طلبة نيوز-
كتب أ. د. محمد الفرجات

دعوني قبل الخوض بمقالي أن أذكر حقيقتين، الأولى أن إدارة الملف الجيوسياسي من أجل البقاء والحفاظ على كينونة الدولة بات متشعبا وثقيلا ومرهقا جدا ويستنزف معظم وقت جلالة الملك، خاصة أمام تنامي وتسارع المد الإسرائيلي بعقلية الإستحواذ والإحتلال، بوجود العقلية الترامبية الداعمة والتي قد تستمر أربعة سنوات أخرى، حيث أن هنالك إرتياح شعبي أمريكي لإدارته.
في حين أن الملك قدم كل ما لديه من رؤى وسيناريوهات وأوراق نقاشية، وما زلنا نعاني إقتصاديا، والمؤشرات قد لا تسر أحيانا كثيرة، سيما وأن مشروع جلالته النهضوي دولة الإنتاج بمكوناته ومركباته كآخر حل لحالنا لنبقى ونستمر قد فشلت حكومة الرزاز بإخراجه لحيز الوجود، الأمر الذي يتطلب بلدوزر بثقل سياسي وطني شعبي عابر للحكومات لتبنيه بجانب الملك.

أما الحقيقة الثانية والتي أتحدث عنها كمراقب للمشهد وبشفافية الباحث العلمي (كأستاذ جامعي) وموضوعية متزنة، فكأنني ألاحظ أن من يخططون بروتوكولات وزيارات ونشاطات سمو ولي العهد (والذي يعد سند جلالة الملك حفظه الله تعالى ورعاه)، فكأنهم يقدمون للشعب فقرات فيلمية هوليوودية محسنة منمقة متقنة الإخراج، بتصوير كاميرات من عدة زوايا، ويقحمون سموه بقضايا من المدخلات النماذجية التي تنجح في سويسرا مثلا أو النمسا، لكنها لا تركب بتاتا على النموذج هنا، وببساطة هم بذلك ودون قصد يخفون عن ولي العهد مفاصل محرك البلاد، ومواطن الخلل.

أما وقد وفقت إلى حد ما بالتمهيد لبناء برنامج سباعي تيمنا بالسبع المثاني من سورة الفاتحة، ينطلق منه ولي عهدنا المحبوب، ليسند ويتبنى مشروع مليكه الوطني التنموي النهضوي دولة الإنتاج والتكافل والقانون، فإن التفاصيل كما يلي:

في الشهر الأول...

- يلتقي سمو ولي العهد رؤساء الأحزاب والنقابات، والإعلام، ورؤساء الجامعات، ويقدم رؤية جلالة الملك حول مفاصل وتفاصيل المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج والتكافل والقانون، ويمهد مع الحضور لبناء فكري للمشروع، كهدف تسعى الدولة الأردنية لتحقيقه، لضمان أمن المياه والطاقة والإكتفاء الذاتي، وتوفير فرص العمل للمواطنين، ورفع مستوى الدخل، وتحقيق الرفاه المجتمعي المنشود، ليعمل الجميع على تحقيق الهدف كخلية نحل واحدة.

- يطلب سمو ولي العهد لقاء لجان مجلس الأعيان (كل لجنة على إنفراد) ، ويطلب من كل لجنة خطة عمل زمنية لستة أشهر، تشمل الرقابة والمتابعة والتحفيز والتقييم والتقويم للقطاعات الخاصة بكل لجنة، بما فيها التعليم والطاقة والمياه والخدمات والبنى التحتية والنقل، إضافة لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة.. إلخ، في ضوء معطيات المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج والتكافل والقانون.

- يطلب سمو ولي العهد لقاء كل وزير مع أمينه العام ومساعديه ومدراء المديريات في الوزارة، يستمع لهم حول الإنجازات والتحديات، ويتم توجيههم لتقديم خطة عمل الوزارة للستة أشهر القادمة ضمن إستراتيجيات القطاع الذي تديره، وذلك في ضوء معطيات المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج والتكافل والقانون.

- يطلب سمو ولي العهد لقاء رؤساء ومفوضي ومجالس إدارة الهيئات المستقلة (وبمجموعات مصغرة حسب طبيعة عملها) ، ويستمع للإنجازات والتحديات في مؤسساتهم، ثم يطلب منهم خطة العمل للستة أشهر القادمة، وبما يتوافق مع معطيات المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج والتكافل والقانون.

- يطلب سمو ولي العهد نفس ما ورد أعلاه خلال لقاء رؤساء ومجالس إدارات الشركات المملوكة للحكومة.

