TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل تحولت غايات مجلس التعليم العالي نحو " تعزيز الطبقية و والتنازل عن الحد الأدنى لمعايير الجودة "؟ ( متطلبات الجامعة مثالا)
25/07/2020 - 1:15pm

طلبة نيوز

كتب الدكتور علي العزام

طالعنا وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محيي الدين توق باخر مقابلة مع التلفزيون الأردني الجمعة الماضية "ببشرى عظيمة " : بأن هناك توجه لدى مجلس التعليم العالي توجه لاعتماد الدراسة في المساقات ذات متطلبات الكليات والجامعات عن بعد، مضيفا أن المساقات التخصصية التي يسجل لها اعداد كبيرة ستكون الكترونية.

ما هذا التوجه العظيم ؟! ما هذه العبقرية لدى مجلس التعليم العالي الموقر ؟! ما هذا التدخل السافر من مجلس التعليم العالي في تفاصيل العملية التعليمية والأكاديمية في الجامعات ؟! هل أصبحت صلاحية الخطط الدراسية في الجامعات من مهمات مجلس التعليم العالي ؟ هل تغيرت مهمات وصلاحيات المجلس من وضع السياسات العامة والاستراتيجيات إلى التدخل كيفية تدريس المساقات التعليمية ؟

والأسئلة الاهم وأولها هل أصبح مجلس التعليم العالي مجلسا " للتجهيل العالي ؟! وهنا السؤال لمعالي الوزير وأعضاء المجلس المحترمين والذين هم خريجي اعرق الجامعات العالمية في امريكا وأوروبا : لماذا وضعت الجامعات العالمية متطلبات الجامعة والمتطلبات الإجبارية وفرضتها على الطلبة في كافة التخصصات الأكاديمية ؟

في الجامعات العالمية وضعت المتطلبات الإجبارية ومتطلبات الجامعة في خطط الطلبة الدراسية ليتم تسجيل معظمها في السنة الأولى والتي يسميها البعض السنة التحضيرية فمعظم الجامعات العالمية العريقة والمرموقة لديها سنة تحضيرية يتم في صقل شخصية الطالب فكريا وثقافيا و تعزيز مهارات الاتصال اللغوية والمهارات الناعمه ( soft skills) اذا جاز التعبير لتكون مرحلة انتقالية في حياة الطالب من حياة المدرسة إلى حياة الجامعة والآفاق التوسع في الخياة بحيث تكون الجامعة المحطة الاهم نحو الحياة العملية
وتوجيه الطالب نحو التفكير الإبداعي والبحث العلمي والاعتدال الفكري والبعد عن التعصب والتطرف ولم تكن هذه المتطلبات يوما من أجل تكسب الجامعات مزيدا من الأموال على حساب جيوب الطلبة ولا هي من باب الثقافة العامة غير الضرورية....

ولا اخال كتب التكليف السامي للحكومات المتعاقبة في الجزئية المتعلقة بالتعلبم الجامعي والجامعات بتركيزها دوما على المحافظة على استقلالية الجامعات بحيث تكون " منارات علم وفكر " إلا فهما عميقا لدور وأهداف التعليم الجامعي في حياة المجتمعات وفي صقل الإنسان باكسابه المهارات وتحفيزه نحو التفكير الإبداعي والمنهجي في إطار الفكر المعتدل ....

إلا أن الحكومة ممثلة بوزير التعليم العالي يبدو أن لها رؤية أخرى لا تتطابق مع هذا الفهم بل إنها تسعى إلى قوننة و شرعنة " دكننة التعليم الجامعي " اي تحويل الجامعات إلى دكاكين لجني الأموال والرسوم وتخريج أجيال من الضعاف فكريا و سلوكيا وما تجربة جامعة ولي العهد ( جامعة الحسين التقنية) إلا أكبر دليل على أن خريجي الجامعات الاردنية تنقصهم المهارات واستراتيجيات البحث العلمي والتفكير الناقد فقد طبقت الجامعة خلال السنوات الأخيرة برنامجا تأهيلا لخريجي الجامعات الاردنية يتضمن تعزيز المهارات اللغوية ومهارات استخدام الحاسوب و المهارات الناعمه حتى وصلت إلى أن غالبية من اشتركوا في تلك الدورات انتقلوا من صفوف العاطلين عن العمل إلى صفوف العاملين ...

فلم تلك الدورات التدريبية لاكساب المتدربين معارف تخصصية وإنما كانت فقط في المهارات التي تفتقر إليها جامعاتنا لأنها في الحقيقة تتعامل مع تلك المتطلبات على أنها ترفية ومن الكماليات فيتم تخريج أطباء ومهندسين وصييدلة ومن كافة التخصصات لا يستطيع أحدهم الوقوف أمام مجموعة صغيرة للتعريف عن نفسه أو كتابة فقرة متماسكة فكريا عن أي موضع عام أو خاص ...

