TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
محاضرة في جامعة إربد الأهلية حول هيكل سليمان حقيقة أم خيال
13/11/2019 - 5:00pm

طلبة نيوز-

بدعوة من عمادة شؤون الطلبة في جامعة إربد الأهلية، وبرعاية معالي الدكتور محمد الصقور رئيس مجلس أمناء الجامعة، ألقى الدكتور حمزة المحاسنة أستاذ الحضارات القديمة في جامعة مؤتة، محاضرة في الجامعة عرض خلالها تاريخ هيكل سليمان فيما إذا كان حقيقة أم خيال، بحضور سعادة الدكتور أحمد العتوم رئيس هيئة المديرين، والدكتور محمد الروسان عميد شؤون الطلبة، والعمداء، وجمع كبير من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية، وطلبة الجامعة في مدرج الكندي.
وأشار الدكتور المحاسنة في محاضرته إلى أن القران الكريم لم يُشر إلى أي شيء يدل على وجود هيكل لسليمان والذي تم ذكره بإسهاب كبير في كتب بني إسرائيل الدينية المحرفة, بحثاً عن شرعية وجود لهذا الكيان اليهودي الغاصب، وبين بأن اليهود الآن يحثون الخطى بوتيرة عالية في البحث عن آثار هذا الوهم المزعوم, ويريدون إعادة بنائه في منطقة الكأس في قلب الحرم القدسي الشرف بين مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي، بالرغم من عدم وجود مصدر موثوق ومحايد يثبت بناء سليمان عليه السلام لهذا الهيكل وأضاف بأن هذا المعبد الذي يسميه اليهود بـ هيكل سليمان، والذي يُدعى في ما يُسمى باللغة العبرية بيت الإله، له منزلة خاصة في قلوب وعقول اليهود، فهم يزعمون أنه أهم مكان للعبادة، وأن سليمان بناه لهم ولديانتهم، فالقرآن الكريم قد قصّ علينا قصصاً تتعلق بسليمان عليه السلام في عدة مواضع: مع بلقيس, والهدهد, والنملة, والجن، وتبدو هذه القصص أقل أهمية من حيث المقارنة مع الهيكل! فلماذا لم يقصّ العلي القدير شيئاً عن الهيكل إذا كان يحظى بكل هذه القدسية والجلالة التي يزعمها اليهود.
وبيّن الدكتور المحاسنة بأن الدارسين لنصوص الكتاب المقدس المتعلقة ببناء الهيكل يأخذهم العجب والاستنكار، بل يجزمون بأن قصة البناء خرافة وأسطورة لا حقيقة لها، ذلك لأنه سيقفون حيارى أمام تخيّلٍ لبناء هائلٍ جدا في ضخامته، وقد يكون من أعظم الأبنية التي عرفتها البشرية، فالمواد المستخدمة في بنائه وعدد العمال والبنائين كان خيالياً ومبالغاً فيه بما يتجاوز حدود تفكير العقل البشري، فالذهب المستخدم كان مائة ألف وزنة، والفضة مليون وزنة، وكميات الحديد والنحاس والأخشاب والحجارة فبلا أوزان، وعدد العمال المشاركين في البناء 180 ألف عامل، وعليهم رؤساء ورش عددهم 3600 استنادا لما ورد في سفر الملوك الأول, لقد عمل هذا الكادر طيلة سبع سنوات لانجاز هذا الصرح المزعوم. والنتيجة ماذا ؟! بناءً قياساته 30م طولاً و10م عرضاً و 15م ارتفاعاً, أي بمساحة 300م مربع. فمن أجل هذا البناء الصغير كانت هذه الأكاذيب والمبالغات الممقوتة في الإعداد والتحضير والتجهيز والتي القصد منها إضفاء نوع من العظمة والجلالة والهيبة والضخامة. وإذا ما عقدنا مقارنة بين الهيكل الموهوم وهرم الفرعون خوفو في هضبة الجيزة في مصر فسوف يعترينا الذهول, فقد ذكرت النصوص الهيروغليفية الفرعونية التي يطمئن لمصداقيتها الدارس للحضارات القديمة أكثر من أساطير سفر الملوك الأول وإخوانه من بقية الأسفار, نجد أن هرم خوفو قد استغرق بناؤه ثلاثة عشر عاماً, وشارك في أعمال الإنشاء والبناء عشرون عامل, ولا يزال ماثلاً للعيان كما أنشئ قبل 2600سنة قبل ميلاد السيد المسيح علية الصلاة والسلام على الرغم من أن بناؤه قد سبق بناء الهيكل المزعوم بألف وستماية سنة.
