TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مقارنات سريعة بين وزارة "المدارس" ووزارة "الجامعات"
18/03/2014 - 1:15pm

طلبة نيوز-كتب: إبراهيم العظامات

في حين يؤكد الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء أنه يجب "أن ننظر لوزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي ككيان واحد، وليس باعتبارهما كيانين مُنفصلين"، ويدعو وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أمين محمود لإنشاء مجلس أعلى للموارد البشرية، يُنسق بين وزارته، ووزارة التربية والتعليم. لكن ما يحدث على الأرض يثبت أنهما يعملان كنظامين متنافرين لايمُت أحدهما للآخر بأية صلة، وأن هناك فجوة هائلة بينهما.
فأحدث قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم يُشكك بصورة رسمية، في مخرجات وزارة التعليم العالي، يؤكد وزير التربية الدكتور محمد ذنيبات: "قرَّرنا أَلّا يدخُلها (أي وزارة التربية) إِلّا من يخضع لاختبار كفاءة"؛ لأن الجامعات لم تعد تخرج كفاءات مؤهلة؛ وسيتم "عقد اختبار للمُعلم المرشح للتعيين في التربية"، وهو امتحان الغربلة الأول، ثم عقد "دورة لمدة أربعة أشهر" (شهران أثناء العطلة الصيفية، وإثنان داخل القاعة الصفية بمراقبة مشرف)، المهم أن مَنْ يُحالفه الحظ، ويجتاز الدورتين بنجاح، يُعين – مُعلماً- في وزارة التربية، وإذا أخفق يعود عاطلا إلى قوائم ديوان الخدمة المدنية.
الأهم: أن وزارة التربية الأردنية لا تثق بخريجي الجامعات الأردنية بعد كل مراحل التطوير، والخطط الاستراتيجية التي تعلنها وزارة التعليم العالي، والجامعات الأردنية.
وزير التربية يقول، في نادي الفيحاء الثقافي قبل أسبوعين: "نريد أن نتأكد أن خريج العربي يعرف عربي، وخريج الانجليزي يعرف انجليزي"، ويسرد قصص- أحيانا بسخرية، وأحيان أخرى بألم- كيف كتب معلم اللغة العربية كلمة "مُنذ" هكذا "منذو" في استدعاء نقله من مكان لأخر، وكيف بكى معلم اللغة الانجليزية، وهرب من الصف! عندما أيقن أنه لا يستطيع أن يُدَّرِسْ اللغة الانجليزية، وقصص أخرى كثيرة. ويُحدد ذنيبات مستوى الاختبار في مستوى اختبار "طالب التوجيهي". ونتسائل هنا: مستوى طالب توجيهي؛ لخريج الجامعة المفترض أنه: مُتخصص، ومُؤهل، ومُدَّرب!!.
يصف الدكتور محمد ذنيبات، واقع وزارة التعليم العالي بأنها: "عربة تسير بلا توجيه"، وقياداتها متضاربة، أحدهما يقودها لليمين، والأخر يحرفها لليسار، وهو يقصد مرحلة سابقة طويلة، قد تشمل المرحلة الحالية.
في المقابل يشترط- الدكتور أمين محمود وزير التعليم العالي والبحث العلمي– إصلاح التربية والتعليم قبل إصلاح التعليم العالي، فيقول: "لا اتصور أن أُصلح التعليم العالي بدون (إصلاح) التعليم العام الذي هو مدخلات للتعليم العالي". (أي: أُصلحوا؛ لأُصلح!).
الصراع لا يتوقف بين الوزارتين في التشكيك بمخرجات كل طرف، بل أيضا بإعداد الاستراتيجيات؛ ففي كل وزارة استراتيجية مكونة من (10) محاور أُعلنت تقريبا في وقت واحد، وربما، لم يعرف أحدهما عن الأخر.
وتتبارى الوزارتان بالحديث عن حُسُن النوايا، مع أن كليهما مرهقة بالاستراتيجيات، والخطط، وأكوام الورق حول التطوير والتجديد، بالرغم من ذلك، إلا أن هناك أفضلية في وزارة التربية والتعليم في التنفيذ، فقد لمس القطاع التربوي، وأولياء الأمور أن هناك نهجا جادا إلى حد ما في "وقف الجرائم والمُخالفات" في حق الثانوية العامة، بالرغم من الخشية من التراجع أو الغرق في مُستنقع الاستراتيجيات والتنظير.
