TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مسؤولية المجتمع الدولي اتجاه أطفال لبنان
08/08/2020 - 3:15am

لم يَكُن هذا العام عاماً سهلاً على المجتمع الدولي؛ لما شهده من أحداث وأزمات كان أبرزها انتشار فيروس كورونا في كافة الدول وما نتج عنه من آثار سلبية في مختلف النواحي، إلا أنّ الجمهوريّة اللبنانيّة قد تكون من أكثر الدول التي واجهت مشاكلاً وصعوبات وتحديات في هذا العام.
فقد شهد لبنان منذ بداية العام أزمات محلّية تمثلت بالنواحي الاقتصادية والسياسية بشكلٍ رئيسٍ والتي ترتب عليها آثار سلبية عديدة، ثم تبعها انتشار فيروس كورونا وما رافقه من إغلاقات في مختلف القطاعات نتج عنه ركود اقتصادي وضغط على بعض المرافق والخدمات وبالأخص تلك المتعلقة بالصحة، لكنّ التحدي الأصعب والذي اعتبره البعض كارثة على لبنان حدث يوم الثلاثاء الموافق ٤/٨/٢٠٢٠م حيث شهد مرفأ بيروت حدوث انفجار بعد نشوب حريق فيه، حيث كان أحد المستودعات يحتوي على مادة نترات الأمونيا -وهي معروفة بخطورتها- والتي تمّ على اثرها إعلان بيروت "منطقة منكوبة".
وفِي ظل النتائج التي ترتبت على هذا الانفجار والآثار السلبية التي نتجت عنه وما خلّفه من دمار صوّره البعض كالدمار الناتج عن القصف الذرّي على "هيروشيما وناجازاكي" يثور التساؤل حول مدى تمتع المواطنين بحقوقهم الأساسية وخصوصاً الأطفال بعد إعلان بيروت منطقة منكوبة.
إذ انه من المتفق عليه أن الأطفال هم من الفئات الأكثر ضعفاً وبحاجة للحماية وذلك بسبب عدم نضجهم البدني والعقلي، وبالتالي فإن الطفل بحاجة إلى رعاية وحماية واهتمام خاص وكذلك إجراءات وقاية ورعاية خاصة قبل الولادة وبعدها. ويُقصَد بالطفل كما عرّفته المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل هو "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة. ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". حيث وضحت هذه الاتفاقية ونصّت على أبرز الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل طفل دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو رأيهم السياسي أو أي وضع آخر. بالإضافة إلى أن العديد من الاتفاقيات الدولية والإعلانات المتعلقة بالطفل مثل إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام ١٩٢٤ قد نظّمت وأكّدت على حقوق الطفل في كافة الظروف والأحوال.
واستناداً إلى اتفاقية حقوق الطفل فإنه يجب أن يتمتع الطفل بحقه في الحصول على حياة كريمة في ظروف تكفل كرامته، بالإضافة إلى حقه في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وحصوله على خدمات الرعاية الصحية وما يترتب على إعمال هذا الحق من اتخاذ تدابير مناسبة من أجل مكافحة الأمراض وسوء التغذية، خفض وفيات الرضع والأطفال، وتوفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين.
كما أنّ حق الطفل في التعليم يُعتَبر من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الأطفال، ويجب أن يتم توجيه هذا التعليم لغايات تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنيّة، وكذلك تنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بالإضافة إلى تنمية احترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه الطفل والبلد الذي نشأ فيه في الأصل والحضارات المختلفة عن حضارته. كما أن اتفاقية حقوق الطفل نصت على حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنّه ومشاركته في الحياة الثقافية والفنون. ويجب أن توفر الدولة للطفل الحماية من كافة أنواع وأشكال الاستغلال وأن تتخذ التدابير المناسبة لذلك، وأن تقوم باتخاذ كافة التدابير لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل في بيئة تعزز صحة الطفل واحترامه لذاته وكرامته. بالإضافة إلى العديد من الحقوق التي تضمن مصلحة الطفل الفضلى والتي نصّت عليها العديد من الاتفاقيات الدوليّة أبرزها اتفاقية حقوق الطفل.
وفِي ضوء ما شهده لبنان من أحداث وما نجم عنها من آثار مُدَمِّرة فإن المُتابع لتلك الأوضاع والأحداث يستنتج عدم مقدرة لبنان الحالية على توفير الحد الأدنى من هذه الحقوق ومتطلبات الطفل الأساسية، فالعديد من الأطفال فقدوا منازلهم أو أفراداً من عائلاتهم، وبعضهم تعرّضت مدارسهم للدمار مما يقف حاجزاً أمام التحاقهم بها وتمتعهم بحقهم في التعليم، وما يتفق عليه الجميع أن جميع الأطفال قد تعرضوا لصدمة نفسية نتيجة ما شاهدوه أوسمعوا به من أحداث أثرت بشكل سيّء على صحتهم النفسيّة.
وهنا تتضح أهمية تعاون المجتمع الدولي في تقديم كافة أشكال المساعدة ويد العون لمساعدة لبنان في الخروج من هذه الأزمة، وقيام الدول بواجبها والتزاماتها الإنسانية اتجاه المواطنين اللبنانيين وبالأخص الأطفال مراعاةً للمصلحة الفضلى للطفل ولما يحتاجوه من رعاية واهتمام خاصةً في مثل هذه الظروف فهم بحاجة لكافة أنواع الدعم وفي كافة المجالات منها على سبيل المثال الصحية والنفسية والثقافية والتعليمية. فالأطفال هم المستقبل وإذا ترعرع الطفل في بيئة لا توفر له الحد الأدنى من الحقوق والحريات فكيف سيتم تنمية وتعزيز القيم الخاصة ببلده وثقافته وهويته وولائه لهذا البلد.
فلنقف جميعاً إلى جانب أطفال لبنان ولنؤدي واجبنا الإنساني لهم؛ فهم ضحايا سياسات وتوجهات لا علاقة لهم بها، وَلْيَكُن هذا الدعم موجَّهاً دون تمييز ولهدفٍ واضحٍ ومحددٍ ألا وهو تحسين ظروف معيشة الأطفال.

عُريب هاني المومني

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)