وأكد الدكتور المحاسنة بأن اليهود أنفسهم لا يتفقون على هيكل واحد، وعل مكان واحد للهيكل، فيهود الطائفة السامرية يقولون: إن الهيكل قد بُني على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس وليس في القدس، وآخرون يقولون: إنه في قرية بيت ايل شمالي القدس، وفريق ثالث يزعم إن الهيكل أقيم على تل دان (تل القاضي), في حين أن الغالبية العظمى من يهود الاشكيناز والسفارديم يزعمون أن الهيكل في القدس, وهذا التضارب والتباين في تحديد مكان بناء الهيكل يؤكد بشكل قطعي أن هذا المبنى المزعوم ما هو إلا مجرد أوهام وسراب دعائمه الأساطير والأكاذيب التي قد عششت في عقول من أنشؤا وألفوا العهد القديم وسطروه بأيديهم, فعزّ من قائل (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله).
وبين الدكتور المحاسنة بأن اليهود تشتتوا في أصقاع الأرض، بسبب غدرهم، وقتلهم الأنبياء، وعصيانهم لأوامر الله وعدم طاعته كما يقول اليهود أنفسهم, ونسوا القدس، ونسوا الهيكل، إلى أن جاء القرن 19 الميلادي، عندها اخذوا يقلبون صفحات التاريخ المطوية للبحث عن أية مزاعم يهودية تبرر لهم الرجوع إلى القدس فعقدوا المؤتمرات تلو المؤتمرات، وكان أولها مؤتمر مدينة بازل في سويسرا عام 1897 م بزعامة ثيودور هرتزل، بهدف إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وحملت الصهيونية اللواء لتحقيق هذا المجد وإعادة بناء الهيكل، وأضاف بأن اليهود يدعون بأن حائط البراق والذي يسميه اليهود (حائط المبكى) الذي يشكل الجدار الغربي للمسجد الأقصى هو ما بقي من الهيكل المبني في المرحلة الثالثة زمن الملك هيرود الادومي، وهذا الزعم قد أبطلته وكشفت زيفه التنقيبات الأثرية حول وتحت أساسات المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، فقد أوفدت لجنة دولية للتحقيق في أحداث البراق التي وقعت سنة 1929م, وكان عمل اللجنة علمياً وتاريخياً، فقد أثبتت في تقريرها أن ملكية حائط البراق تعود للمسلمين والمسجد الأقصى، ويدعون أيضا أن المسجد الأقصى بُني على أنقاض الهيكل، إذ لابد من هدمه وإعادة بناء الهيكل مكانه، وأن مملكة اليهود الحقيقية ونزول يهوه من السماء إلى الأرض لن يتم إلا بذلك, وعند تحقق هذا المُبتغى فسوف يُقيم الرب في الهيكل.
وشدد الدكتور المحاسنة على أن الموروث الإسلامي يؤكد على أن أول مسجد وضع للعبادة المسجد الحرام, وأن المسجد الأقصى قد بُني بعده بأربعين سنة, اذ ليس من المعقول أن يقوم سليمان بهدم مكان بُني لعبادة الله تعالى من أجل أن يقيم عليه هيكلاً، وقد ذكر عالم الآثار اليهودي "إسرائيل فلنكشتاين" أن علماء الآثار الذين عبثوا بآثار القدس لم يعثروا على أية شواهد أثرية تدل على أن الهيكل كان موجوداً بالفعل، واعتبر أن فكرة وجود الهيكل هي مجرد خرافة لا وجود لها، وأن كَتَبَة التوراة في القرن الثالث قبل الميلاد زمن الملك بطليموس فيلادلفوس في الإسكندرية قد اختلقوا قصصا لم تحدث، وأيضاً ذكر مثل هذا غيره من علماء الآثار الموضوعيين، فقد صرح عالم الآثار الأمريكي "غوردن فرانز" أنه لا توجد دلائل على وجود الهيكل في أسفل المسجد الأقصى، ولما سئل: أين موقع الهيكل؟ أجاب: لا أعرف، ولا أحد يعرف.
واختتم الدكتور المحاسنه محاضرته بالقول: لو سلمنا جدلاً بأن هذا الهيكل كان موجوداً، وأن داود عليه السلام هو من أسس لبناء هذا الهيكل، وأن ابنه سليمان هو الذي أتمه، فنحن المسلمين أحق بهذا الهيكل من اليهود، لأن هذا الهيكل بناه داود وسليمان ليكون معبداً لمن آمن برسالتيهما، فهو دار عبادة للموحدين المؤمنين الذين يعبدون الله تعالى ويوحدونه، وليس هيكلاً لقتلة الأنبياء، ولمن كفر بداود وسليمان وتنكر لنبوءتيهما، ونسبوا إليهما الزنا والشرك وعبادة الأوثان، فنكون -نحن المسلمين- أحق بهذا الهيكل، إن كان له وجود، لأننا نؤمن بهما كنبيين ورسولين وملكين كريمين من اتقى عباد الله تعالى.
وفي بنهاية المحاضرة قام كل من: معالي الدكتور محمد الصقور رئيس مجلس الأمناء، والدكتور أحمد العتوم رئيس هيئة المديرين، والدكتور سالم ألرحيمي رئيس الجامعة، بتقديم درع الجامعة للأستاذ الدكتور حمزة المحاسنة، وقاموا بشكره وتقديره على المعلومات القيمة التي قدمها للحضور.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)