وفي تجربة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد التي طبقت قصريا في الجامعات الاردنية بسبب جائحة كورونا زادت المعضلة بشكل كبير واتخذت الإدارات الجامعية من هذا الظروف فرصة لجني الأموال وتعزيز موازناتها من خلال فتح شعب تدريسية التعليم المهارات اللغوية في اللغة العربية والإنجليزية لمئات الطلبة فوصلت الشعب إلى إعداد كبيرة تراوحت بين ٢٠٠ و ٣٠٠ طالب ...ولا أعتقد أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الاكرم وأعضاء مجلس التعليم العالي الأكارم قد عايشوا هذه التجربة بمآسيها وما أدت إليه من مشاكل كبيرة في جودة التعليم فحري بمجلس التعليم العالي أن يستعين لأعضاء تدريس مختصين بتدريس المهارات اللغوية للوقوف على أبعاد هذه القضية لا أن يستند في توجهاته وقراراته إلى مقترحات من بعض الإدارات الجامعية التي اخر همها الطالب وجودة التعليم ....

ان مجلس التعليم العالي في توجهه الذي أعلنه الدكتور محيي الدين توق إنما يقوم بتشريع وتقنين تدمير جودة التعليم والانحراف عن الأهداف والرسالة التي وجدت من أجلها الجامعات في بناء الطالب بشكل متوازن فكريا وسلوكيا واكسابه المهارات الضرورية للحياة وهذا لا يتأتى من خلال تغليب الجوانب المالية على الجوانب المعرفية ...

اما الجانب الآخر من المسألة والذي لا يمكن أن يستوعبه الكثيرين ومنهم اعضاء مجلس التعليم العالي بأن أحوال الطلبة المعيشية ليست مثل أحوالهم المعيشية فاحدهم يتقاضى ما لا يقل عن ٤ إلى ٥ آلاف دينار شهريا ليستطيع أن بؤمن لأبنائه متطلبات التعليم الاكتروني والذهاب إلى الحرم الجامعي بينما من التجربة العملية فإن التعليم عن بعد شكل أعباء إضافية على الأسر الأردنية من أجهزة وانترنت بمواصفات عالية الجودة مما فرص على الطلبة فاتورة شهرية ليست سهلة على معظم الأسر الأردنية التي لا يتجاوز دخلها الشهري ١٠% من دخل عضو مجلس التعليم العالي بمعدل رواتب موظفي القطاع العام والعاملين في القوات المسلحة لا يتجاوز ٥٠٠ دينار شهريا ما يعني أن العائلة اذا اشترت جهاز محمول ذكي لأحد أبنائها الدارسين في الجامعات فإنها ستجوع بقية الشهر فما بالك بالأسرة التي لديها أكثر من طالب في الجامعة...

لقد أصبح مجلس التعليم العالي مجلسا للاستثمار فمن ملف الجامعات الطبية الخاصة الذي يلفه آلاف من علامات الاستفهام ولا أدل على ذلك من إعداد العاطلين عن العمل في صفوف خريجي الطب البشري حتى أن وزير الصحة الحالي اعلن غير مرة من أن نجله الحاصل على البكالوريوس في الطب البشري منذ سنتين عاطل عن العمل ولم يستطع حتى الآن أن بجد
فرصة عمل مت يعني أن ملف هذه الجامعات له ما وراءه وما اصبح مجلس التعليم العالي الا اداه من تشريع الاستثمارات غير المطلوبة ...وها هو " المجلس " يسعى إلى تعزيز الطبقية في التعليم العالي والجامعي من خلال مفهوم من يملك المال يستطيع أن يدرس ويتخرج ومن لا يملكه فله من شاء من المعاناة والحسرة فلما كان التعليم عن بعد هو الأداة للتعليم الجامعي في ذروة أزمة كورونا ولم يكن هناك أي حاجة لذهاب الطالب إلى الحرم الجامعي كان المبرر بأن ما كان ينفقه الطالب على التنقل من سكنه إلى الجامعة يمكن أن يكون بديلا عن الإنفاق على متطلبات التعليم الاكتروني ولكن التوجه الجديد سيتطلب من الطالب توفير المتطلبات كافة معا ...

التوجه الذي أعلن عنه الدكتور توق لا اظنه يتناسب مع توجيهات جلالة الملك في أن تكون الجامعات منارات للعلم والفكر وصقل وبناء شخصية الطالب كما وانه لا يتوافق مع جودة التعليم ويبتعد كثيرا عن إكساب الطالب المهارات الأساسية اللغوية منها والتقنية إضافة إلى أنه يعزز الفروق الاجتماعية والطبقية بين الطلبة ما يجعل هذا التوجه نافذة للجامعات لتتحول إلى " دكاكين " لبيع الشهادات بمظلة قانونية تشريعية من مجلس التعليم العالي

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)