TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل تجوز الاستخارة بالدعاء دون صلاة ؟
19/10/2014 - 9:15pm

طلبة نيوز-

(سند بن علي بن أحمد البيضاني)

كثير ما يشكل على الناس ، هل تجوز الاستخارة بالدعاء فقط أم لابد من الصلاة ركعتين قبل الدعاء ؟ وسبب هذا الإشكال ، ما جاء في حديث الاستخارة : ((فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ )) وهذا ما يجعلهم يعزفزن عن الإكثار([1]) من الاستخارة . لذا في هذا المقالة حاولت جمع شتات ، ونسأل المولى أن يتقبلها قبولا حسنا .

ومما يبين جواز الاستخارة بالدعاء دون صلاة :

1) كما هو معلوم أن الاستخارة مبنية على كثير من الأعمال القلبية ؛كالتوكل والنية الصادقة في طلب الخيرة والاعتقاد الجازم بأن الله سيختار له خير الأمرين ، وقد تقدم التطرق إلى ذلك في دروس سابقة([2]) ، والركعتان فيها تهيئة النفس حتى يستحضر القلب بدء العمل بمقتضى التوكل ولوازمه _كالحاج عندما يتهيأ للحج بالإحرام _ ولو كانت الركعتين شرطاً أو واجبة في الاستخارة ؛ للزم من ذلك عدم لزوم التوكل وغيرها من الأمور التي تقدم ذكرها ؛ لأنها ستكون حينها من لوازم الركعتين ، وليس لوازم الاستخارة ؛ لأنها لم ترد في حديث الاستخارة . فتقديم الركعتين هي كما قال ابن أبي جمرة :
(( الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة ، فيحتاج إلى قرع باب الملك ، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة ، لما فيها من تعظيم الله ، والثناء عليه ، والافتقار إليه مآلا وحالا ))([3]) .

2) جاءت روايات أخرى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - وذُكِر فيها الدعاء دون تقييد بالركعتين وهي بمجموع طرقها ترقى إلى الحسن ([4]) .

3) عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في اللحد والشق وتكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم... قال أنس رضي الله عنه : وكان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأُرْسِل إليهما فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم . ([5])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء وقد يكون بالدعاء المعروف ، وقد يكون بطلب الخيرة .

4) كان الإمـام مالك بن أنـس : من تعظيمه لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج يحدث توضأ ولبس أحسن ثيابه ومشط لحيته ، وفي ذات مرة اجتمع عليه من أهل الحجاز والشام والعراق ليحدثهم ، قال الحسن بن أبي الربيع كنا على باب مالك بن أنس فخرج مناد ، فنادى ليدخل أهل الحجاز فما دخل إلا أهل الحجاز ، ثم خرج فنادى : ليدخل أهل الشام فما دخل إلا أهل الشام ، ثم خرج فنادى ، ليدخل أهل العراق ، فكنا آخر من دخل وكان فينا حماد بن أبي حنيفة ، فلما دخل قال:( السلام: الله ) ، وإذا مالك جالس على الفرش والخدم قيام بأيديهم المقارع ، فأومأ الناس إليه بأيديهم اسكت ، فقال : ((ويحكم أفي الصلاة نحن فلا نتكلم ؟)) ، قال فسمعت مالكاً يقول: ((أستخير الله أستخير الله)) ثلاثاً ثم قال : (( أخبرني نافع عن ابن عمر )) فحدثنا عشرين حديثاً .([6])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء .

5) قال الإمام النووي :
(( ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء )) ([7]) ، وتابع كلام الإمام النووي نقلا واستشهادا جماعة من علماء المذاهب ([8]) .

6) جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ([9]) :
(( وَرَدَ فِي الاِسْتِخَارَةِ حَالاَتٌ ثَلاَثٌ:
الأْولَى:
وَهِيَ الأْوْفَقُ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ، تَكُونُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ الاِسْتِخَارَةِ، ثُمَّ يَكُونُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ بَعْدَهَا.
الثَّانِيَةُ:
قَال بِهَا الْمَذَاهِبُ الثَّلاَثَةُ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ ([10])، إِذَا تَعَذَّرَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعًا.
الثَّالِثَةُ:
وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا غَيْرَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، فَقَالُوا: تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ أَيِّ صَلاَةٍ كَانَتْ مَعَ نِيَّتِهَا، وَهُوَ
أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ نِيَّتِهَا كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ([11]).
أَجَازَ الْقَائِلُونَ بِحُصُول الاِسْتِخَارَةِ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ ، وُقُوعَ ذَلِكَ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الأْوْقَاتِ؛ لأِنَّ الدُّعَاءَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الأْوْقَاتِ([12]).
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ فَالْمَذَاهِبُ الأْرْبَعَةُ تَمْنَعُهَا فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ صَرَاحَةً عَلَى الْمَنْعِ ([13]) ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ أَبَاحُوهَا فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، قِيَاسًا عَلَى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ ([14]) . لِمَا رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ([15]) . ووَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ([16]) فَلِعُمُومِ الْمَنْعِ عِنْدَهُمْ. فَهُمْ يَمْنَعُونَ صَلاَةَ النَّفْل فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ .... )) انتهى .

7) سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - ، هل تجوز الاستخارة بدون صلاة ركعتين, أو بدون وضوء، وهل يجوز للحائض, والنفساء أن تستخير؟ فأجاب _ رحمه الله _ :
(( نعم تستحب الاستخارة ولو بدون صلاة ، كونه يسأل ربه ويستخير ربه سواء كانت امرأة أو رجل سواء كانت حائض أو ما هي حائض كل ذلك لا بأس، لكن إذا كان بعد الصلاة يكون أفضل، تكون الاستخارة بصلاة عملاً بالسنة، فيصلي ركعتين، ثم يسأل ربه ويستخير ربه سواء رجل أو امرأة, لكن إذا كانت حائضاً أو كان الأمر مستعجلاً واستخار بدون صلاة فلا بأس، يسأل ربه والحمد لله الله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر: من الآية60)، والاستخارة دعاء، توجه إلى الله )) ([17]).

8) سُئل فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان : السؤال التالي :
صلاة الاستخارة تُصلَّى ركعتان ونقول الدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنَّ البعض يا شيخ يستخير من دون صلاة ما توجيهكم ؟
فأجاب :
)) لا بأس بذلك؛ لأن الصلاةَ سنَّة إذا تركها فلا حرجَ عليه، ولو اقتصر على الدعاء فلا بأس؛ لكنه يكون أقل. أما إذا جمع بين الصلاة والدعاء فهذا أكمل وأَعملُ بالسنّة ))([18]) .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)