فقد أوكل الدكتور ذنيبات مُهمة وضع الاستراتيجية التربوية لنفسه، ويُكرر الوزير، في أكثر من لقاء قوله :"أنه قرأ كل ما أُنتج (من خطط، ودراسات، ومُقترحات) في حقل التطوير التربوي منذ عام 1987 لغاية 22/8/2013"، يوم تسلمه موقعه الحالي. ووجد الوزير خططاً وأفكاراً جليلة، لكنه يُضيف: "اجتهدنا بوضع خطة جديدة"؛ فوضع وزير التعليم المدرسي خطته الاستراتيجية خلال (4) شهور من تسلمه منصبه.
بينما تراجع الدكتور أمين محمود وزير التعليم الجامعي الذي تسلم موقعه منذ عام كامل، وأوكل مهمة وزارته في بناء استراتيجية جديدة أو خطة تنفيذية للقطاع، للدكتور عدنان بدران، مُتعهد تطوير التعليم العالي منذ ثلاثين عاماً خلت، فقام بوضع "استراتيجية الاستراتيجيات" المكونة من (10) محاور أيضاً. ولكن لم نسمع الوزير يتكلم عن الاستراتيجية أو الخطة مكتفيا برئيس اللجنة ناطقا رسميا باسم الاستراتيجية الذي يقول عنها أنها: "خطة عمل" لتنفيذ الاستراتيجيات السابقة التي لم "ترى النُور"، فهُنا الاستراتيجيات "تُنجب" استراتيجيات، والتنفيذ "يُجهَض" أو"يرى النُور" بنصف عين، مع أن الوزير محمود كان منخرطا في وضع استراتيجية للتعليم العالي منذ عام 2006 حين كان مُقررا للجنة التعليم العالي في مُبادرة الأجندة الوطنية.
يُحدد وزير التعليم العالي، مشكلة قطاع التعليم العالي في ازدياد تخصصات التعليم النظري، وضعف التعليم التقني، بينما في عهده، تُتخم كليات الإنسانيات بالطلبة، ويصل عدد كليات الصيدلة إلى (17) كلية في قطاع يعاني من ندرة أعضاء هيئة التدريس، وبطالة عاليه بين خريجيه، ولا يُحدِث أي شيء في التعليم التقني سوى الدعوات والتصريحات.
يُعلن وزير التعليم المدرسي نسبة الأمية بين تلاميذ الصفوف الثلاثة الأولى البالغة (100) ألف تلميذ، ويتجرأ في مكان أخر ليقول: أن "النسبة أكثر من ذلك بكيثر" (يعني ممكن أن تكون (200-300) ألف تلميذ، ربما!). ويضيف الوزير: "أن النسبة المعلنة هي لقرع الجرس فقط!". ويضيف: أن مديرية المناهج، وضعت مناهج جديدة لمعالجة هذه المُعضلة، فتم تخفيض عدد الحصص لطلبة الصفوف الأولى من (31) إلى (24) والتركيز على القِراءة، والكتابة، والحساب، والخط، وإضافة حصص (فن، ورياضة) لتكون المدرسة بيئة مشوقة، وجاذبة، ومفيدة أيضاً.
وزارة التربية، حددت جزء من مُشكلة أُمية التلاميذ؛ بضعف المعلم (خريج الجامعات) وضعف معرفته بالمبادىء الأساسية في اللغة العربية والرياضيات. واشارت مُديرية المناهج في الوزراة إلى أنها أوصت بــ"ضرورة الإسراع بمخاطبة وزارة التعليم العالي؛ ليتم تغيير الخطط الدراسية في الجامعات؛ لتُمكن معلم الصف من تدريس مادتي اللغة العربية، والرياضيات".
يصر وزير التعليم العالي، على عدم التعليق على نتائج امتحان الكفاءة الجامعية التي تكشف بالأرقام واقع نِتاجات التعليم العالي المتراجع خاصة في التفكير النقدي، والتحليل المنطقي، والبحث العلمي، ولا يتحدث عن نسبة الغش في الجامعات التي قد تتجاوز ما يجري في الثانوية العامة، وتتم بتساهل شديد، وصلت إلى اختبارات الكليات الطبية!، ولا يُحرك ساكنا في نسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس المخيفة، والزيادات الهائلة في أعداد الطلبة خاصة في الكليات (الإنسانية والنظرية) التي يقر الوزير أنها جزء من مشكلة التعليم العالي.
بينما ينجح رؤساء جامعات رسمية وخاصة، في عهد الدكتور أمين محمود، في مخالفة قرارات مجلس الوزراء بتعيين موظفين إداريين من غير حاجة فعلية، والتحايل في الطاقة الاستيعابية في الجامعات الخاصة، فيضطر مجلس الوزراء إلى إصدار قرار جديد، أو تتصدى لهم هيئة الاعتماد، ويستمر مسلسل المخالفات الجسيمة لرؤساء الجامعات، حيث يُشاع أن جامعة رسمية قبلت طلبة مفصولين بسبب مشاركتهم في المشاجرات الجامعية؛ مع أن المفصول لا يقبل في أية جامعة.
