وبأنهم لا يزالون يعاقبون على أحداث العشرينات من القرن الماضي ، مع الإشارة الى أن هذه الأحداث تم تضخيمها ولم تكن سياسية ضد الحكم الهاشمي وإنما إحتجاجات إدارية مطلبية فقط وطموحات شخصية لزعامة المنطقة ، علما بأن الدولة قد إحتوت عائلة كليب الشريدة وحصرت معظم الوظائف والإمتيازات والمكاسب المخصصة لهذا اللواء لهذه العائلة فقط على حساب كل عشائر اللواء . 
ولم يعد من المقبول بعد مرور حوالي مائة عام على تأسيس الدولة الأردنية أن يشعر الناس بالظلم في ظل حكم هاشمي متسامح . ومن مظاهر التهميش والإقصاء ما يلي : 
1. سكان هذا اللواء حاليا أكثر من 170 ألف نسمة، ولم يتم تخصيص سوى مقعد تمثيلي واحد له في مجلس النواب، علما بأنه يستحق ثلاثة مقاعد، وعندما كان يتم ربط اللواء مع الأغور الشمالية يفقد اللواء تمثيله لصالح الأغوار . وينعدم أيضا تمثيل أهل اللواء في مجلس الأعيان في معظم الأوقات والمواقع الحكومية المختلفة لصالح قصبة إربد، علما بأن اللواء كان ممثلا في مجلس وصاية العرش عام 1952. كما لا يوجد عدالة في توزيع مكتسبات التنمية في محافظة إربد، والتي تستأثرها قصبة إربد وعشائرها على حساب ألويتها الكثيرة والمترامية الاطراف . 
2. تم تحجيم وتقليص مساحة اللواء وإقتطاع مساحات واسعة منه وضمها الى ألوية أخرى : دير يوسف وارحابا وعنبه وطبقة فحل (الذي عرف اللواء بها ، وسكانها من عشائر اللواء وأراضيها لأهل اللواء ) .
3. عدم وجود كلية جامعية في اللواء ، رغم الكثافة السكانية ونسبة التعليم العالية جدا والمئات من حملة شهادات الدكتوراه ووجود مدرسة ثانوية في اللواء تاريخها 1921 . 
4. عدم وجود أي مشروع تنموي في اللواء يساهم في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة .
5. خدمات صحية متواضعة ، رغم وجود مستشفى حكومي ينقصها الكثير مثلها مثل القطاع الصحي الحكومي في مناطق المملكة . 
6. وجود بنية تحتية وخدمات متهالكة .
7. إنعدام المشروعات السياحية ، حيث لا زالت هذه المنطقة بكر مثلما خلقها ربنا . ونتغنى دائما بالسياحة وبالإستثمار فيها وتشجيعها، وعند زيارتك لهذه المنطقة فانك تتفاجئ بغياب المشاريع التنموية والسياحية فيها، فلا فنادق ولا مطاعم ولا استراحات حضارية ولا حمامات عامة نظيفة ولا شاليهات ، فقد تركت هذه المنطقة على وضعها الرباني.
8. عدم وجود مدينة صناعية في اللواء. 
وعلى ضوء ذلك نقترح تشكيل لجنة ملكية لدراسة أوضاع اللواء برئاسة معالي رئيس الديوان الملكي، وإمكانية ترتيب لقاء لجلالة الملك مع وجهاء المنطقة في قصر الملك في برقش والإستماع لهموم ومطالب الناس وإمكانية تنفيذ الممكن منها. 
وفي هذا الإطار نقترح الحلول التالية لإنعاش اللواء تنمويا : 
1. دراسة أوضاع اللواء الإدارية ، وإمكانية إعادة النظر بربط اللواء مع محافظة إربد، لكثرة عدد ألويتها. ونظرا لعدم إمكانية ترفيع اللواء الى محافظة لإرتباط ذلك بتوزيع عدد المحافظات بالتساوي على الأقاليم الثلاثة . نقترح دراسة إمكانية ربط اللواء إداريا بمحافظة عجلون الإمتداد الطبيعي للواء وجعلها منطقة تنموية خاصة متخصصة بالسياحة، وزيادة مقاعد اللواء الى ثلاثة مع تمثيل مقعد واحد في مجلس الأعيان .
2. إعادة ربط منطقة طبقة فحل ( أراضي وعشائر اللواء ) باللواء إداريا كما كانت. 
3. إنشاء جامعة في منطقة حدودية مع عجلون والأغوار الشمالية تخدم حوالي 500 ألف نسمة وتنعش المنطقة تنمويا ، إذ لا توجد جامعة حكومية في هذه المناطق الثلاث ، أو إنشاء كلية جامعية تابعة لجامعة اليرموك (على غرار فرع الجامعة الأردنية في العقبة ) أو لجامعة البلقاء. 
4. نظرا لأن الغالبية العظمى من أهل اللواء من العسكريين العاملين والمتقاعدين وهم وأهاليهم تأمينهم عسكري، نقترح دراسة إمكانية تحويل إدارة المستشفى الحكومي في اللواء الى الخدمات الطبية الملكية ، أو إنشاء مستشفى عسكري متكامل في منطقة حدودية مع الأغوار الشمالية لخدمة المنطقتين، على غرار المستشفى العسكري بين جرش وعجلون .
5. إنشاء مدرسة عسكرية في اللواء تابعة للثقافة العسكرية . 
6. إنشاء مشاريع سياحية متكاملة في المنطقة بالتعاون مع القطاع الخاص والترويج الإعلامي سياحيا ودينيا لهذه المنطقة ، علما بأن هناك كهف السيد المسيح عليه السلام في منطقة بيت إيدس والذي زاره قداسة البابا .
7. إستغلال المياه المعدنية والكبريتية الساخنة الموجودة في منطقة قريبة من طبقة فحل بالقرب من حمة أبو ذابلة وتم حفر الأبار من قبل وزارة المياه ، ودراسة إمكانية عمل منتجعات وبرك سباحة للعلاج الطبيعي .
8. أن لا يتم إحتكار الوظائف العليا في الدولة والمخصصة للواء لعشيرة بعينها أو عشيرتين، وأن يتم التوزيع على كل عشائر اللواء نظرا لوجود الشهادات والمؤهلات لدى كافة أبناء عشائر اللواء .
9. تفعيل دور وزارة الزراعة ومؤسسة الإقراض الزراعي لدعم المشاريع الزراعية في اللواء. 
10. إنشاء معاصر زيتون حديثة وتغيلف عبوات الزيت بطرق حديثة وتسويقها في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا كمنتجات من بلدنا التي تعتبر من الأراضي المقدسة بالنسبة للعالم المسيحي .
11. إيجاد حلول عملية للبطالة لأصحاب الشهادات الجامعية ، ودراسة إمكانية توزيع أراضي أميرية عليهم لإستغلالها زراعيا وبتمويل من الإقراض الزراعي . وكذلك عمل مشاريع تدريب وتأهيل وتمكين المرأة .
12. دراسة إمكانية إنشاء مصنع تعليب رب البندورة في منطقة حدودية مع لواء الأغوار الشمالية لإمتصاص فائض إنتاج البندورة ، وحل جزء من مشكلة البطالة في اللوائين .
13. صيانة الطرق وتوسيعها ووضع لوحات إرشادية (قارمات) تدل على الأماكن السياحية .
وحمى الله بلدنا الحبيب الأردن 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)