TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مجالس أمناء الجامعات والهيبة التائهة
26/06/2018 - 1:00pm

أد. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة
صدرت الإرادة الملكيّة السامية بالموافقة على تشكيل مجالس الأمناء للجامعات الأردنيّة بعد إقرار قانون التعليم العالي وقانون الجامعات الأردنيّة ؛ وما تضمناه من تعديلات الهدف منها التطوير في التعليم العاليّ, ومن المؤسف أن تشوب الإرادة الملكية أخطاءٌ سببها سوء الاختيار في أعضاء مجالس الأمناء وعدم التدقيق, ولعلّ الاستعجال في رفع التنسيب إلى مقام جلالته هو السبب في هذه الأخطاء, لا سيما أنّ حكومة الملقي كانت تحتضر , وأراد وزير التعليم العالي تمرير الموضوع قبل الإطاحة بالحكومة السابقة, وتشكيل حكومة جديدة قد لا يكون له فيها حقيبة.
إنّ الخطأ البشري مسألة واردة, ولكن أن يصل الخطأ إلى إرادة ملكيّة فتلك مرحلة تسيء إلى وطن وقائد وطن, وتدلّ على إهمال لم يخف جلالة الملك امتعاضه منه عندما تحدّث عن تقصير معظم الوزراء الذين دوّرهم الرزاز للأسف في حكومته الحالية, ويكوّنون مشهداً مشوهاً لوجه حكومة بنى عليها الشعب آمالاً عظيمة. غير أنّ الأمر الخفي ليس الخطأ في عدم تحقيق بعض الأعضاء للشروط, بل هو وجود أعضاء في هذه المجالس غير أكفاء, وليس لهم خبرة في الجامعات وجاءوا بحسابات شخصية ومناطقيّة, ولا يعرفون عن الجامعات ودور مجالس أمنائها شيئاً, وبعضهم خريجو جامعات هابطة المستوى, ومعدلاتهم في الثانوية لا تؤهلهم لدخول جامعاتنا, وبعضهم تشوبه شوائب الفساد, ولعلّ هذا هو السبب في عدم إعلان قوائم مجالس الأمناء كاملة للملأ, وتباطؤ الوزارة في تسليمها للإعلام, وهذا هو سبب غياب خبر جوهري عن الأخبار التي اعتدنا مطالعتها على الموقع الالكتروني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
إنّ المهام المناطة بمجالس الأمناء كبيرة كرسم السياسة العامة للجامعة, وإقرار خططها السنوية والإستراتيجية وتقييمها, وتقييم الجامعة وإداراتها وقياداتها, وإعداد تقرير لمجلس التعليم العالي سنوياً, ناهيك عن دعم موارد الجامعة مالياً, وإقرار موازنتها وتعيين نواب الرئيس والعمداء ورؤساء الأقسام, ومناقشة مشاريع الأنظمة, وغيرها من المهام الجسيمة التي تحتاج إلى خبرات أكاديمية وقيادة مؤهلة تأهيلاً عالياً لا يمكن أن يسهم فيها شخص لم يدخل جامعة أو يعمل فيها, وليس له خبرة في الاعتماد والجودة والقبول والبرامج والأنظمة, ولا يعرف أصلا صلاحيات مجالس الأمناء, ولا يعقل أن يتسرب أعضاء إلى هذه المجالس وكلّ خبرتهم أنّه عمل موظفاً بسيطا في جامعة لمدة سنتين أو ثلاثة, وكلّ مؤهلاته شهادة بكالوريوس تباع الآن على البسطات.
لقد أخفقت بعض مجالس الأمناء سابقاً في تحقيق المهام الموكلة إليها, فإحدى جامعات الأطراف في الشرق لم يستلم أعضاء هيئة التدريس مستحقاتهم المالية عن الفصل الصيفي لسنتين, وأعاد معالي الوزير تدوير رئيس مجلس أمنائها, وأحد مجالس الأمناء في إحدى جامعات الجنوب عليه قضية تزوير معروفة, وانطلت عليه تنسيبات بتعيين العمداء ونوابهم مخالفة لقانون الجامعات, وأعاد معالي الوزير تدوير رئيس هذا المجلس ليضمن سيطرة إدارة الجامعة عليه وتمرير المصالح, ناهيك على أنّ أياً من مجالس الأمناء لم يعلن عن مشروع واحد لدعم مورد الجامعة وتعزيز موازنتها.
إنّ هذه التشوهات تسيء إلى مكانة مجالس الأمناء ودورها الكبير في النهوض بالجامعات التي نطالبها بالولوج إلى مستوى الجامعات العالميّة, ونطلب منها تحقيق مكانة متقدمة في التصنيفات العالميّة, ولعلّ هذه المجالس بتشكيلتها الحالية نذير شؤم على أنّ إصلاح التعليم العالي يسير نحو مراميه التي نتطلع إليها, بل هو إخفاق جدير بالمحاسبة, وتقصير يجب أن لا يمضي دون مراجعة, وعلى الجهات المسؤولة في الدولة أن تسأل مجالس الأمناء عمّا حققته من صلاحيات ومهام موكلة إليها سنوياً, بدل أن يشغل الوزير نفسه بإرضاء المحسوبيات بالزج فيها إلى مجالس أمناء يجب أن ترتقي إلى الهيبة التي تليق بالجامعات وسمعتها والدور الذي تنهض به في بناء الأوطان وتحقيق تقدّم الأمم. وعلينا أنّ نسأل أنفسنا بالأرقام والإحصاءات والتقارير عمّا قدمته مجالس الأمناء من دعم لجامعاتها, وما هي مساهمة رجال الأعمال وممثلي القطاع الاقتصادي في دعم موارد الجامعة, وهل قدّم أصحاب الملايين الذين أشركناهم في مجالس الأمناء شيئاً للجامعات, وما قيمة تبرعاتهم لها؟
وعلى الجهات المسؤولة في الأردن أن تسأل: هل تحترم توصيات مجالس الأمناء وتنسيباتها في تعيين الرؤساء أو تجديد التعيين؟ وهل تأخذ الجهات الأعلى وعلى رأسها مجلس التعليم العالي ومجلس الوزراء بتقارير التقييم الصادرة عن هذه المجالس؟ وهل هناك سيطرة لمجالس الأمناء على إدارة الجامعة أم أنّ الإدارات تروض المجالسَ, وتستغل جهلها في شؤون الجامعات لتبسط إرادتها عليها؟ وعلينا أن نسأل لماذا تراجعت هذه المجالس في قوتها وهيبتها عن المجالس السابقة؟, وأصبحت مطمحاً ومطمعاً لتزيين السيرة الذاتية للأشخاص الذين يتهافتون عليها بالمحسوبيات والواسطات؟ ألا نحتاج ونحن نطور تشريعاتنا إلى وضع ضوابط صارمة ومعايير دقيقة للمشاركة في هذه المجالس؟.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)