في حين ينجح وزير التربية، بإدارة معركة كبرى مع جزء لا يُستهان به من المجتمع المُصرين على الغش في التوجيهي، وينجح في تطبيق القانون بكل سهولة، ويُصارع (12) ألف موظف إداري في وزارته، بإعادة (5) آلاف موظف منهم (انتقلوا سابقا من خلال الواسطات إلى وظائف إدارية مُريحة) إلى وظائفهم الأصلية كمعلمين في المدارس، ويؤكد الوزير أن "القرار لم يُكسر" ولو في حالة واحدة.
يتبادل الوزيران اللكمات، والكلمات الساخرة في عدة لقاءات عامة، وحوارات صحفية، بينما يسخر ذنيبات من مستوى التعليم في الجامعات بقوله: "كثير من جامعاتنا شعارها (سَجِّل، وانجح) وممكن (يدينوك)!)، ويُضيف أنه طلب من رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الدكتور بشير الزعبي تزويده بـ"بنسبة النجاح والرسوب في الجامعات الخاصة".
في المقابل، يدعو وزير التعليم العالي والبحث العلمي: "إلى التخفيف من المركزية (الشديدة) في التربية والتعليم"، ويتمنى- كأننا في ضواحي العاصمة السويدية، استُوكهولم-: "أن نجعل المدرسة تختار المنهاج، والمُعلمين، وتضع ميزانيتها، لأن التنافس يُولد الإبداع". لكن التنافس جُرب سابقاً- في هكذا مجالات- فأنتج فساداً بلا حدود.
يظهر الدكتور ذنيبات تحسُسا كبيرا من قضية الاستثمار في التعليم أي التعليم الخاص، الذي يقول عنه أنه "تحول إلى تجارة خطيرة"، و"هُناك (2600) مدرسة خاصة تحتاج إلى تشريع يضبط عملها وأقساطها"، فـ"الكثير منها يحتاج إلى إعادة نظر"، ويشكو "من ندرة المدارس الخاصة ذات النوعية الجيدة"، ويؤكد أن نتائج الثانوية العامة أظهرت تفوقاً للمدارس الحكومية بشكل واضح. فمن أصل أول (10) مدارس على مستوى المملكة في نتائج التوجيهي في شتوية هذا العام، كان هناك (7) مدارس حكومية.
في موازاة ذلك، يُشجع الدكتور محمود، القطاع الخاص تشجيعا عظيما، فهو قادم بقوة القطاع الخاص، ولولا المعارضة الشرسة من المواطنين، ووقت الربيع غير الملائم؛ "لعُرضت الجامعات الأردنية الرسمية للبيع".
وإذا انتقلنا إلى الميدان، نرى أن وزير التربية والتعليم، يزور الميدان التربوي باستمرار في المدن، والقُرى، والبوادي، والمخيمات بحثا عن حلول لمشاكل يومية في المدارس ومديريات التربية.
بينما في وزارة التعليم العالي، يُسافر الوزير إلى أوكرانيا - بلاد الجَمَال والقمح- ليطمئن على أحوال (4500) طالبا أردنيا (قادرا)، (يُمكن لدبلوماسي أو مستشار ثقافي أن يقوم بالمهمة)، بينما، هُنا، لم يطمئن على مستقبل (330) ألف طالب جامعي أردني، قال- قبل أيام – عن مستوى تعليميهم أنه في "حالة انحدار"؛ فماذا فعل لمُعالجة ذلك الحال "المُنحدر"؟. غريبة تلك الجاذبية الموجودة في أوكرانيا، وغير موجودة في أي جامعة أردنية أو حتى عربية من جامعات بلدان الربيع العربي التي يَدرُس فيها طلبة أردنيين، فلم نعتد من الوزير، رهافة قلبه على الطلبة، فهو لم يلتق أي طالب أردني يعاني أكاديميا أو خدماتيا أو ماليا أو يَدْرُس في دولة غير مستقرة، ولم يستشعر معاناة الخدمات، والمواصلات لعشرات الآلاف من طلبة الجامعات، دعك من لقاءات المجاملة، أو الواسطات، أو زيارات الدعاية الإعلامية ورعاية الفعاليات في بعض الجامعات.
وحين، ولا تُصغي للكلام المُنمق عن التنسيق بين المؤسسات، وتتابع ما يجري فعلياً بين كلا القطاعين، تكتشف أنهما يسيران بخطين متوازيين متنافرين لا يمكن أن يلتقيا إلاّ بمشيئة الله سبحانه وتعالى.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)