- يلتقي سمو ولي العهد مع القطاع الصناعي، ويستمع للتحديات، ويضعهم في صورة المشروع النهضوي دولة الإنتاج، ويناقش سبل رفع سوية وجودة ومنافسية منتجاتنا، ويكون ذلك بحضور وزراء الطاقة والمياه والصناعة والتجارة والبيئة، إضافة لعمداء البحث العلمي في الجامعات الحكومية والخاصة، ومدير صندوق دعم البحث العلمي، ويتم تشكيل فريق لوضع خطة عمل مشتركة للنهضوض بالقطاع الصناعي، وتحسين واقع العاملين في ذات القطاع.

- يلتقي سموه مع ممثلي القطاع الزراعي، ويستمع للتحديات، ويناقش سبل زيادة وتحسين الإنتاج الزراعي للإكتفاء محليا ومن ثم تصدير منتج وطني منافس ذات جودة عالية، ويطلب تشكيل فريق عمل مشترك لوضع خطة عمل واقعية قابلة للتنفيذ، لتحسين واقع المزارعين، والنهوض بالقطاع الزراعي.

- يلتقي سمو ولي العهد بالقطاع السياحي، من مشغلين ومقدمي خدمات، وجهات حكومية داعمة كوزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، ويستمع للتحديات والإنجازات، ويتم تشكيل فريق وطني ليضع خطته التنفيذية للنهوض بالقطاع والخدمات السياحية مقابل زيادة أعداد السياح والمنتج السياحي، وأيام مبيت السائح، ليكون الأردن مقصدا سياحيا عالميا مرموقا ومباشرا من الطراز الأول.

- يلتقي سمو ولي العهد بهيئة الإستثمار والمستثمرين، يستمع للتحديات، ويتم تشكيل فريق ليضع خطة للستة أشهر القادمة، تمهد لتحقيق إستثمار حقيقي على الأرض الأردنية،
ويتم هنا مناقشة إنشاء صندوق الإستثمار الوطني (الإقتصاد التعاوني)، (صندوق المغتربين للإستثمار)، القرى الذكية حول المحافظات، إضافة للمقترح الوطني (مؤتمر نهضة العقدين).

- يلتقي سمو ولي العهد القائمين على مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة، ويستمع للتحديات وسبل التغلب عليها، لتحقيق إستراتيجية الطاقة المتجددة للعام 2025.

- يلتقي سمو ولي العهد مسؤولي وخبراء القطاع المائي، ويتم إعادةة قراءة معطيات ومخرجات اللجنة الملكية للمياه والتي شكلت قبل نحو عشرة سنوات، ويتم التحديث عليها، ووضعها حيز النفاذ مجددا، ضمانا للأمن المائي الوطني.

- يلتقي سموه مسؤولي ومشغلي وخبراء قطاع النقل، ويتم مناقشة سبل الوصول لنقل عصري في عام 2025، ويتم تشكيل فريق خاص لذلك.

الستة أشهر اللاحقة...

يتابع سموه تقارير تقدم سير العمل من الفرق المشكلة لصياغة الخطط المطلوبة، أولا بأول، ويطعم ذلك بزيارات ميدانية دورية.

تصاغ الخطط، توضع ببرامج تتوافق مع المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج والتكافل والقانون، وبشكل يتوافق مع خطط اللامركزية وخطط ومشاريع الحكومة المركزية، وخطط التمويل.

هنا فإن سمو ولي العهد ستتاح له الفرصة للإطلاع على كل ما يدور بالبلد، ومكامن الخطأ والإبطاء، وسيتمكن من مسك الملف التنموي الوطني بقوة وحزم.

أما المشاريع التي يرعاها ويتابعها سمو ولي العهد من مبادرات الشباب والإبتكار وغيرها، فإنها وحدها لن تكشف لسموه المدى المطلوب لإدارة التنمية المنشودة بجانب سيد البلاد حفظه الله تعالى ورعاه.

ويبقى ما كتبنا مقترحا قابلا للقبول أو التعديل أو الرفض.

الناس في المدن والقرى والبوادي والمخيمات والأرياف تنظر وتنتظر، وتبحث عن تنمية حقيقية فيزيائية على أرض الواقع، ولا يفيدها الفيديو بشيء، وتفرح لزيارة مصنع معطل يعاد إلى الحياة بصوته وإنتاجه وعماله، الأمر الذي لا يتقنه من يضع برامج هوليوودية يعشقها أتباع مدارس الكينغز أكاديمي، في الوقت الذي نريد ولي عهدنا بلدوزرا بثقل سياسي وطني شعبي عابر للحكومات ليقف بقوة بجانب الملك.