TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
من مذكرات كاتب للدكتور محمد القضاة
23/02/2015 - 9:00am

طلبة نيوز
أ.د.محمد القضاة
عدت ابحث عن نفسي في يوميات الكتابة وجدتني أقف أمام زمنين؛ واحد مغرق بالجد والمثابرة والرؤية ، وآخر غارق في تيه ليس له نهاية ، في الاول الناس يعرفون ما لهم وما عليهم ويدركون حدودهم، وفي الثاني نام الرجال وقام الرويبضة وتسنموا كل شيء حتى غابت الحقيقة في وهاد النفاق والخداع. عدتُ اضرب اخماسا باسادس؛ ما الذي تغير في اقل من سنتين؟ لماذا تضيع الحروف من الكلمات؟ ولماذا لا يجد القارئ معانيها؟ قلت في نفسي: لعلي انا الذي لا اعرف إيقاعات ما حولي؟ لكني ما زلت أعيش تفاصيل التفاصيل اذهب واصدقائي نتحدث طويلا، ونناقش كل صغيرة وكبيرة، واجدهم يعيشون الدهشة نفسها التي لا تعرف فيها راسك من قدمك!
وهنا عليّ ان اعود الى تلك الكتابات التي ما فارقني حرف منها على مدار ثلاثة عقود هي عمرها في جريدة"الرأي" وغيرها لكي أعيش الزمن العربي بجنانه وتناقضاته، واعرف انه كان الأجمل والانقى بتفاصيله، لا انسى لهفة الصباح وانت تحتضن الجريدة لتقرأ كل حرف وخبر، وتذهب وانت في قمة النشوة لخبر هناك، ومقالة هنا، وللحظة صادقة تفرح الروح،...اعود وانا بين زمنين الاول يخطفك ببريقه وسرعته وشبابه، والثاني يبعدك بتحدياته وظلمه، ذاك الصفاء والعطاء، وهذا الدهاء والشقاء، ذاك الشفاء والوفاء، وهذا النفاق والدهماء، ذاك البراءة والجد والعمل وهذا افقه معتكرٌ ، ذاك زمن الرجال الرجال والمسؤولية والكلمة المقروءة، وهذا زمن غابت فيه الرجولة، وتاهت فيه الكلمة، وصارت المسؤولية كم يكسب المرء من وظيفته، صارت الوظيفة شركة خاصة، وصار المسؤول فيها يهتبل الفرص لأصحابه وأقرانه، وغدت المؤسسات شركات خاصة، لماذا؟ لانه لم تعد هناك مقالة ناقدة مستفزة تنشر في الصحف الورقية، أو لانه لم يعد للقراءة سوقها الصحيح، ولم يعد هناك من يتابع كل ما يكتب، وأصبح الكتبة والهواة بعدد شعر الرأس، وغدت الكتابة ميدان كل من هب ودب، هذا زمان لم يعد للكاتب الحقيقي تأثيره؛ أتدرون لماذا؟ لأن قلمه لا ينسجم مع حجم الأكاذيب والآراء المعلبة التي يكتبها تجار الكلام .
نعم تغير الزمن وتغيرت إيقاعاته، وغدا الحليم حيرانا! غير انه لا يجب لأقلامنا ان تستسلم؛ خاصة ان امتنا أمام تحديات لا ترحم، ووطننا يحتاج كل رأي جاد وموضوعي بعيدا عن اي لغة لا تعجب الوجوه الدخانية التي بالكاد تعرفها حتى في وضح النهار.
نعم لن نقبل لكلماتنا ان تشيخ قبل آوانها لمجرد انقلاب مفاهيم الزمن؛ لان القادم اصعب والجهد فيه لا ينبغي ان تسوده أنانية الحاضر بعباراته المسخ "وانا مالي"،و" وفخار يكسر بعضه"، وغيرها، والحاضر يحتاج الجد والصبر والحزم والحذر، حيث لا ينبغي ان تنام عيوننا عن مررات الواقع، ولا تسكت أقلامنا عن الفساد كي لا ينام جفن لفاسد، ولا نترك لمثل هؤلاء ان يستمرأو بغيهم وكأنهم هم محور الحياة، وغيرهم أيدي تصفق وتندب، محزن منظر ذلك المتهالك الذي لا يستطيع قول كلمة الحق دون النظر في عيون سيده، والحزن يقطع الاوصال حين تسمع عن رجال لا حول لهم ولا قوة يتحلقون وينتظرون كلمة يميلون حولها ميلة رجل واحد، هذا زمان لا يجب ان يترك دون كتابة.
هذا زمن لا يترك لاوباش لا هم لهم غير الخراب والفساد، اما التطرف واتباعه فلا مجال لمهادنته، لان التسامح والإخاء يرفض وبقوة اي تطرف ومن اي جهة كانت، ولنا في قادم الايام كلام يليق في هذا المقام .
المواقف والمذكرات لا تعد ولا تحصى؛ لكني اكتشفت في هذه الاستراحة ان المصالح فوق كل شيء، وان الرجال كالعملة النادرة وهم ندرة الندرة، وان هؤلاء السقط والظلمة لا بد لهم من جولة تلو الاخرى كي يدركوا قول الشاعر:
اصبرْ على الظُّلمِ ولا تنتصرْ فالظُّلمُ مردودٌ على الظَّالمِ
وكِـــــــلْ إلى اللهِ ظلومًا فما ربِّـــــي عن الظَّالمِ بالنَّائمِ
mohamadq2002@yahoo.com

التعليقات

جميل (.) الاثنين, 02/23/2015 - 09:29

"مقالة ناقدة مستفزة تنشر في الصحف الورقية، أو لانه لم يعد للقراءة سوقها الصحيح، ولم يعد هناك من يتابع كل ما يكتب،"جميل جدا

جميل2 (.) الاثنين, 02/23/2015 - 09:31

" حيث لا ينبغي ان تنام عيوننا عن مررات الواقع، ولا تسكت أقلامنا عن الفساد كي لا ينام جفن لفاسد، ولا نترك لمثل هؤلاء ان يستمرأو بغيهم وكأنهم هم محور الحياة، وغيرهم أيدي تصفق وتندب، محزن منظر ذلك المتهالك الذي لا يستطيع قول كلمة الحق دون النظر في عيون سيده" [ldg hdqhW

جميل3 (.) الاثنين, 02/23/2015 - 09:33

"هذا زمن لا يترك لاوباش لا هم لهم غير الخراب والفساد، " جميل كذلك

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)